أيام أمريكا مع ترامب

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٨/ديسمبر/٢٠١٦ ٠٦:٣٧ ص
أيام أمريكا مع ترامب

إليزابيث درو

هذه ليست مدينة تعج بروح الأعياد ومع توجه الكونجرس لبدء عطلته، يوجد شعور بأن ثمة نذير شؤم يلوح في الأفق، فقد يحاول الناس تجنب مناقشة التنصيب المنتظر في 20 يناير للرئيس المنتخب دونالد ترامب، لكن لا يظل هذا الموضوع بعيداً عن النقاش لفترة طويلة.

ففي الحفل الذي أقامه البيت الأبيض الأسبوع الفائت بمناسبة عيد الميلاد للصحفيين، تساءل الصحفيون ما إذا قد يكون هذا الحفل هو الأخير من نوعه لسنوات مقبلة ومن الصعب تخيل أن ترمب، الذي لا يحب الصحافة، سيستضيف مثل هذا الحدث، ناهيك عن وقوفه إلى جانب زوجته ميلانيا لتحية كل ضيف من الضيوف كما فعل باراك وميشيل أوباما على مدار ثماني سنوات. وتندر أحد الصحفيين بأن حفل عيد الميلاد المقبل سيقام في فندق ترمب الدولي الذي افتتح مؤخرا على مقربة من البيت الأبيض وأن يدفع المدعون نظير حصولهم على المشروبات في مثل هذا الحفل عند إقامته.

ومع الأخذ في الاعتبار تقلب ترامب، ينظر الكثير إلى وزرائه من أجل العثور على إشارات تدل على توجه البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة لكن النتائج حتى الآن لا تبعث على الطمأنينة، لأسباب ليس أقلها أنه أظهر ميلا لاختيار جنرالات لإدارة وكالات مدنية – ثلاثة حتى الآن – والأكثر من ذلك أن العديد من مرشحي ترامب - في حالة موافقة مجلس الشيوخ عليهم - سيترأسون وكالات كانوا يعارضون مهمتها.
واختار ترمب بيتسي ديفوس لتكون على رأس وزارة التعليم وهي وريثة فاحشة الثراء تشتمل سيرتها الذاتية على جهود كارثية لخصخصة المدارس في ولاية ميشيجان. واختار ترمب أندي بوزدار وهو مالك سلسلة مطاعم وجبات سريعة ومن معارضي رفع الحد الأدنى للأجور إلى مستويات ملائمة للعيش أو زيادة مقابل ساعات العمل الإضافية لتولي منصب وزير العمل، إن مرشح ترمب لمنصب المدعي العام وهو عضو مجلس الشيوخ عن ولاية الآباما جيف سيسينس لا يهتم كثيرا لقوانين الحقوق المدنية أو الهجرة. ثم يأتي اختيار ترامب لبن كارسون ليترأس وزارة الإسكان والتنمية الحضرية. وكان كارسون وهو جراح أعصاب قد أيد ترمب بعد خروجه من الانتخابات التمهيدية للجمهوريين. وكارسون ليس من مؤيدي البرامج الاجتماعية أو مبادرات الإسكان العادل. وربما كان اختيار ترامب لرجل أسود لترأس تفكيك الإسكان العام الذي يدعم الأمريكيين من أصل أفريقي غطاء جيد. ولترأس وكالة حماية البيئة، اختار ترامب سكوت بروت النائب العام لولاية أوكلاهوما وهي ولاية منتجة للنفط والغاز، أما بروت فهو معارض شرس للتغير المناخي، ورفع قضايا عديدة ضد وكالة حماية البيئة.
وآخر الأنباء التي جاءت كالصاعقة هي اختيار ترمب الذي جاء بعد بحث طويل لركس تيلرسون الرئيس التنفيذي لإكسون موبيل لتولي حقبة وزارة الخارجية. وقد طور تيلرسون في صفقاته الدولية المكثفة التي عقدها والتي لا تضاهي الدبلوماسية علاقات وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي كان ترمب لطيفا معه. والأنباء التي تثير القلق أكثر هي كشف ترمب عن نيته لاختيار تيلرسون في نفس اليوم الذي قالت فيه صحيفة واشنطن بوست أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية السي. آي. إيه توصلت إلى استنتاج مثير للقلق بأن روسيا تدخلت في الانتخابات الرئاسية لمساعدة ترمب على الفوز. ويبدو أن من المحتمل جدا أن يختار ترمب جون بولتون وهو من المحافظين الجدد المتحذلقين والذي مازال يدافع عن حرب العراق ويعتقد أن الولايات المتحدة يجب عليها أن تضرب إيران بالقنابل نائبا لتيلرسون.
واختيارات ترمب المحافظة للغاية لإدارته والتي تشتمل على عدد غير طبيعي من المليارديرات لا تتوافق إطلاقا مع حملته التي قدم نفسه فيها على أنه بطل للعمال ورجل الأعمال الذي لا يحمل أيدولوجية والذي يمكنه القيام بالعمل الحكومي.
لكن الأمر استغرق يومين فقط حتى يدرك العامة أن ترمب وفر عدداً ضئيلاً جداً من الوظائف مقارنة بالعدد الذي زعم أنه تمكن من توفيره وعندما شكا رئيس نقابة العاملين في الصلب المتحدة علانية، رد ترمب الذي يعرف بعدم تحمله للنقد في مشاحنات على موقع تويتر وألقى اللوم على رئيس النقابة في فقدان الوظائف. وهذا الأسلوب لن يمر بسهولة على الكثير من الموظفين من غير العمال والذين دأب ترامب على التودد لهم خلال حملته. وقد يؤدي استخدامه المفرط لتويتر كمنصة لأعمال التنمر التي يقوم بها لنتائج عكسية.
وقد يصطدم ترامب أيضاً بمعارضة أكثر مما يتوقع في مجالات أخرى. ومع تحرك إدارته لإزالة اللوائح البيئية، فمن المحتمل أن يجد جمهورا أقوى بكثير مؤيد للهواء النظيف والمياه النظيفة أكثر مما كان يعتقد.
وقد يزداد استياء الجمهوريين –إن من المرجح حدوث ذلك- إذا لم يفصل ترمب بصورة كافية مصالحه الخاصة عن مسؤولياته العامة مما قد يسبب له الحرج. ولا يوجد شيء مثل فضيحة جيدة أو فضيحتين لتثبيط عزيمة الاتباع غير المتحمسين أصلا. ومن المفترض أن تكون حملة ترمب ضد هيلاري كلينتون قد علمته هذا الدرس.

كاتبة في ذا نيويورك ريفيو بوكس، ومؤلفة كتاب واشنطن جورنال: الإبلاغ عن فضيحة ووترجيت وسقوط ريتشارد نيكسون الصادر حديثا