ريال مدريد ضد نابولي .. الواقعية أم الضغط المتواصل بدون أن ترمش؟

الجماهير الأربعاء ١٥/فبراير/٢٠١٧ ١٨:٣١ م
ريال مدريد ضد نابولي .. الواقعية أم الضغط المتواصل بدون أن ترمش؟

وكالات - ش
الجميع يتحدث عن نابولي الإيطالي في الوقت الحالي، الصحف ووسائل الإعلام والجماهير، الفريق الإيطالي أبهر أوروبا بنتائجه المميزة في الآونة الأخيرة وأدائه الممتع والراقي مما جعله محط اهتمام الجميع قبل مواجهة ريال مدريد الإسباني.

لكن الحديث عن معاناة الريال الليلة بشكل أكبر من الحديث عن صعوبة اللقاء على نابولي يعد أمر مجحف بحق فريق زين الدين زيدان كونه يتصدر ترتيب الدوري الإسباني وآتي من موسم سابق حقق خلاله لقب دوري أبطال أوروبا.

في ذات الوقت كل من شكك بالفريق الأبيض له مبرراته وأسبابه التي تتعلق بسوء الأداء الذي يعرف عن رجال زيدان في الآونة الأخيرة والتذبذب الواضح الحاصل في المستوى الفني.

إذاً السؤال؛ هل سيظهر الريال بنفس الشكل الذي ظهر به ضد أوساسونا وغيره من الفرق؟

من الصعب الإيقان بأن ريال مدريد سيكرر مبارياته السيئة ضد نابولي لأنه عودنا على رفع جودة أدائه حينما يواجه الفرق القوية، شاهدنا ذلك ضد أتلتيكو مدريد، إشبيلية في ذهاب كأس الملك، وفي مباريات أخرى أقل جودة مثل مواجهة برشلونة وبورسيا دورتموند، الريال تلقى هزيمة واحدة فقط دراماتيكية ضد هذه الفرق.

لكن السؤال يبقى حول كيفية مواجهة زيدان لسرعة نابولي المبهرة في بناء الهجمات سواء المرتدة أو في الثلث الأخيرة من ملعب الخصم، الفريق الإيطالي يحفظ لاعبوه بعضهم جيداً وتحركاتهم تتم بخطة واضحة المعالم، فيما يترافق معها تحرك انسيابي للكرة.
زيدان يملك حلين، الأول أن يعود إلى واقعية الموسم الماضي، الواقعية التي تعتمد على الدفاع بعشرة لاعبين بما فيهم كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما (أو ألفارو موراتا) بما يضمن تقليص المساحات تماماً أمام المنافس، وهذا الأمر سيجعله غير قادر على شن الهجمات المرتدة المنظمة كما يحب وسيوقعه رهينة لتناقل عرضي غير فعال للكرة.

ريال مدريد طبق هذا الفكر في الموسم الماضي ضد روما ذهاباً وحينها ألغى خطورة محمد صلاح وفلورينزي في استغلال المساحات، لأنه ببساطة لم يترك أمامهم مساحات لكي يستغلوها. كما طبق نفس الفكرة ضد برشلونة في إياب الليجا، وضد مانشستر سيتي الذي كان يملك انطلاقات مذهلة من دي بروين وأجويرو حينها، ثم طبقه ضد أتلتيكو مدريد في نهائي دوري الأبطال.

المسألة لا تتوقف على العمل الدفاعي، فالواقعية تعني أن الفريق يدافع كمنظومة وكتلة واحدة بدون أي تقاعس من أي لاعب حين فقدان الكرة، وحين امتلاك الكرة فإن الإعداد لبناء الهجمات يكون منظم وهادئ وغير مندفع نحو مرمى المنافس حتى لا يترك أمامه المساحات في حال فقدان الكرة مجدداً.

هذا الأسلوب يستطع زيدان الاعتماد عليه، ففي حال ساعد مهاجمو الريال بقية اللاعبين في الضغط وتقليص المساحات فهذا يعني أن كاسيميرو وكروس سيتفرغان تماماً لإغلاق العمق أمام رباعي خط الدفاع مما سيضع ميرتينز وهامسيك وكاييخون رهينة لتنظيم وسط ملعب الريال.

