خاص-
أكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاجارد أنه بعد سنوات من النمو الضعيف، يتوقع صندوق النقد الدولي انتعاش النشاط الاقتصادي العالمي هذا العام، وقالت لاجارد خلال مشاركتها في المنتدى الثاني للمالية العامة في الدول العربية، إنه بعد سنوات عديدة من النمو الضعيف، يتوقع صندوق النقد الدولي انتعاش النشاط الاقتصادي العالمي هذا العام، وفي مختلف الاقتصادات المتقدمة والصاعدة على السواء.
وأضافت: «ذلك لا يعني أن الضائقة قد انتهت، فالصراعات وأسعار النفط المنخفضة ستظل تؤثران على النمو ومن ثم على الإيرادات الحكومية أيضاً. وعلى الرغم من زيادة أسعار النفط في الآونة الأخيرة، فإننا لا نتوقع عودتها إلى المستويات التي شهدناها قبل العام 2014. وهناك بالطبع مسائل متعلقة بالتطورات الجغرافية-السياسية في العديد من المناطق حول العالم، وفي مواجهة مثل هذه الأجواء من عدم اليقين، على البلدان بناء القدرة على تحمل الصدمات. والموارد العامة القوية هي إحدى الطرق لبناء مثل هذه القدرة على تحمل الصدمات. ففي الواقع، على الحكومات في هذه المنطقة والمناطق الأخرى تكثيف جهودها لإيجاد تدفقات إيرادات أقوى وأكثر استقرارا».
واعتبرت لاجارد أن الخروج من الضائقة المالية يتطلب العمل على نقاط ثلاث، أولها إصلاح السياسة الضريبية، معتبرة أن تحقيق السياسة الضريبية الشاملة يجب أن يبدأ بوضع هدف للإيرادات تتراوح مدته من خمس إلى عشر سنوات وبعد ذلك، يصبح من الضروري وضع خطة إصلاح شاملة، بهدف بناء المؤسسات على المدى الطويل بدلاً من تقديم الحلول قصيرة الأجل. وأخيراً، فإن جمع ونشر البيانات الجيدة يشكلان أهمية بالغة لصنع القرارات الجيدة.
واعتبرت أن على البلدان المصدرة للنفط، تنويع مصادر الإيرادات بعيداً عن النفط والغاز. وأكدت أنه كخطوة أولى، شرعت البلدان في تطبيق ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الضرائب الاستهلاكية – كالضرائب على التبغ والمشروبات المحلاة بالسكر. وبمرور الوقت، يمكن أن تنظر الحكومات أيضا في تحقيق إيرادات إضافية من ضرائب الدخل والممتلكات.
وتعمل بلدان الخليج، على سبيل المثال، في الوقت الحالي على تطبيق ضريبة موحدة على القيمة المضافة في العام 2018. ويمكن لهذه الجهود – التي يدعمها الصندوق من خلال المساعدة الفنية التي يقدمها – تعبئة إيرادات تتراوح بين 1% و2 % من إجمالي الناتج المحلي، مع فرض تطبيق ضريبة القيمة المضافة بمعدل قدره 5 %.
وتؤكد لاجارد أن الشفافية المالية العامة وتبادل البيانات الموثوقة يمثلان عنصرين ضروريين لرفاهية البلدان، لأنهما يؤديان إلى رفع مستوى مساءلة الحكومات ولأن بإمكانهما تعزيز قدرة اقتصاداتها على تحمل الصدمات.
أما النصيحة الثانية فتتمثل بدمج إصلاحات السياسة الضريبية وإدارة الإيرادات. وتعتبر لاجارد أن الخطوة الأساسية لتحقيق الأمر يتمثل بربط إصلاح السياسة الضريبية بإصلاح إدارة الإيرادات. و»يمكن لهذا الجهد المتزامن والمنسق أن يساعد البلدان على تجنب بعض المتاعب التي كانت فيما مضى تستغرق وقتاً طويلاً. فكان صنّاع السياسات يبدأون غالباً بوضع السياسات الضريبية الجديدة ويؤجلون النظر في مسألة القدرات الإدارية إلى وقت لاحق. ولكن ربط العنصرين معاً من البداية، سيتيح للبلدان فرصة تحقيق «قفزة» إلى مرحلة أكثر وتشرح لاجارد أن ذلك يمكن الوصول إليه عن طريق تعزيز قدرات الإدارة الضريبية في مرحلة مبكرة من عملية الإصلاح. وهو أمر ضروري لضمان الكفاءة والامتثال على السواء. وبناء على تجاربنا في البلدان الأخرى، نرى أن هناك أولويتين أساسيتين. تتمثل الأولى في تبسيط القوانين واللوائح: ولا يقتصر ذلك على القوانين المتعلقة بالمعدلات الضريبية فحسب، لكنه ينطوي أيضا على القوانين الإجرائية التي تحدد صلاحيات الهيئات الضريبية وحقوق المكلفين. وتتمثل الأولوية الثانية في تنمية المهارات البشرية والموارد الفنية لرفع مستوى الامتثال الضريبي وتحسين الخدمات المقدمة للمكلفين. وهذا هو المجال الذي يمكن أن تستفيد فيه بلادكم من الابتكارات التكنولوجية – لكي «تقفز» إلى العصر الرقمي.
وتضيف لاجارد: ومن شأن تحديث البنية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات، مثلما يجري حالياً في المملكة العربية السعودية وغيرها من البلدان، أن يسمح بتيسير قيام المكلفين بتقديم الإقرارات الضريبية ودفع الضرائب، بما في ذلك من خلال التكنولوجيا المتنقلة. وسيترتب على ذلك أيضا تحسين قدرة التحقق من الامتثال باستخدام بيانات الأطراف الثالثة. والاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي هو مثال جيد آخر في هذا الصدد، حيث ساعدت التكنولوجيا في جمع وإدارة التعريفة الخارجية المشتركة.
أما النصيحة الثالثة فتتمثل في الاستناد إلى الخبرات الدولية في الإصلاح، ومنها صندوق النقد الدولي الذي ترأسه والتي ترى لاجارد أنه يمكن أن يكون شريكاً في عملية الإصلاح.
وأكدت: «ضرورة غرس بذور اقتصاد أكثر استمرارية واحتواءً لكل شرائح المجتمع. وما تبذلونه من جهود لبناء القدرات الضريبية ضروري لتحقيق هذا الهدف. وسوف تجني اقتصاداتكم ومجتمعاتكم ثمار الإصلاح. وهذا يعني - في المقام الأول - صياغة استراتيجية شاملة تربط بين إصلاح السياسة الضريبية وإصلاح الإدارة الضريبية لتوليد إيرادات أكبر وأكثر استقراراً. وسيؤدي ذلك إلى زيادة قدرة الموارد العامة على تحمل الصدمات.