الطريق إلى المصالحة المصرية - السعودية ينتظر فرصة قمة عمّان العربية

الحدث الخميس ١٦/مارس/٢٠١٧ ٠٤:٠٣ ص

القاهرة- خالد البحيري

على عكس التكهنات والتسريبات التي حفلت بها مواقع التواصل الاجتماعي بزيارة مرتقبة لوزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى القاهرة خلال انعقاد مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، في دورته الـ147، والذي استضافته بالعاصمة المصرية قبل أيام، لا تزال العلاقات بين البلدين في حالة «سكون» ولم تصدر أية تعليقات رسمية سواء من الخارجية المصرية أو نظيرتها السعودية حول الأمر.. لكن الواقع جاء ليثبت تغيب المسؤول السعودي ومعه بعض نظرائه الخليجيين أيضا عن الاجتماع، لتبدأ موجة جديدة من التحليلات تعلق آمالاً على لقاء ربما يتم على هامش القمة العربية التي تستضيفها المملكة الأردنية الهاشمية نهاية الشهر الجاري.

الأمين العام للجامعة العربية السفير أحمد أبو الغيط، قال في تصريح مقتضب لـ«الشبيبة»: إن العلاقات لا تزال على حالها، وأنه لم يتطرق خلال لقائه العاهل السعودي في قصر اليمامة منتصف نوفمبر الفائت إلى المصالحة بين البلدين، إلا أن الملك سلمان تحدث عن العلاقات بين البلدين بكل حب.

وأضاف: نأمل أن تشهد قمة عمّان تفاهمات بين الجانبين تعيد العلاقات إلى مجراها الطبيعي باعتبار القاهرة والرياض طرفان أساسيان في النظام العربي.
وردا على سؤال «الشبيبة» حول إزالة الجمود من العلاقات المصرية- السعودية قال السفير محمد العرابي وزير الخارجية المصري الأسبق ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب: العلاقات بين الشقيقتين راسخة ومتينة، وقد لعب الإعلام دوراً سلبياً فيها، وأنها في طريقها للتحسن وهناك بالفعل مؤشرات على ذلك، من ضمنها اختيار مصر كضيف شرف لمهرجان الجنادرية وتجول جلالة الملك في الجناح المصري مطلع فبراير الفائت وإشادته بالمشاركة المصرية.
وأضاف: من الأفضل ترك مسألة استعادة العافية للعلاقات الثنائية للدبلوماسية الهادئة بعيداً عن أية تراشقات أو تحليلات إعلامية لا تخدم مسار «لم الشمل» العربي، فالكثير من الكتاب والمحللين ليسوا على دراية بالصورة الكافية للتحدث في هذا الشأن، والخلاف بين البلدين لا يعدو كونه تباينا في الرؤى والخيارات التي من حق كل دولة تبنيها، أو العمل عليها، وموقفنا من القضية السورية مثلا قديم ومعلن ولم يكن فيه أي جديد، ومن مصلحة القضية السورية أن يحدث تفاهم وتلاقى أو اتفاق على الحد الأدنى الذي يلبي طموحات السوريين.
وأردف: لا يمكن اختصار العلاقات بين بلدين بحجم مصر والسعودية في خلاف على ملف سياسي من ضمن عشرات الملفات التي تتماس فيها الرؤى العربية كل يوم، لدينا استثمارات سعودية جيدة للغاية، وقوى عاملة مصرية تلقى كل العناية والترحيب من جانب السعودية قيادة وشعبا، وتبادل ثقافي وعلمي على أعلى مستوى، وهو ما يطمئن أي متابع للعلاقات بين البلدين ويؤشر إلى أن ما يحدث الآن هو «سحابة صيف» سرعان ما ستمر وتعود المياه إلى مجاريها.
وتعد المصالحة المصرية - السعودية بحسب نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية د.مختار غباشي، خياراً استراتيجياً لكلا الطرفين باعتبارهما قطبي السياسة الخارجية العربية، في العقود الأخيرة بعد سقوط العراق ومن بعدها سوريا وليبيا أيضا، ومن ثم فإن خيار المصالحة بين البدين الكبيرين أمر حتمي.
ويتضح جلياً من استعراض المحطات الرئيسية للعلاقات بين الطرفين أن الخلاف بمثابة نقطة في بحر من التوافق العام على التحركات في سبيل تحقيق مصالح القضايا العربية في الخارج، ولم يمنع الخلاف السعودي مع مصر خلال فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في فترة معينة إلى قطيعة بل سرعان ما عادت السعودية إلى وفاق تام مع مصر وظهر ذلك جلياً بالموقف السعودي في أعقاب إعلان مصر الحرب على إسرائيل، عندما قررت المملكة ولأول مرة في التاريخ استخدام سلاح النفط للضغط على القوى الغربية التي حسمت أمرها للوقوف صفا واحد إلى جانب الكيان الصهيوني مما عزز بدوره الموقف العربي ومن ثم المصري.
وتوقع د. غباشي أن تكون قمة الأردن بمثابة الفرصة السانحة لتضميد الجراح ووأد الفتنة التي أشعلتها أطراف ثالثة للوقيعة بين مصر والسعودية وسوف يعود الوئام مرة أخرى، وهذا لا يعني بالضرورة تطابق السياسات الخارجية للبلدين بل الوفاق الوظيفي البرجماتي الذي يحقق الاستقلالية والسيادة لكل دولة مع الحفاظ على «شعرة معاوية» التي توفر الحماية للمصالح المصرية والسعودية في آن واحد.