بعد أكثر من شهر على بدئها أين وصلت معركة تحرير الموصل؟

الحدث الثلاثاء ٢٩/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
بعد أكثر من شهر على بدئها


أين وصلت معركة تحرير الموصل؟

مسقط – محمد البيباني

جاء الإعلان الأخير للجيش العراقي يوم أمس أن عملية تحرير الموصل قد تمتد لأكثر من ستة أشهر بمثابة الصدمة لسكان المدينة العراقية ونذيرا باستمرار معاناتهم بين مخاوف البقاء والانتظار وبين مخاطر النزوح على أبواب فصل الشتاء.

لماذا تأخر تحرير الموصل؟

سؤال يفرض نفسه على أحداث المعركة التي مر على انطلاقها أكثر من أربعين يوما، رغم التفاؤل الذي ساد في بداياتها الأولى حين أكدت مصادر عراقية أن العملية لن تستغرق أكثر من شهر على أقصى تقدير وأكثرها تشاؤما.

مدنيو الموصل هم من يدفع ثمن أي تأخير في إعادة السيطرة العراقية على المدينة الذين يعيشون بين سندان نقص المواد الغذائية في المدينة إضافة لعدم وجود ممرات إنسانية آمنة للخروج منها وحتى عدم الأمان في حال النجاة والخروج.

بدأت معركة الموصل أو كما أسماها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي «قادمون يا نينوى» في 17 أكتوبر الفائت بهجوم مشترك لقوات الأمن العراقية مع الحشد الشعبي، وقوات البيشمركة في كردستان العراق، والقوات الدولية لاستعادة السيطرة على المدينة من تنظيم داعش.
المعركة.. أين وصلت؟

تمكنت القوات الأمنية العراقية من التوغل في الساحل الأيسر لمدينة الموصل، فيما أكد قائد عسكري عراقي أن تحرير المدينة يستغرق ستة أشهر.

وقال قائد عمليات الموصل نجم الجبوري في تصريح أمس الأول الأحد، إن معركة استعادة الموصل قد تستغرق ستة أشهر لتحريرها من عصابات داعش الإرهابية وأن الذي يعيقنا هو وجود المدنيين وهذا سيؤخر تحرير المدينة.
وأضاف أن الانتصارات تتوالى لتدمير قوة داعش بالموصل، ولكن ما تزال لديهم قدرة للتحصين والمكوث في داخل المدينة والاحتماء بأكثر من مليون مدني محتجزين كرهائن.
من جانبه ذكر العقيد محمد البجاري أن عصابة داعش الإرهابية خسر خلال الساعات الماضية العديد من الأحياء السكينة في الساحل الأيسر للموصل.
وأوضح أن القوات العراقية وخاصة جهاز مكافحة الإرهاب قتل العشرات من الإرهابيين واستولى على كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة.

ممرات إنسانية
يذكر أن «لجنة الإنقاذ الدولية» غير الحكومية قد أكدت في وقت سابق أن على القوات العراقية فتح ممرات آمنة لخروج سكان الموصل نظرا لأنها غير قادرة على حماية المدنيين وخوض معارك شرسة في الوقت نفسه.

وتوقعت اللجنة في بيان أن تستمر معارك استعادة آخر معاقل تنظيم داعش في شمال البلاد حتى ربيع العام 2017، معربة عن قلقها من نفاد إمدادات السكان العالقين أو نزوحهم في ظروف خطيرة.
وقال مدير اللجنة في العراق أليكس ميلوتينوفيتش إنه «حتى مع أفضل الجهود التي تبذلها القوات العراقية لتجنيب السكان أي أذى، فإن القتال شديد جدا».
وقد فر أكثر من 70 ألف شخص منذ بدء الهجوم على الموصل في 17 أكتوبر، 30 ألفا منهم فقط هم من داخل المدينة نفسها.
وعدد النازحين أقل بكثير من توقعات الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية أخرى قبل بدء العملية.
وقالت «لجنة الإنقاذ الدولية» إن ذلك يعود في جزء منه على الأقل إلى شدة القتال الذي يجعل من عملية نزوح المدنيين والوصول مخيمات تنشأ على أطراف الموصل، خطيرة.