في ذات الوقت هناك مشكلة تؤرق زيدان هنا، لاعبوه يبدوا أنهم فقدوا الرغبة في اللعب بواقعية وتروي مع عودة مستمرة لمناطقهم من أجل اغلاق المساحات أمام المنافس طوال الدقائق التسعين، وهذا اتضح في بعض مباريات الموسم الحالي.

لذلك الحل الآخر الذي يستطيع زيدان الاعتماد عليه هو الضغط العالي، الهائل، المتواصل، بدون أن ترمش. لا يوجد فريق في أوروبا يملك سرعة وتنظيم إشبيلية في بناء الهجمات من ملعبه إلى ملعب المنافس، كما أن أتلتيكو مدريد يملك سرعة رهيبة جداً في بناء الهجمات المرتدة بتنظيم عالي.

لكن ما فعله الريال ضد الفريقين في المباريات التي تألق خلالها أنه وضعهم تحت ضغط هائل منذ الدقيقة الأولى، العمل الهجومي والحركية المتواصلة في ملعب الخصم جعلته غير قادر على الدفاع أمام منطقة جزائه، لكن الأهم كان العمل حين فقدان الكرة.

الريال كان يضغط كفريق وكتلة واحدة بدون أن يرمش حين فقدان الكرة، 3 مهاجمين يضغطون بشكل سريع وحاسم على مدافعي المنافس، وخلفهم خط وسط يطبق دفاع رجل لرجل مع لاعبي خط وسط المنافس. بذلك أصبح لاعبي المنافس غير قادرين على تنفيذ هجمة منظمة من ملعبهم باتجاه ملعب الريال بدون أن يقعوا في أحد الفخين، أن تكون الهجمة بطيئة جداً أثناء البحث عن حلول لتمرير الكرة تحت الضغط والرقابة اللصيقة، أو أن يفقدوا الكرة في مناطقهم تحت الضغط.

في ذات الوقت هناك مشكلتين تواجها زيدان في هذا الأسلوب، الأول يتعلق بمشاركة كريم بنزيما بجانب رونالدو، حينها سيفقد الريال لاعبين في عملية الضغط على المنافس في مناطقه وهذا سيجعل لاعبي خط الوسط مطالبين بالضغط بأنفسهم في وسط ملعب الخصم، وبما معناه بأن هناك مساحة ستتوفر خلف لاعبي خط الوسط سيستغلها نابولي حتماً لما يملكه من قدرات فعالة في استغلال المساحات وتناقل الكرة بسرعة رهيبة.

المشكلة الثانية أنه في حال فقد الفريق تركيزه أثناء عملية الضغط ولم يتم مراقبة أحد مفاتيح اللعب بشكل لصيق فهذا ربما يعني تلقي الهدف في الشباك لأن الضغط العالي حتى يكون فعالاً يجب أن لا يترك مجالاً للمنافس لاستلام الكرة بأريحية، وإن منحته هذه الفرصة فحينها سيكون تأثير الضغط سلبي وليس إيجابي.

شخصياً أرجح أن يعتمد ريال مدريد على الضغط العالي والمتواصل مثلما فعل ضد أتلتيكو وإشبيلية، وسيترافق ذلك مع بعض الواقعية حتى لا يستنفذ الفريق قدراته مبكراً، أي أنه سيدمج بين الأسلوبين لكنه سيكون أقرب للشكل الأول.

ما يطلب من زيدان فعله للتعامل مع مشاكل الضغط أمرين، الأول استبعاد بنزيما عن التشكيلة الأساسية، والثانية إقناع رونالدو بأن يتحرك لإغلاق المساحة مع زملائه حينما يندفعون نحو المنافس لانتزاع الكرة، بحيث لا يكون اللاعب الأقرب للكرة، لكنه اللاعب الذي يتابع مفاتيح اللعب المتواجدة حول حامل الكرة.

أهم شيء أن يقنع زيدان لاعبيه بالعمل كفريق لأن دوري أبطال أوروبا بطولة تستحق التضحية من أجلها بدنياً حتى لو كنت بطل أوروبا، وجميعنا شاهدنا ما حصل أمس حينما قرر فريق التضحية وفريق آخر اكتفى بالوقوف متفرجاً.