أخطر أنواع "المنحرفين"

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٩/يناير/٢٠١٧ ٠٤:٠٠ ص
أخطر أنواع "المنحرفين"

لميس ضيف

في لقاء لا يُنسى، ربما لفرط بشاعته، بث برنامج "كلام نواعم" قصة شابة هربت من منزلها بعد أن ضجت باغتصاب والدها الخمسيني لها! ولم تكن تلك الصدمة الوحيدة؛ بل حقيقة أن والدها قد دأب على فعلته المشينة تلك يوميا، قبل أن يذهب لصلاة الفجر في المسجد كعادته! حتى أن الأم مهيضة الجناح، التي كانت تعلم بالأمر ولكنها أضعف من أن تقاومه، لجأت لإمام المسجد لتطلب منه التدخل، لكنه لم يصدقها على الأرجح لما عرف عن زوجها من "التقوى والورع"!
في السياق نفسه؛ سمعنا قبل أيام الضجة غليان دولة جارة بعد أن تم اكتشاف سرقة 3 بلايين ونصف البليون على يد أحد المتنفذين "وهو مبلغ يفوق قدرة مخلوق على الإنفاق ولو أشعل هذه الأموال للتدفئة"، ولم ير هذا المتنفذ بأسا في فعلته تلك رغم خلفيته الملتزمة! لا أعرف لم تذكرت يومها تحذيرا نشره طالب خليجي في لندن "لينبه" من أحد ماركات الخمور "لا تشربوا هذا النوع بالذات فعليه صليب انتبهوا" قال؛ فما كان من أقرانه إلا أن "شكروه" على المعلومة، ودعوا الله أن يجزيه خيرا!
أمثلة لا عد لها عن أناس فقدوا بوصلتهم الأخلاقية رغم أنهم متشبثون بالعباءة الدينية. تتفهم أن يأتي هذا الانحراف والفساد من طلاب الدنيا الذين لا يقيمون للدين وحساب الآخرة وزنا، ولكن الفهم يستعسر إن جاءت تلك الممارسات ممن يدركون أن وراءهم يوم حساب عسير، ويعرفون أنهم سيجابهون كتاباً لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها.
إن قدرة الإنسان على خداع نفسه، وإيجاد مبررات ومخارج لأكثر الأفعال شيطانية، جديرة بالدراسة حقا، فمن يفجرون أنفسهم في المساجد، وفي الأسواق وحدائق الأطفال، لا يفعلون ذلك استخفافا بالحساب الذي ينتظرهم، بل يفعلون ذلك لقناعتهم بأنهم بسفك الدم، يضمنون موطئهم في الفردوس الأعلى!
يدفعك كل ذلك لاستحضار وفهم الآية الكريمة التي تقول (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا. الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا). وهي أكثر آية "مرعبة" في القرآن في قاموسي. لأنها تحذر من ضلال وتخبط خاص. ومن خديعة النفس للنفس، وتسلط الغريزة والمصلحة على الضمير وتطويعه. بحيث لا يفرق المرء تحت تأثيره بين الشر والخير الذي يبدر منه. ويجعله أعمى البصيرة تماما في وقت يظن فيه أنه يرى أكثر من سواه.