حقيقة قطاع الاتصالات

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٦/نوفمبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
حقيقة قطاع الاتصالات

علي بن راشد المطاعني

البعض طالبني بكتابة مقالات عن مقاطعة شركات الاتصالات في السلطنة، كنوع من الضغط لخفض أسعار المكالمات وهي ما أُطلق عليها مقاطعة شركات الاتصالات، مما أدى ذلك إلى تهييج الرأي العام عبر مواقع وحسابات التواصل الاجتماعي، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه الفوضى الخلاقة حيث يستغل البعض الوسائل الإلكترونية لإثارة مثل هذه الزوابع دون أدلة دقيقة‏ حول الكثير من الوقائع، بل لم تكن الصورة واضحة لي كغيري من الجانب الآخر عن أي من شركات الاتصالات، إلا أنه عندما استضافت جمعية الصحفيين العمانية من خلال صالون القلم، الرئيس التنفيذي للشركة العمانية للاتصالات، أيقنتُ كغيري أن الصورة غير واضحة للرأي العام ككل عن هذا القطاع ودوره، ومساهماته، وحقيقة أسعار الخدمات التي يقدمها، لذا من الأهمية إيضاح ذلك لما تقتضيه الأمانة في إنصاف المؤسسات الوطنية وتصحيح الصورة لدى الكثيرين وفق العديد من المؤشرات المتوفرة كالآتي:
- أولاً:
الشركة العمانية للاتصالات تدرّ لخزينة الدولة منذ منحها تراخيص خدمات الاتصالات في 2004 م، حيث ساهمت عمانتل ببليون و240 مليون ريال عماني، ومع احتساب عائدات طرح الاكتتاب الأوّلي في 2005 البالغة 288 مليون ريال عماني وبيع حصة 19% في 2014 البالغة 204 ملايين ريال عماني، تكون مساهمة عمانتل بليوناً و732 مليون ريال عماني. ويخضع قطاع الاتصالات في السلطنة لمعدل ضريبي أعلى بكثير من الشركات الأخرى المدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية تبلغ 7% من الإيرادات، بل إن مساهمة شركتي عمانتل وأوريدو في صافي الأرباح، مقابل الضرائب تبلغ 46 في المئة، في حين أن مساهمة أكبر خمس شركات أخرى مدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية 13 في المئة فقط، أي أن أرباح 5 شركات بلغت 280.7 مليون ريال عماني، وكانت مساهمتها الضريبية 37.7 مليون ريال عماني، في حين بلغت أرباح شركتي عمانتل وأوريدو في العام 2015م، 156.9 مليون ريال عماني وتبلغ الضريبة المدفوعة منهما، 72.7 مليون ريال عماني، وهنا يظهر حجم مساهمة الشركتين مقارنة مع أكبر خمس شركات أخرى مدرجة في سوق مسقط للأوراق المالية.
- ثانياً:
إن قطاع الاتصالات من القطاعات المنظّمة في البلاد يشمل جهات حكومية تنظيمية وإشرافية وإدارية وشركات تنفيذية مرخّصة من الفئة الأولى تعمل بشكل مستقلّ في إدارة هذا القطاع، ولا تدار الأمور بشكل ارتجالي كما يرى البعض، فأسعار الخدمات لا تضعها شركات الاتصالات كيفما تشاء، بل تشرف عليها هيئة تنظيم الاتصالات، فهي التي تراقب أسعار الخدمات وفق جملة من الاعتبارات، والقواعد المحدّدة التي تحمي المستهلك، وتتيح المنافسة بين الشركات المرخصة لتقديم خدمات الاتصالات في السلطنة وذلك بإتاحة هامش من المرونة بين المتنافسين تتحرك فيه، والسلطنة من الدول التي سمحت لشركات إعادة بيع خدمات الاتصالات لإيجاد مناخ أكبر من المنافسة بين الشركات لخدمة المستهلكين وإثراء السوق بعروض جذابة.
