مواصلة الحياة وسط الفوضى

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٣/فبراير/٢٠١٧ ٠٤:٠٥ ص
مواصلة الحياة وسط الفوضى

تريسكا حميد

العثور على ملاذ آمن بعد الهرب من بؤرة القتال ما هو إلا البداية لكثير من اللاجئين الفارين من الحرب المدمرة في سوريا. نستكشف هنا كيف تساعد المنظمات الاجتماعية الجديدة اللاجئين على بدء فصل جديد من حياتهم.

أسفرت الحرب في سوريا عن نزوح الملايين داخلياً أو هروبهم إلى البلدان المجاورة أو بعيدًا عن الوطن، ما دفع مختلف الشركات الناشئة والمؤسسات لمساعدتهم في مواجهة مصابهم وعملية إعادة توطينهم. ومن الشائع أن يعمل الذكور في العائلات النازحة في أعمال تشهد تزاحماً عليها، فيتحولون إلى عمال يدويين وفنيين في المدن والقرى التي انتقلوا إليها. أمّا بالنسبة للنساء فالعثور على عمل يعد مسألة أكثر صعوبة، مما أدى إلى ازدياد عدد المنظمات الاجتماعية حول العالم التي تسعى إلى تمكين النساء السوريات من خلال تدريبهن على استخدام مهاراتهن لصنع منتجات مختلفة وبيعها. فيما يلي خمس من أبرز المنظمات الاجتماعية الأولى التي انطلقت نتيجة الأزمة السورية. بعض هذه المنظمات لا توظف سوى النساء، فيما تسعى الأخريات للوصول إلى أكبر عدد ممكن من السوريين النازحين واللاجئين، لمساعدتهم في مواجهة مشاق بدء حياة جديدة.

فيما يلي خمس مبادرات انطلقت لمساعدة السوريين.

1«زيت زيتون» توجد عدة مبادرات حول العالم معنية بالغذاء تسعى لجمع الأموال لصالح السوريين من مبادرة «سيريان صابر كلوب» Syrian Supper Club في لندن إلى «إيت أوفبيت» Eat Offbeat في نيويورك. «زيت زيتون» منظمة توريد طعام تم تأسيسها في مارس 2016 على يد تمارا الرفاعي في القاهرة تقدم أطباقًا سوريةً تقليديةً تطهوها مجموعة من السوريات اللاجئات تشرف عليهن لينا كساح. ويتم توصيل الطعام إلى جميع أرجاء العاصمة المصرية وتشمل قائمة الطعام أطباقًا ذات شعبية مثل التبولة والأوزي والكبة. وتعيد المنظمة الاجتماعية استثمار كل الربح الوارد من أجل شراء مكونات الطعام ودفع أجور السيدات العاملات. وتقول تمارا الرفاعي إن المنظمة «تسعى لتمكين النساء وتتيح لهن تأمين عيش كريم والإسهام في إعالة أسرهن»، وقد استغرق إطلاق هذه المبادرة حوالي الشهر حيث شاركت في البداية سبع نساء سوريات في وضع اللمسات النهائية على الوصفات.

وتضيف تمارا: أصعب الأمور في العمل بالمطبخ هو ضمان التجانس في العمل، حيث لكل امرأة ذوقها الخاص وحلولها السريعة في حال وقوع خطأ. كان علينا أن نتأكد من تقديم المذاق نفسه في كل مرة بدون أي مجال للمفاجآت بغض النظر عمن تتولى طهو الطعام».

2«سينتس أوف سيريا» Scents of Syria- هي منظمة اجتماعية مدعومة من مؤسسة كرم، وهي منظمة غير حكومية تتخذ من شيكاغو مقرًا لها. تصنع مجموعة من النساء في دمشق وحلب الصابون السوري يدويًا ويتم تصديره على متن سيارات أجرة إلى لبنان لتشحنه بعدها شركة «أرامكس» إلى بقية أرجاء العالم. يتراوح سعر لوح الصابون بين 18 و20 دولارًا وتعود الأرباح إلى النساء الخمسين اللواتي يصنعنه في حلب. ويساعد المدخول الناشئ عن الصابون في توفير أجر يتراوح بين 150 و200 دولار لكلّ امرأة في الشهر. تتولى جيهان رئاسة المنظمة، وقد انتقلت حاليًا إلى إسطنبول حيث تواصل صنع الصابون. كما ضمت لاجئين آخرين للمساعدة في العمل بينهم نجار يصنع العلب الخشبية لألواح الصابون.

