القاهرة – ش "البِشعَة". كلمة لازالت على جدران الشوارع المؤدية إلى وسط القاهرة. وعند السؤال عن المصطلح وانتشاره على بعض الجدران إلى جانب رقم هاتف، تكون الإجابة: "هو عبارة عن طقس عند بعض الشيوخ كي يكشفوا اللصوص".
تعد البشعة مهنة تقتصر طقوسها على عدة أشخاص في شبه جزيرة سيناء، والمناطق الريفية والشعبية في مصر، وعدد من الدول العربية.
وتعتبر «البِشعَة»، إحدى وسائل التحكيم بين المتخاصمين، خصوصاً في قضايا السرقة. فيها يحتكم المتخاصمون للنار في الفصل بينهم. ويقوم هذا الطقس على «كي» لسان المتهم بقضيب حديدي شديد السخونة، فإذا كان كاذباً سيحترق لسانه، وإن كان صادقاً فلن يصاب بسوء. ويقام هذا الطقس عند حكم متخصص يسمى «المُبَشِع»، وهو شخص يناط به تنفيذ أحكام القضاء العرفي (العشائري).
الشيخ "جلال العيادي"، من منطقة يطلق عليها اسم «كفر طهرمس»، وهي إحدى المناطق العشوائية التي تتبع محافظة الجيزة. تحدث عن تفاصيل جلسات القضاء العرفي، الذي يحتكم إليه الناس للفصل في ما بينهم، فقرار القضاء العرفي نهائي وغير قابل للنقض أو الاستئناف.
بداخل مجلسه ساد ترقب وخوف ودقات قلب تتلاحق، لكن محمد لا يتردد، وفي ثوانٍ معدودة، بأن يلعق ذلك القضيب الحديدي، الذي تم غمسه بالنار على مدار نصف ساعة، يلعقه ثلاث مرات متتالية. مضى الوقت رتيباً قبل أن يقوم محمد بإخراج لسانه من فمه أمام الحاضرين، لرؤية ما إذا كان قد أصابه الحرق أم لا!
«بريء»... هذا ما نطق به الشيخ جلال، بعد أن ألقى نظرة على لسان محمد، ولم يلحظ عليه أي تأثر جراء لعقه للقضيب الحديدي الملتهب. لترتسم بعدها البسمة على وجوه الحاضرين، بعد أن تمت تبرئة محمد من تهمة السرقة الموجهة إليه.