استـغلال السلطة.. ممارسة غير قانونية تستوجب الاجتثاث

بلادنا الأحد ٢١/مايو/٢٠١٧ ٠٤:٢٠ ص
استـغلال السلطة.. ممارسة غير قانونية تستوجب الاجتثاث

خاص -

يعرف استغلال النفوذ بأنه ممارسة غير قانونية تتمثل في استخدام نفوذ شخص داخل الحكومة أو إجراء اتصالات مع أشخاص من داخل السلطة للحصول على امتيازات أو معاملة تفضيلية لشخص آخر، وعادة ما يتم ذلك مقابل دفع المال، كذلك يطلق على هذا المصطلح المتاجرة بالنفوذ أو التجارة بالنفوذ ويحمل هذا المصطلح في طياته رائحة الفساد الذي قد يؤدي إلى إبطال شرعية السياسات الديمقراطية التي تتم ممارستها على عامة الناس.

إن الوعي بالحقوق والواجبات الوظيفية، والالتزام بها عملاً وقولاً، يجعلان مسألة الإضرار بالموظف مسألة صعبة إلا بطرق جائرة، والزمن سيعرِّيها وينتصر له عن طريق المطالبة قضائياً، وفي ذلك تكمن أهمية التثقيف والوعي القانوني لجميع الموظفين على مختلف مستوياتهم الوظيفية ولاسيما في ما يتعلق بشِقِّ العمل، لمعرفة الحقوق والواجبات والمحظورات والمحرمات وما ينـــــــتج بعدها من عقوبات، فكل ذلك يَحُدُّ كثيراً من العبث الإداري عند أصحاب النفـــــــوس الضعيفة فبسبب ضعف الوعي القانوني وقع البعض ضحية استغلال لسوء أخلاق من له سلطة عليه في دائرة عمله.