مخاطر الجوع
توقعت الأمم المتحدة أن يضطر 200 ألف مدني إلى ترك منازلهم في الأسابيع الأولى من أكبر عملية عسكرية يشهدها العراق منذ سنوات.

لكن عدد النازحين لم يبلغ حتى الآن إلا نحو ثلث هذا الرقم.
وقالت المنظمة الدولية للهجرة الخميس إن نحو 76 ألف شخص نزحوا من الموصل منذ بدء الهجوم.
أما أولئك الذين بقوا داخل المدينة، خوفا أو لعدم تمكنهم من المغادرة، يواجهون الخطر والعوز.
بالنسبة إلى المنظمات الإنسانية، فإن محاولة الوصول إلى الناس داخل المناطق المحررة في الموصل أصبح أمرا ملحا بشكل كبير.
واشتداد القتال والمخاطر العالية تعني فرض قيود مشددة على إيصال المساعدات.
تقول الأمم المتحدة إنها تمكنت من إيصال الغذاء إلى نحو 37 ألف شخص، لكن هؤلاء على أقصى الحدود الشرقية للمدينة. وتوضح المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في العراق إينجر ماري فينيز لوكالة فرانس برس أن «الأمن والدخول هما التحديان الكبيران».
وتضيف أن الأمر يشكل «مصدر قلق كبير لنا، لأننا نعلم أن الناس في حاجة إلى المساعدات الغذائية».
وسبق للمنظمات الإنسانية أن دعت القوات العراقية إلى فتح ممرات آمنة للمدنيين.

الشتاء قادم
تطلب الأمم المتحدة من المانحين تمويلا لتوفير الاحتياجات اللازمة لمواجهة الشتاء لنحو 1.2 مليون شخص استعدادا للسيناريو الأسوأ في حالة فرار الكثير من سكان المدينة. وفر 72 ألف شخص من الموصل حتى الآن وانخفضت درجات الحرارة حتى التجمد.

وتفرض السلطات الكردية على المدنيين الفارين البقاء في مخيمات حتى إن كان لهم أقارب في الخارج حتى يتسنى فحص الرجال للتأكد من عدم ارتباطهم بالتنظيم. وتجمع الأقارب في الخارج حاملين أغطية ووسائد.
وقال صلاح وهو ينتظر أقرباء له لأخذ الأغطية التي أحضرها معه «تساقطت الثلوج على خيمة أقاربي خلال الليل. ليس معهم أغطية كافية لذلك أحضرتها من منزلي».
وفر صلاح من الموصل إلى أربيل الخاضعة لسيطرة الأكراد وتقع على مسافة 60 كيلومترا إلى الشرق من الموصل وذلك عندما اجتاحت داعش المنطقة في يونيو 2014. وفر باقي أفراد أسرته منذ أسبوعين.

تغيير تكتيك المعركة
من جانبها قالت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية إن القادة العسكريين بالعراق يدرسون إجراء تغييرات تكتيكية في معركة الموصل. وأوضحت الصحيفة إنه قبل بدء المعركة لطرد داعش من المدينة، بعث رئيس الوزراء حيدر العبادي برسالة إلى السكان بأن يظلوا في منازلهم.

والآن، وبعد أكثر من شهر على بدء المعركة، فإن كبار القادة العسكريين العراقيين يضغطون على العبادي من أجل تغيير التكتيكات، كما يقول المسؤولون، مع تحول التقدم البسيط الذي تم إحراز نحو ثاني أكبر المدن العراقية إلى تقدم ضئيل وصعب أصبح محفوفا بالمخاطر.

ويريد القادة العسكريون من الحكومة أن تشجع سكان الموصل على الهرب من خلال عدد من ضواحي قام الجيش بتأمينهم بالفعل، كما يقولون، وبذلك يصبح الجيش حرا في استخدام المدفعية الثقيلة والقوة الجوية التي يمكن أن تسبب أذى واسعا في الأحياء المكتظة بالسكان.