مساعد المفتي: وجوه الإنفاق يمكن أن تتعدد بين المال وغيره مما ينفع الناس

بلادنا الاثنين ١٢/يونيو/٢٠١٧ ٠٤:٣٥ ص

إعداد - أحمد بن سعيد الجرداني

أخي القارئ الكريم أختي القارئة الكريمة... في هذا اليوم المبارك من هذا الشهر العظيم نواصل الحديث عن “الإنفاق” في رحلة يرافقنا فيها مساعد المفتي العام للسلطنة فضيلة الشيخ د.كهلان بن نبهان الخروصي، وذلك من خلال البرنامج الإذاعي دين الرحمة.

قد يكون المؤمن بخيلاً!

حول السؤال الذي يقول: البعض يقول إن هناك مؤمنين بخلاء حقاً ولا ينفقون؛ لأنه ورد في الحديث أن المؤمن قد يكون بخيلاً، أهذا صحيح؟
فأجاب فضيلة الشيخ د.كهلان الخروصي قائلاً: نعم صحيح، قد يكون المؤمن بخيلاً، لكن لا يعني هذا أنه لا ينفق النفقات الواجبة عليه، ولا يعني هذا أنه لا يبادر إن كان هناك من وجوه البر والإنفاق الواجبة أو التي يظهر خيرها وعموم نفعها أنه سوف يتقاصر عن ذلك؛ لكن بخله يمكن أن يظهر في أن لا يكون مثلاً كريماً مع ضيفه.. أن لا يكون باسطاً يده لعياله وأهل بيته، ومع ذلك هو مأمور أي لم يأت الشرع بالثناء على هؤلاء، وإنما جاء الشرع لكي يبين في مقابل هذه الصفات التي وردت في هذا الحديث أن هناك صفةً لا يمكن أن يُطبَع عليها المؤمن مع أنه قد يُطبَع على خصالٍ غير حميدة كثيرة إلا أنه لا يمكن أن يُطبَع على خصالٍ أخرى، فهذه من الخصال التي ورد ذكرها في هذا السياق للتمثيل على أنها من الخصال غير الحميدة. لكن مع ذلك المسألة لا شك أن مبناها وأساسها حسن إيمان هذا المرء، ومع صدق إيمانه وحسن ظنه بربه تبارك وتعالى فإن سخاء النفس وكرم ذات اليد اللذان يدفعانه إلى أن يكون من المنفقين في وجوه الخير وفي سبيل الله عز وجل يحتاج إلى دُربَةٍ كما باقي الصفات.

أنواع الإنفاق

وحول الحديث الذي يقول عن ابن عمر قال: أصاب عمر أرضاً بخيبر فأتى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصِب مالاً قط هو أنفس عندي منها فما تأمرني به؟ قال: “إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها”، قال: فتصدق بها عمر أنه لا يباع أصلها، ولا يبتاع، ولا يُورَث، ولا يُوهَب، قال: فتصدق عمر في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، والضيف، لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يُطعِم صديقاً غير متمولٍ فيه.
يجيب فضيلة الشيخ د.كهلان الخروصي قائلاً: باختصارٍ شديدٍ هو الوقف، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أرشد عمر بن الخطاب إلى أن يجعل وجه صدقته وقفاً في سبيل الله عز وجل بحيث يُحبَس الأصل وتبقى المنفعة أو الغلة هي التي يُنفَق ريعها في وجوه البر المختلفة التي جعلها عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في هذه الرواية في الفقراء، وفي القربى، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، وفي الضيف، كما في من يتولاها -ما نسميه نحن بوكيل الوقف- أو لضيف وكيل الوقف أو صديقه.

عدم إنفاق بعض العلماء

من أوقاتهم للتفرغ لتعليم الناس

وفي سؤال حول البعض الذي يرى أن مشكلاتٍ معينة قد تكون موجودة بين الناس بسبب عدم وجود نوعٍ آخر من الإنفاق، وهو عدم إنفاق بعض العلماء من أوقاتهم للتفرغ لتعليم الناس وتثقيفهم في أمور دينهم، فكان رد فضيلة الشيخ حول هذا الموضوع بقوله: هذه النقطة تشتمل على أمرين، الأمر الأول: الإشارة إلى أن الإنفاق يكون بحسب الرزق الذي يهبه الله تعالى للعبد، بمعنى أنه لا يُشتَرط فيه أن يكون إنفاقاً من المال فقط، بل يمكن أن يكون متعدد الوجوه -وهذا عنصر من العناصر التي كنا نريد أن نتعرض لها، ونحن نتعرض لها الآن- وبالتالي فمن وهبه الله علماً فليكن إنفاقه من ذلك العلم، ومن وهبه الله تعالى صحة وعافية فليكن إنفاقه بمشاركة إخوانه فيما فيه نفعٌ للمجتمع بمقتضى ما يحتاج إلى قوةٍ بدنيةٍ، ومن وهبه الله سبحانه وتعالى جاهاً عند الناس فإنه ينبغي له أن يبذل وجهه في مصالح الناس، ومن وهبه الله سبحانه وتعالى شرفاً فإنه ينبغي أن يكون إنفاقه من هذه المنزلة التي بوأه إياها ربه تبارك وتعالى فيسعى في الإصلاح بين الناس، وفي قضاء حوائجهم وفي السعي في ذممهم.
وحول الحديث الذي يقول عن أبي هريرة -رضي الله- عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً”.
فأجاب فضيلة الشيخ قائلاً: هذا الحديث فيه من الحث والحض للناس ما لا يخفى، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبين أن ملكين يدعوان كل يومٍ للمنفق ولذلك الذي لا ينفق، فيدعوان للمنفق بالخلف، وهذا يعني أن يُخلِف الله تعالى عليه خيراً مما دفع وأعطى، ويدعوان على الممسك الذي لا ينفق والذي يتلف ما لديه في اللذات والملاهي ولا ينفقها في سبيل الله -عز وجل- وفي طرق الخير بالتلف وبعدم البركة.

المصدر: موقع القبس الإلكتروني للشيخ عبدالله القنوبي (بتصرف)