3Natakallam - (نتكلم العربية) شركة ناشئة تربط بيـــن النازحين السوريين والراغبين في تعلم اللغـــة العربيـــة للحصـــول على دروس عبـــر برنامج سكايب. تؤمـــن الشركة مدخولاً قيمًا للسوريين الذيـــن انتهـــى بهم المطاف فـــي لبنـــان وتركيا وفرنسا والبرازيـــل ومصـــر وألمانيا. تأسست الشـــركة الناشئة عام 2015 على يد ألين سارة وهي أمريكيـــة من أصل لبناني تقيم في نيويورك، وتتقاضـــى «نتكلم» مبلغ 15 دولارا في الساعـــة لتعليـــم تحـــدث العربية باللهجة الشامية. ويمكن للطلاب العثور على المدرسين بمساعدة منظمات غير حكومية تصل اللاجئين الباحثين عن عمل مع «نتكلم». وتضمّ المنظمة اليوم 40 مدرسًا وتطمح لزيادة العدد إلى 100 بحلول نهاية العام. وقد لقيت هذه الخدمة المقدمة بسعر معقول رواجًا حيث يجني بعض الأساتذة ما يصل إلى 400 دولار في الشهر. وقد عقدت الشركة شراكات مع عدد من الجامعات في الولايات المتحدة بما فيها جامعات جورجتاون وديوك وكورنيل حيث يتعين على الطلاب الذين يتعلمون العربية إتمام دروس مع «نتكلم».

4«أحب سوريا» I Love Syria - مبادرة أطلقتها مصممة المجوهرات رانيا كينج في العام 2013 بعد أن زارت بعض الملاجئ في دمشق. حين التقت رانيا النازحين داخليًا الذين فقدوا منازلهم، قررت مساعدتهم في الملجأ عبر تدريبهن على تصميم وصنع المجوهرات. وتقول رانيا: «تأتي السيدات إلى منزلي كل يوم، لنجلس بغرفة المعيشة التي حولتها إلى ورشة عمل». ومع تزايد الطلب على المجوهرات، افتتحت رانيا ورشة صناعة لائقة ومكتبا في السوق القديم بدمشق. واليوم تشارك أكثر من 20 سيدة صنع المجوهرات لصالح علامة I Love Syria ويتم بيعها عبر موقع رانيا كينج على الإنترنت. ويتراوح سعر السوار بين 7 و40 دولارا ويعود 70 في المئة من الأرباح للنساء لمساعدتهن على تقاضي حوالي 250 دولاراً في الشهر لكل منهن. ويأتي الطلب على الأساور والمشغولات اليدوية من عملاء في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان ونيوزيلندا. وعلى الرغم من الانقطاع اليومي للتيار الكهربائي والتهديد المستمر تحت القصف، تقول رانيا إنها تريد «البدء في تدريب النازحات في كافة أرجاء سوريا وفي الدول الأخرى».

5«دوبارة» Dubarah - حين فرّ أحمد إدلبي من سوريا وحطّ رحاله في دبي، عانى من الاضطراب والاكتئاب مثل كثيرين من أبناء وطنه الذين يحاولون بناء حياة جديدة لهم. ولهذه الغاية أطلق في فبراير من العام 2013 موقع دوبارة الإلكتروني الذي لا يبتغي الربح ويهدف لمساعدة السوريين حول العالم عبر ربطهم مع أناس في شبكتهم. واليوم بمساعدة المتطوعين تنشط شبكة دوبارة في 15 بلدًا، حيث تعرض الإعلانات عن وظائف، وأدلة البلدان، والمنح، وفرص الاستثمار لرواد الأعمال والشركات الناشئة. أسهمت الشبكة التي تكونت من شتات اللاجئين في مساعدة أكثر من 500 ألف لاجئ سوري في 36 دولة منذ انطلاقها. وأصبح إدلبي أول سوري ينال زمالة أشوكا الكندية. وفي العام 2015 نالت دوبارة زمالة الجمعية الملكية عن تشجيع الفنون والصانعين والتجارة تقديرًا لعملها في تأمين حلول مبتكرة وخلاقة وعملية للتحديات الاجتماعية التي تفرضها الحرب في سوريا. في العام الفائت، نقلت الشركة مقرها إلى كندا حيث تواصل تقديم المساعدات للسوريين المحتاجين للعون وتجيب على شواغلهم.

متخصصة في قضايا وشؤون الشرق الأوسط