يا ليت ما عندنا نفط ..

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢١/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
يا ليت ما عندنا نفط ..

لميس ضيف

"لا يتعدى تعداد العرب الـ5% من سكان العالم، لكنهم يمثلون نصف الإرهابيين واللاجئين في العالم".
هذا ما قالته مجلة " الإيكونوميست" في عددها الصادر بـ1 ديسمبر 2016. وهي عبارة جرحت مشاعرنا كعرب ولكننا ندرك تماماً أنها حقيقية لا مزايدة فيها ولا تحامل.
فعلى سطح هذه الكرة الأرضية هناك 7 بلايين نسمة يتوزعون على 356 قومية ويلهجون بـ7000 لغة. ولكن مشاكل وأزمات الشرق الأوسط هي ما يتصدر الأخبار العالمية. وقلما تجد عملاً إرهابيا، سواء كان تفجيراً أو هجوماً مسلحاً، إلا وراءه جهادي ما ينتمي لحركة إسلامية ما.
أننا نكره التشدد معنا في المطارات، والتحامل علينا في الإنتاج الهوليوودي، وتأطيرنا بسوء في خطابات السياسيين. لكن من يلومهم وهو يرى صيرورة الأحداث وواقع أن 45% من العمليات الإرهابية في العالم كان وراؤها عربي في 2014 وأن 68% من الوفيات الناجمة عن الحروب والمعارك كانت من نصيب العرب!
لا أصدق أن مشكلتنا في الجينات. ورغم أن خطابات الكراهية والتطرف الديني التي تُحقن في وريد الأجيال الجديدة بدءا من المرحلة الابتدائية مسؤولة عن زرع هذا النبت الشيطاني الذي نحصده إلا أنها ليست المتهم الوحيد أيضا. فلا يمكن أن تصل أمة لما وصلنا له من انحدار لولا تآمر قوى كبرى عليها لإضعافها وتهشيمها داخليا، وتقوية غريزة البقاء فيها على حساب الفصائل الأخرى.
عندما نعود بمخيلتنا لعشر سنوات مضت، عقد من الزمان فقط، سنكتشف أن الطائفية التي تغولت في مجتمعاتنا اليوم والتهمتها لم تكن بعبعا يومها. كانت واقعا مقدراً وموقراً. ولم يكن للتكفير وللتطرف مشترون بقدر ما كان لهم تجار بضاعتهم كاسدة. كان التيار اليساري والعلماني والليبرالي حاضرا في المشهد بأفكاره. وكانت المجتمعات تمارس التدين الحقيقي القائم على المُثل والأخلاق والسلوك القويم. أما الآن فالمجتمعات ذاتها تتصارع على الهوية. وتسفك أنهار الدم بفعل الكراهية. كان الناس في صلاتهم يدعون على إسرائيل التي تحولت اليوم لعدو لا يكرهه أحد. فقد استنزفنا جهد الكراهية على بعضنا ولم يعد لدينا ما نوجهه للأعداء الآخرين.
إننا ضحية من رمي ماء النار على هويتنا فشوهها. ضحية من وضع عينيه على النفط وأموال النفط فخرج بألف حيلة وحيلة ليستلبها على هيئة صفقات إعمار أو سلاح. لقد زرعوا فينا الإرهاب ليحاربوه بمالنا. فأهم صناعاتهم هي "تجارة" الأسلحة وأكبر مسرب لميزانيات دولنا هي "شراء" الأسلحة!
نلوم أنفسنا ونلومهم. ونلوم النفط الذي كان لنعمتنا ولعنتنا. وصدق الشاعر الذي قال:
ياليت ما عندنا نفط.. قد النفط دمنا نزف..