الشراكة العربية - الهندية.. ونصيب الأسد

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٩/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
الشراكة العربية - الهندية.. ونصيب الأسد

محمد محمود عثمان

الشراكة العربية – الهندية تفرض نفسها من واقع الظروف الاقتصادية العالمية ومن منطلق المصالح المتبادلة بين الجانبين، ومدى الفرص المتاحة، ومن الذي يخرج منها بنصيب الأسد، مما كان يتطلب الاستعداد الجيد من قبل الدول العربية والمنظمات المعنية، بالمشاركة في أعمال المؤتمر، خاصة جامعة الدول العربية وغرف التجارة والصناعة العربية بما تملك من قاعدة بيانات وإحصاءات وأرقام تبين المتطلبات والاحتياجات التي لها أولويات خاصة في كل دولة،
حيث إن مؤتمر الشراكة الهندية الذي استضافته سلطنة عمان بنجاح وتنظيم جيد، شهد الكثير من أوراق العمل وعروض الاستثمار المتاحة من قبل بعض الدول المشاركة إلا أنها افتقدت إلى عروض دراسات الجدوى للمشاريع والاستثمارات المطلوب المشاركة الهندية فيها، كما افتقدت إلى الاستثمارات الهندية في المشاريع العربية التي اتسمت بالفقر الشديد، باستثناء سلطنة عمان التي استطاعت أن تخرج بنصيب الأسد من المشاركات الهندية التي بلغت نحو 3 آلاف مشروع، أما باقي الدول العربية مجتمعة فإنها قد تكون خرجت صفر اليدين إلا بعض المشاركات على استحياء، ولعل الجانب المصري من وجهة نظري من أكبر الخاسرين في هذا الشأن نظرا لحجم مصر التي كان يجب أن تمثل بأكبر مشاركة، لأن مشاركتها ضئيلة جدا وليست على مستوى الحدث، حيث لم يشارك أي من رجال الأعمال المصريين أو من غرف التجارة بأي صورة من المشاركة، وكان التمثيل فقط من وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، حيث لم تستثمر مصر هذا الحدث جيدا سواء مع الجانب الهندي أو العماني الذي يستضيف المؤتمر، وهي سوق كبير في ذات الوقت، خاصة أن مصر أكبر الدول العربية وأكثرها حاجة للاستفادة من المؤتمر لفتح منافذ جديدة للتصدير لتعزيز الصادرات وجلب العملات الأجنبية، بعد أن تم تعويم الجنيه المصري، وأصبح سعر الصرف لصالح العملات الأجنبية الأخرى، الأمر الذي يتطلب الاستفادة من تخفيض قيمته في مواجهة الدولار، ومن ثم كان من الضروري عقد صفقات للتصدير لسلطنة عُمان التي تعد من الأسواق المستهلكة الجيدة، أو توقيع صفقات واستثمارات مشتركة، ولا سيما أن عمان تستورد منتجات الخضراوات والفواكه والكثير من المواد الغذائية من مختلف دول العالم، وعلى مدار العام، ثم التنسيق الجيد مع السفارة المصرية بمسقط للاستفادة من علاقاتها ومعرفتها بالسوق خاصة مع وجود ملحق تجاري -لم نشهد بصماته أو نشاطه في هذا المؤتمر- وكذلك كان لمصر أن تسفيد من المؤتمر بطرح احتياجاتها من التكنولوجيا والاستثمارات الهندية خاصة في مجالات السياحة وصناعة الدواء والطاقة المتجددة والتقنية الجديدة وتقديم دراسات الجدوى للمشاريع والاستثمارات المطلوب المشاركة فيها، وكذلك تبادل هذه الدراسات والترويج لها على الأقل مع المشاركين في المؤتمر، وهذا ما كنا نتمناه حتى تفوز مصر بأكثر من نصيب الأسد من هذه الفاعلية المهمة، وهكذا حتى يمكن الاستفادة القصوى من هذا المؤتمر في زيادة حجم التبادل التجاري والاستثمارات بين الدول العربية والهند، مع التركيز على المجالات والقطاعات التي تتفوق فيها الهند، والإصرار على زيادة مجالات التعاون بين الجانبين، وأن يكون ذلك هو الهدف الأساسي للدول العربية والمنظمات المعنية التي تشارك في أعمال مؤتمر الشراكة العربي الهندي، وتحقيق التعاون الإيجابي في مجال تقنية المعلومات والابتكار والبحث العلمي والتكنولوجيا الحيوية، وتعزيز وتشجيع الاستثمار الفعلي فيها، حتى يمكن تطوير وتوسيع مجال التعاون الاقتصادي والعلمي والفني والتكنولوجي بين الدول العربية وجمهورية الهند، حيث تعتبر الهند في مقدمة الاقتصادات العالمية النامية التي تشهد تطورا ونموا متواصلا، وبذلك يكون ملتقى الشراكة العربية – الهندية كل عامين فرصة حقيقية للتعاون بين الجانبين يجب استثمارها جيدا لجلب كل ما هو جديد من تكنولوجيا المعلومات، ويكون ضروريا الاهتمام بالتنسيق بين الجميع في إطار الاستعدادات للمؤتمر المقبل من الآن، بإجراء دراسات موضوعية علمية للتعرف على نتائج وتوصيات المنتديات الخمس السابقة وماذا تحقق منها، وكيف نستفيد بها؟ ومعرفة الأسباب التي أدت إلى عدم تنفيذ هذه التوصيات، والعمل على تذليل الصعوبات والمعوقات التي تواجه عمليات التنفيذ حتى الآن، حتى لا تتكرر الأخطاء، وحتى يمكن التغلب على على هذه التحديات، والبحث عن الحلول والبدائل المناسبة والممكنة، ومن ثم توفير الوقت والجهد، والسير خطوة للأمام، لتحقيق ما نصبوا إليه من هذه الشراكة، التي تعد الحدث الأبرز لفتح آفاق أرحب ودفع مسيرة التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الجانبين إلى مسارات جديدة ومتنوعة قد تسهم في تنويع مصادر الدخل.