باريس - هدى الزين
ستحتفي باريس بالذكرى الثلاثين لموسيقى الراي الجزائري الذي اصبح فنا اكتسح العالم عبر نجومه وحفلاته وذلك من خلال حفلة كبرى ستقام في صالة زينيت العالمية الشهيرة في باريس التي غنى بها كبار المطربين العرب والعالميين. وسيشارك بالحفل حوالي 50 فنانا من مطربي الراي، مع فرقة موسيقية من 12 عازفا، سيكون الحفل بمناسبة الاحتفال بمرور ثلاثين عاماً على دخول موسيقى الراي الى فرنسا في فترة الثمانينات حيث أقيم حفل بسيط جداً أحياه الشاب خالد والشاب مامي والشابة الزهوانية آنذاك في دار الشباب بمنطقة بوبيني في الضواحي الباريسية منذ سنة 1986 في مهرجان ”بوبينيي الموسيقي.
وكذلك تخليدا للموسيقى والاغنية الجزائرية التي وصلت الى العالمية ووصلت الى مسارح اوربا واميركا واليابان والهند من خلال نجومها المشاهير مثل الشاب خالد والشاب مامي وفضيل ورشيد طه والشاب حسني واخرين ومن بين الأسماء التي ستشارك في الحفل الثلاثي الشاب خالد وطه رشيد وفضيل ”3.2.1 شمس”، ونجد أيضا الشاب بلال، الشاب كادير، الشاب عيسى، الشيخة ربيعة، بيونة، وأيضا سيشارك من المطربين الجدد من الراي الحديث أسماء مثل ”راينا راي”، كنزة فرح، أمين، وأيمن سرحاني وفنفاري ويونس و”الديجي فاش وان” و”ديجي اكس ماكسو اضافة لتظاهرات غنائية اخرى سينظها كل من معهد العالم العربي في باريس، إضافة إلى متحف تاريخ الهجرة، من منطقة بوبيني كانت الانطلاقة نحو العالمية كانت منطقة بوبيني قد احتضنت أغنية الراي في العاصمة الفرنسية في منتصف الثمانينات، وتحديدا في 23 يناير عام 1986 حيث نظم أول مهرجان للأغنية في ”بوبينيي”، وهذا التاريخ أرّخ لدخول اغنية الراي الجزائرية الى الساحة العالمية من أبواب فرنسا، وأعطى انطلاقته نجومها، كل من الراحلة الشيخة الريميتي والشاب خالد والشاب مامي وفضيلة وصحراوي تاريخ موسيقى الراي موسيقى (الراي) اوالراي هي كلمة مشتقة من الكلمة العربية (الرأي) والتي تعني المشورة أو النصيحة.
ويعود أصل هذه التسمية إلى ارتباط فن الراي في بداياته بمطربي الحكايات والمواويل كبار السن وكان يطلق عليهم لفظ (المشايخ) تقديرًا لمكانتهم، وكان كل ما يغنونه من كلمات تمثل حكمة الحياة يطلق عليه (الراي).
ويعود تاريخ الراي الى فترة الثلاثينات في الجزائر وتحديدا الى منطقة سيدي بن عباس، حيث يعود اصول الراي الى شيوخ الاغنية البدوية التي تغنى بها الشيخ حمادة وعبد القادر الخالدي في بداية القرن العشرين حيث كانت جل مواضيعها من المديح الديني والمشاكل الاجتماعية ابان فترة الاستعمار الفرنسي ثم انطلقت الى وهران المدينة الجزائرية الصغيرة حيث ترددت اغاني الراي التي غنت الحب والفراق واللقاء الأول على ألسنة كثير من شباب الساحل الوهراني.
وهران المدينة الجزائرية التي غنى لها الشاب خالد.
كانت فترة الاربعينيات من القرن العشرين تحوي العديد من الجنسيات، فالى جانب الفرنسيين المقيمين فيها فترة الاستعمار الفرنسي يعيش بها العرب والأمازيغ تمتلئ ايضا بالإسبانيين والمغاربة والإيطاليين واليونانيين.
حيث امتزجت ثقافات كل هؤلاء الشعوب بحكاياتهم وموسيقاهم، ومن هذه الثقافات المختلفة جميعًا في فن اغنية الراي وفي تطويرها.
حيث اخذ الراي بعد الاستقلال طابعا جديدا سواء في كلماته التي تحدثت عن طموح واحلام الجزائريين، بعد نهاية الاستعمار الفرنسي.
كما اخذت بعض الاغاني تخرج عن النطاق المألوف في المجتمع المحافظ حيث اطلق عليه (الفن الممنوع).لان كلمات الاغاني خارجة عن المألوف والحياء في المجتمع الجزائري المحافظ الا ان في بداية التسعينيات خرج الراي من محليته ىالضيقة الى فضاء العالم ووصلت اغاني الراي الى الذروة في الانتشار، عندما انتقلت اغنية الراي خارج الارض الجزائرية حين لمع بداية في فرنسا.