ومن ذلك يمكن القول إن استغلال النفوذ والسلطة تعتبر من الأمراض الإدارية الرئيسة التي تستــــــحق تسليط الضوء عليها لمعالجتها والحــــــد من انتشارها وصورها التي تتمثل في الإضرار والظلم والإقصاء والانتقام، فمن المعلوم أن الإساءة هي خلاف الإحسان في اللغة، وفي استعمال الفقهاء يقصد بها الضرر والإضرار والظلم والانتقام.
وحول هذه الظاهرة يقول د. محمود بن مبارك السليمي الملحق الثقافي في السفارة العمانية في أبو ظبي: حين تسند المسؤولية إلى الإنسان فإنه إما أن يكون جديرا بها ونالها بناء على معايير واعتبارات في الاختيار، وإما أن يكون قد حصل عليها خارج نطاق الكفاءة والمنافسة الشريفة، فينبغي على صاحب القرار أن يضع في حسبانه عند اختيار أي مسؤول أن يكون جديرا بمسؤوليته أمانة وكفاءة وإخلاصا وفهما لطبيعة هذه المسؤولية فإن سارت الأمور على هذه الحال فلا شك أن من يلي الأمر لن يكون بحاجة ماسة إلى قوانين ناظمة وأنظمة محددة ضد ظاهرة الاستغلال الوظيفي إلا بالقدر الذي تكفل به واضعو التصنيف الوظيفي فيعرف واجباته ومسؤولياته الوظيفية.
وأضاف د. السليمي: لكن مع هذه الحال فان واقع الإنسان ووسوسة الشيطان قد تدفعانه إلى التغيير في منهجه بعد أن يحصل على الأمان الوظيفي وهنا يبدأ في التجرؤ على الأنظمة شيئا فشيئا حتى يصبح استغلاله لوظيفته أمرا معتادا، وربما سبب ذلك إلى أنه لم يجد رادعا ولا محاسبا على فعلته تلك، لذا كان لابد من وجود قانون رادع يجعل من تسول له نفسه يحسب ألف حساب قبل أن يقبل على تجاوز ذلك القانون.
أما حكيمة بنت منصور الفارسية منسقة تنفيذية فتقول: استغلال النفوذ وإساءة استعمال السلطة هي ممارسة غير قانونية تتمثل في استخدام نفوذ شخص داخل نظام مؤسسات القطاع العام مستغلا النفوذ الوظيفي لتحقيق مصالح شخصية على حساب مصلحة الوطن وهي من الأمراض الإدارية التي تستحق تسليط الضوء عليها بسبب ضعف التشريعات القانونية وانتشار المحسوبية في بعض الإدارات إلى جانب الترهل الوظيفي.
وتضيف الفارسية: استغلال النفوذ يعد من أشكال الفساد التي تواجه التنمية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية وتنعكس سلبا على حاضر الوطن ومستقبله وهذا الأمر يعيدنا إلى أهمية إعادة الاعتبار لمفهوم الوظيفة العامة وتحصينها من سوء الاستخدام أو الاستغلال الذي يفضي إلى تشويه صورة المؤسسات والأجهزة ويتعارض مع أهداف القيادة، وهذا ما يوجب على المنظومات الرقابية أن تكون ذات صـــــلاحيات أوسع وإمكانات أكبر تعتمد أنظمة المحاسبة والمساءلة والشفافية والإفصاح.
ومن جانبه يقول يوسف بن عوض البلوشي معلم ومدرب تنمية بشرية: يعتبر استغلال السلطة من المظاهر المجتمعية التي شاعت وينبغي الحد منها والتثقيف عليها، كما تعتبر فئة الشباب فئة مجتمعية ينبغي الاهتمام بها وتثقيفها وغرس القيم النبيلة فيها ونزع الأفكار السلبية منها، لدورها المستقبلي الكبير في قيادة المجتمع والأخذ بيده، ومن بين الأمور التي ينبغي تثقيف الشباب بها ومحاربتها ظاهرة استغلال السلطة.
ويتابع البلوشي قوله: تعتبر هذه الظاهرة مهددة لأمن المجتمعات واستقرارها، حيث إنها تؤدي إلى تضـــــــييع الحقوق، وتعطيل القوانين، وظهور التشاحن والكراهية، وتسلط المسؤولين لأبسط الأسباب، وعدم المساواة، والاستــــــــغلال الســــــيئ للوظيفة، والتكبر، كما يفتح المجال لمشكلات مجتمعية أخرى بالظهور، وقد يؤدي إلى توظيف أفراد غير مناسبين في وظائف معينة.
وفيما يتعلق بالأنظمة والقوانين التي تسهم بشكل مباشر في الحد من هذه الظاهرة والتصدي لها يقول فيصل بن حمود الحسني من دائرة الشؤون القانونية بجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة: تصدى المشرع العماني منذ بداية فجر النهضة المباركة إلى آفة استغلال المناصب الوظيفية لتحقيق المكاسب الشخصية وذلك من خلال سن القوانين والأنظمة الكفيلة بسد الثغرات التي قد يلج الفساد من بين ثناياها أو أن تؤدي إلى إطلاق الوظيفة الحكومية على الغارب دون عقاب، فقد مرت التشريعات المتعلقة بهذا الشأن بعدة مراحل بحسب الزمان والحاجة، وصولاً إلى التشريعات الحديثة التي تحاكي دائماً المصلحة العامة، فنرى أن المشرع توسّع فيها ليصل بها إلى إيجاد أحكام سعت إلى تحقيق أكبر قدر من الحماية للمال العام، وذلك بإبعاد المسؤول الحكومي عن تحقيق مصلحة شخصية له أو لأزواجه أو لأحد أبنائه القصر عن طريق ما يجريه من معاملات تتعلق بصميم عمله الحكومي ومنها قانون حماية المال وتجنب تضارب المصالح الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 112/2011.
ويتابع الحسني قوله: إلا أن النفس البشرية قد جُبلت على حب المال، ولذا فقد يتسلل الضعف أحيانا إلى نفس المسؤول الحكومي ليُغلِّب مصلحته الشخصية على حساب المصلحة العامة، ولكن هذا الأمر لا يمكن أن يمر هكذا دون حساب أو عقاب، وإنما تطبق تجاهه القوانين المنظمة لهذا الفعل عن طريق الجهات القضائية.