مسقط – عبد الوهاب بن علي المجيني
أكد مدير مركز أبحاث علوم الأرض بجامعة السلطان قابوس د.صبحي جابر نصر أن فكرة مشروع الحفر الدولي في صخور افيولايت عُمان بدأت في العام 2006م وذلك من خلال أول ورشة عمل جاءت بعد زيارة الأودية وملاحظة أن مياه الأودية والمياه الجوفية وبعد قطعها لصخور الافيولايت تعمل على وجود ترسبات وتحول الصخور إلى صخور كربوناتية تعمل على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وخلال حساب كمية الامتصاص لاحظنا أن هذه الصخور تمتص ما يعادل 100 ألف طن سنويا من ثاني أكسيد الكربون.
ومن خلال طرح ذلك على العلماء وخلال زياراتهم المتكررة لجامعة السلطان قابوس تم طرح سؤال عن إمكانية هذه الصخور في المساعدة على تقليل الاحتباس الحراري، وبعدها وفي العام 2011م تم عقد ورشة عمل في جامعة السلطان قابوس وجمعت الورشة ما يقارب 70 عالما مهتما بهذا الموضوع، وبعدها عقدت ورشة أخرى في مدينة نيويورك وحضرها جميع العلماء الذين حضروا الورشة الأولى بالسلطنة، وتمت المناقشة وتحدثنا في الورشة عن عدم وضوح العملية لدينا في السلطنة من نواحي التفاعل الكيميائي وتأثيرات العملية على البيئة، فتم الاتفاق على تقديم مقترح لحفر آبار في هذه الصخور لكي نستطيع الإجابة على ذلك، ولأن عملية الحفر مكلفة جدا فقد تم تقديم مقترح إلى المؤسسات العلمية المهتمة بهذا الموضوع لتمويل المشروع واستطعنا جمع أربعة ملايين دولار لتمويل المشروع.
وأشار د. صبحي إلى أن كلفة تقليل ثاني أكسيد الكربون بالطرق المعروفة هي أربعون تريليون دولار، وهو مبلغ كبير جدا ولا تستطيع جميع دول العالم توفيره.
ولهذا أصبح هناك تركيز عالمي اليوم على أهمية هذا النوع من الصخور خاصة وأنها قد تساعد على حل المشكلة بتكلفة بسيطة.
وأضاف قائلا: ما يميز السلطنة أنها الدولة الوحيدة في العالم التي يوجد بها هذا النوع من الصخور على شكل قطاع كامل وبكميات كبيرة جدا، فهذه الصخور موجودة في مناطق ودول أخرى مثل قبرص وتركيا وكاليفورنيا وايسلدنا ولكنها لا توجد على شكل قطاع وبالكمية المتوفرة بالسلطنة لأننا نتحدث عما يقارب 70 ألف كيلو متر مكعب تقريبا من هذه الصخور.
وحول إمكانية حل مشكلة الاحتباس الحراري في العالم من خلال احتضان السلطنة لهذا المشروع وكذا استفادتها منه قال: إذا ثبت فعلا أن هذه الصخور بإمكانها امتصاص ثاني اكسيد الكربون بشكل سريع وخلال سنتين فإننا نأمل أن تكون هذه الصخور من المصادر الاقتصادية للسلطنة عن طريق تصديرها إلى الدول المهتمة بتخفيض ثاني أكسيد الكربون في العالم، ونعتقد بأنه سوف يكون هناك اتفاق عالمي في المستقبل على تخفيض ثاني أكسيد الكربون بهدف تخفيض الاحتباس الحراري بشكل عام، ولكن لا تزال الإجابة غير واضحة ولكنها سوف تتضح بعد الانتهاء من المشروع.
وإذا ثبت ذلك فسوف يتم نشر هذه الصخور على جميع المناطق المطلة على البحار ويتم توزيعها على الشواطئ لإحداث تفاعل يعمل على تخفيض ثاني أكسيد الكربون، ولذا فإنه يمكننا القول إن لهذا النوع من الصخور فوائد بيئية واقتصادية في نفس الوقت واعتقد بأننا سوف نصل إلى مرحلة تكون فيها الدول مجبرة على شراء هذا النوع من الصخور من السلطنة، وإذا لم يتم ذلك سوف تنتهي الكرة الأرضية، ونتوقع أن تكون هناك قرارات من الأمم المتحدة لتطبيق نتائج هذا المشروع بحيث أن كل دولة في العالم ستجبر على شراء هذا النوع من الصخور التي ستقوم السلطنة بإنتاجها وتصديرها سواء على شكل بودرة مطحونة أو صخور، كما هي عليها وتباع بالطن مثل الصخور الأخرى، وبعد ذلك تقوم الدول المستوردة لهذا الصخور بنشرها على شواطئها، ومن خلال هذا المشروع فالسلطنة تخطو خطوات جريئة لحل مشكلة الاحتباس الحراري عالميا والاستفادة من الصخور اقتصاديا وبيئيا والتجارب الأولية أثبتت ذلك ونأمل من المشروع أن يثبت ذلك أيضا.
تجدر الإشارة إلى أن العمل بمشروع الحفر الدولي في صخور افيولايت عُمان سوف يبدأ في منتصف نوفمبر الجاري بميزانية تصل إلى 4 ملايين دولار، وتقوم جامعة السلطان قابوس ممثلة بمركز أبحاث علوم الأرض وبالتعاون مع وزارة البلديات الإقليمية والموارد المائية بالأشراف على عملية حفر 13 بئراً تتراوح أعماقها بين 300 إلى 600 متر في ولايتي سمائل وابرا.
ويعد البرنامج مشروعا متعدد التخصصات والهويات والجنسيات، حيث يشارك فيه باحثون من مراكز أبحاث علوم الأرض والدراسات المائية والنفط والغاز بالجامعة وكلية العلوم والهندسة بالإضافة إلى نحو 40 باحثا من أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والنرويج وهولندا واليابان واستراليا وكندا وايطاليا وسويسرا والسويد.
وقد تم توفير الدعم المادي للمشروع من قبل العديد من المؤسسات والمعاهد الدولية مثل ناسا ومنظمة الحفر الدولي، وبرنامج الاستكشاف المحيطي ودعم البحث العلمي الأمريكي، والبحث العلمي الألماني والبحث العلمي الياباني والفرنسي والبحث الأوروبي، وبرنامج مراقبة الكربون الدولي.