استعاد ثيران الدولار المراهنين على صعوده أخيراً بعض السيطرة على السوق بعد ثلاثة أسابيع من حالات الهبوط المتواصلة. ومع ذلك، ورغم الانتعاش الذي حصل بنسبة 1 % الأسبوع الفائت، فإنّ مؤشر الدولار الأمريكي عانى من تراجعات بنسبة 1.9 % خلال الربع الأول. وربما يكون السبب في هذا الضعف الذي طال الدولار هو مجموعة من العوامل، لكن العامل الرئيسي كان الغموض وحالة عدم اليقين بخصوص الإصلاحات الضريبية. ففشل إدارة ترامب في تمرير قانون الرعاية الصحية أرخى بظلال الشك على قدرة الرئيس على الإيفاء بالوعود التي قطعها في مجال السياسات الأخرى، وقد أصبح الهاجس الأساسي لدى الأسواق هو ما إذا كان ترامب قادراً على توحيد صفوف الجمهوريين لدعم خططه الرامية إلى دعم النمو. وكانت البيانات الاقتصادية الصادرة الأسبوع الفائت متفاوتة نوعاً ما. فقد ظل مؤشر الإنفاق الشخصي (PCE) الأمريكي صامداً في فبراير، إذ ارتفع فوق مستهدف الفيدرالي عند 2 %، في حين ارتفع الدخل الشخصي 0.4 %. لكن الاستهلاك من جهة أخرى لم يكن مشجّعاً بما أن الإنفاق الشخصي الحقيقي تراجع بنسبة 0.1 % في فبراير مما يشير إلى غياب الثقة في أوساط المواطنين الأمريكيين، ولكن بما أنّ العديد من العمّال قد واجهوا تأخيراً في الحصول على مرتجعاتهم الضريبية، فإننا على الأغلب سنرى تعافياً في أرقام الإنفاق في مارس.
وقد قضى صنّاع السياسة النقدية الأسبوعين الفائتين في تذكير المستثمرين بنيّتهم الاستمرار في تشديد السياسة النقدية، مما يشير إلى أنّ مسؤولي الفيدرالي ماضون قدماً في خططهم بغضّ النظر عمّا ستحققه الإدارة الأمريكية في الجانب الخاص بالسياسة المالية.
أخيراً، لقد حان الوقت لكي يجتمع زعيما أكبر اقتصادين في العالم. فوفقاً للبيت الأبيض، فإن الاجتماع سيركّز على القضايا العالمية والإقليمية والثنائية ذات الاهتمام المشترك. وفي واقع الأمر، فإن الاجتماع سيركّز على الأرجح على العجز التجاري الأمريكي مع الصين. وما يجعل هذه القمّة أكثر تعقيداً، هو أن نيّة الرئيس الأمريكي بمعاقبة الدول المتلاعبة بعملاتها ستكون على رأس جدول أعماله. فإذا ما تصاعدت التوترات بين كلا الرئيسين، فإننا سنشهد على الأغلب موجة من العزوف عن المجازفة، وهذا الأمر لن يؤذي الدولار الأمريكي فحسب، بل سيؤذي الأسهم العالمية أيضاً.
بعد أن رفع الفيرالي الفائدة بواقع 25 نقطة أساس في مارس سجّل الدولار تدهوراً حاداً نتيجة لنظرة الأسواق إلى عملية الرفع التي اعتبرتها رفعاً متساهلاً. إذ أشارت التعديلات الطفيفة في البيان الصادر عن الفيدرالي وفي توقعاته الاقتصادية إلى أن الاقتصاد الأمريكي ما زال يمضي في المسار الصحيح، ولكن ليست هناك براهين على حصول حالة من التسارع الخارج عن السيطرة، كما أنه ليست هناك من حاجة لتسريع وتيرة التشديد. غير أنّ أحدث خطابات مسؤولي الفيدرالي بدت أكثر تشدّداً في الآونة الأخيرة، وسوف تتكشف يوم الأربعاء المقبل تفاصيل إضافية بخصوص آراء صنّاع السياسة النقدية عندما تصدر محاضر الجلسة الفائتة. ومن المتوقّع صدور هذا المؤشر المفضّل لدى المتداولين يوم الجمعة. وبعد القراءة القوية المسجّلة الشهر الفائت بواقع 250 ألف وظيفة، فإن المحللين يتوقعون انخفاض الرقم إلى 180 ألف وظيفية. وإذا أظهرت وتيرة نمو الوظائف علامات على الضعف، فقد يكون ذلك خبرا سيئاً لثيران الدولار المراهنين على ارتفاعه. ولكنني أعتقد أن نمو الأجور سيكون له دور أهم، لذلك من الأفضل امتلاك الصورة الكاملة عن تقرير الوظائف الأمريكية قبل التداول على البيانات.
كبير استراتيجي الأسواق في FXTM