فالسوق العماني يشهد تنافساً كبيراً في تقديم الخدمات بين المشغلين الرئيسيين وشركات إعادة بيع الخدمة، فضلاً عن ذلك سيتم طرح مشغل ثالث لخدمات الاتصالات مما سيثري المنافسة بشكل أكبر ويتيح مجالاً أكبر لتجويد الخدمات، فليس هناك احتكار في خدمات الاتصالات، خاصة إذا علمنا أن حجم السوق في السلطنة ليس كبيراً، فعدد السكان لا يتجاوز أربعة ملايين نسمة فقط، منهم ما يربو على مليون وثمانمئة ألف نسمة من العمالة الوافدة لديهم وسائل عديدة للاتصال منها غير القانونية وتبلغ قيمتها في السلطنة 100 مليون ريال عماني.
بل إن الإحصائيات تشير إلى أن 91% من المشتركين في خدمات الاتصالات، يستخدمون خدمات الاتصالات المدفوعة مسبقاً، ومع ذلك لا يمكن مقارنة أسعار خدمات الاتصالات في السلطنة بسوق حجمه 100 مليون نسمة، من حيث الجدوى والأسعار وخلافه. فهذه من البديهيات التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار عن عقد المقارنات في الأسعار والخدمات، فضلاً عن أن تكلفة تشغيل خدمات الاتصالات في السلطنة مرتفعة جداً للعديد من الاعتبارات منها التحديات الجغرافية والطبيعية.
الجانب الآخر أن الاستثمارات في قطاع الاتصالات بالنسبة للفرد الواحد في السلطنة، تعد ضمن الأعلى عالمياً، حيث تشير الدراسات إلى أن إجمالي استثمارات قطاع الاتصالات في المتوسط بين العامين (2005 و2007،) 360 دولاراً لكل فرد، في حين أن استثمارات الاتصالات المتنقلة 2014م، بلغت 84 دولاراً لكل فرد وفق دراسات أجرتها مكينزي، (المنظمة الدولية للتعاون الاقتصادي والتنمية)، والمرشدون العرب، واتحاد الاتصالات المتنقلة، وأناليسيس ميزون، والبنك الدولي، وتنفق الشركة العمانية للاتصالات 120 مليون ريال عماني للاستثمار في الشبكات، تعادل تقريباً معدل أرباحها وفق إحصائيات العام 2015م، وهي تمثل 25 في المئة من إيراداتها، في حين أن المعدل العالمي للإنفاق الاستثماري إلى الإيرادات يبلغ 18 في المئة في المتوسط.
ثالثاً:
إن أسعار خدمات الاتصالات في السلطنة ليست مرتفعة وفق المقاييس الدولية، ولعل الدراسات التي أجراها البنك الدولي حول قطاع الاتصالات في 2015م أكدت على أن أسعار الخدمات في السلطنة مقارنة بدول مجلس التعاون هي الأقل، والسلطنة في المركز 16 عالمياً، وأشارت دراسة أعدها مركز الإحصاء الخليجي إلى أن الأسعار في السلطنة انخفضت بنسبة 4.6%، وأشارت دراسة أخرى لهيئة تنظيم الاتصالات إلى أن السلطنة هي من أفضل الدول من حيث أسعار المكالمات الصوتية والبيانات مسبقة الدفع، كما أشارت دراسة تالية لعمانتل تبين انخفاض أسعار خدمات الاتصالات المتنقلة المحلية والدولية خلال السنوات الخمس الفائتة.
بالطبع أي خدمة عامة من الطبيعي أن تشهد تبايناً في نسبة الرضا عنها بين الجماهير رغم أن الشركة تقيس مؤشرات الرضا وتتابع خدمات المشتركين بكل شبه يومي إيماناً منها بأهمية المشترك الذي تعمل على إرضائه بكل الوسائل الممكنة.
نأمل أن نكون أكثر واقعية في الأطروحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ولا ننساق وراء بعض البيانات والمعلومات غير الدقيقة بهدف الإضرار بسمعة الشركات الوطنية ودورها ومساهمتها في المجتمع. وعلى الجانب الآخر على المشغلين والمنظمين للتوعية بخدمات الاتصالات والجهود المبذولة وطرق الاستفادة من الخدمات المتوفرة وطرق ترشيدها وتوظيف هذه الخدمات في الجوانب الهادفة.