ويعد الشاب خالد ابن مدينة وهران والمتشبع بتراثها الفني كان أول من أخرج الأغنية من حدود الجزائر إلى فضاء الشهرة العالمية، الشاب خالد واغنية الشهيرة دي دي أطلق الشاب خالد اغنيته الشهيرة (دي دي) حين التقى بمنتجين فرنسيين اعجبهم هذا النوع الغنائي الجديد فقدموها بقوة في فرنسا ثم نشروها في كامل أوروبا، واغنية (دي دي) تاتي من كلمة عامية جزائرية تعني “ خُذ ”، هذه الاغنية أخذت شهرة واسعة لكلماتها البسيطة ولحنها الراقص.
حتى بدات تذاع في المحطات التلفزيونية الفرنسية وتغني في كل المناسبات ثم تبعها عدة اغاني اطلقها الشاب خالد واخذت طريقها الى المسارح والمهرجانات الموسيقية العالمية.
كما وصلت مبيعات البوماته الى الملايين بعدما اطلق الشاب خالد العديد من الأغاني الناجحة التي حققت شهرة عالمية، بعضها جديد كتابة وألحانا، البعض الاخر من التراث الغنائي الجزائري وتمت إعادة أدائها وصياغتها بلون ونكهة موسيقية جديدة منها: اغنية عايشة (عبد القادر يا بوعلام) ولي لدارك (إرجع إلى دارك) وهران وهران وكان رشيد طه تمكن مع شاب خالد وفضيل من جذب 16 الف شخص الى قاعة بيرسي للحفلات في باريس في ايلول 1998 في اطار حفلة «ان، دو، تروا...سوليي ».وشكلت هذه الحفلة ذروة موسيقى الراي في فرنسا في تلك الفترة التي كانت موسيقى الراي تحتل الصدارة الى جانب الروك والبوب والراب ليس في فرنسا فقط بل على الصعيد العالمي مع فنانين رئيسيين مثل شاب مامي اول مغني راب غنى في الولايات المتحدة.
اضافة الى الثنائيات العالمية التي قدمها نجوم الراي منها الثنائي الشاب مامي وستينغ، الشاب خالد وميلان فارمر.
وغنائه مع كارلوس سانتانا في سان فرانسيسكو، ومع أنريكو ماسياس في إحدى الحفلات.
وغناء الشاب خالد مع عمرو دياب بالقاهرة بمصر، كما سجلت أغنية الراي حضورها العالمي المبهر مع أغنية ”يا الرايح ” التي قدمها الثلاثي خالد، فضيل ورشيد طه وهذه الاغنية جابت القارات الخمس واعتمدت في عدد من الأفلام السينمائية وهذا النجاح الطاغي لاغنية الراي دفع العديدين من المطربين الجزائريين والمغاربة الى ان يحذو حذوه مثل الشاب مامي (محمد خليفاتي) المعروف ب”أمير الراي” ثم الشاب حسني الذي اغتالته جماعة متطرفة في 29 سبتمبر من عام 1994، فكانت حياة الشاب حسني القصيرة جدا غنية بعطاءه الغنائي، حيث أنتج أزيد من 300 أغنية، حفظت عن ظهر قلب وعلى نطاق واسع.
أغاني الراي الصاخبة وإيقاعات الالحان الحرة اصبحت موضة هذا العصر المتسارع والمختلف وقد وجد شباب الجيل الثاني من ابناء المهجر الذين يطلق عليهم اسم (بور) Les BEURS ولهم إذاعة خاصة ومحطة تلفزيونية خاصة بالجيل المهاجر وتهتم بقضاياهم واغانيهم وثقافتهم التي تجمع بين الثقافتين الغربية والشرقية.
هؤلاء الشباب من الجيل الثاني الذين يغنون بالعربية والفرنسية أغانيهم المعبرة عن واقعهم المعيشي.
ليكسروا من خلالها التعميم المسرف والخاطىء لبعض المتعصبين اليمينيين الذين يصمون الجيل المهاجر بكل صفات السوء والشر والجريمة، استطاعوا ان يوصلوا صوتهم واغانيهم الى جيل من الشباب الغربي الذي رحب بهذا اللون من الغناء الذي يمزج بين الثقافتين الغربية والشرقية.
ويحمل دفء الشرق وايقاعات القارة الافريقية الحارة التي تحرك كوامن الروح والجسد، وتتيح ان يرقص الجميع بمرح وبأجواء خالية من العنصرية والتفرقة التي يروجها بعض رجال السياسة أو المتعصبون منهم.
لقد نجح اقطاب اغنية الراي ليس على مستوى فرنسا بل العالم كله في ان يلفتوا الانظار الى ثقافتهم وابداعهم واستطاع الشاب خالد ان يحصل على كثير من الجوائز العالمية.