مسقط - ش
استطاع المستشفى السلطاني تحقيق إنجاز نوعي في مجال رعاية المرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة، حيث تمكن المستشفى من الاعتناء بالمريض" خ.ع" الذي يبلغ وزنه أكثر من 350 كيلوجراماً لفترة امتدت إلى نحو 11 شهراً متواصلة على مدار 24 ساعة يومياً، وذلك من قبل طاقم طبي مكون من تخصصات طبية متعددة، هي: وحدة جراحة الجهاز الهضمي العلوي، والرعاية التمريضية، وقسم جراحة القلب والصدر، وقسم التأهيل والعلاج الطبيعي، وقسم التوجيه الاجتماعي، إلى جانب أخصائي التغذية، وهو الأمر الذي ساهم في تحسن حالته الصحية وانخفاض وزنه لأكثر من 150 كيلو جراماً، إذ يبلغ وزنه الراهن حوالي 200 كيلوجرام.
ويعزى سبب إصابة المريض بالسمنة المفرطة إلى وجود خلل في جينات جسمه، وهو ما أدى إلى ازدياد وزنه بصورة غير طبيعية، علاوة على معاناته من صعوبات في الحركة والمشي حتى تطور الأمر إلى مرحلة لم يستطع معها مغادرة محيط غرفته لمدة ستة أعوام متتالية، ما نتج عنه ازدياد وزنه وإصابته بمشاكل صحية أخرى.
عليه قام المستشفى السلطاني باستقبال المريض، حيث تم تهيئة غرفة خاصة له تلبي جميع احتياجاته وتناسب وضعه الصحي بما في ذلك معدات طبية خاصة، وكرسي متحرك، وأدوات تأهيل وعلاج طبيعي، ومرتبة نوم، وتلفزيون، وثلاجة، وحاسب آلي موصول بخدمة الإنترنت، وذلك بإشراف دائرة الشؤون الإدارية.
وخضع المريض لرعاية طبية فائقة لمدة 11 شهراً على مدار 24 ساعة يومياً، وذلك وفق برنامج علاجي مكثف؛ ففي البداية قام قسم العلاج الطبيعي والتأهيل بالمستشفى السلطاني، ممثلا بفني التأهيل والعلاج الطبيعي عثمان الرواحي، وبمساعدة وسيم أحمد فني تأهيل وعلاجي طبيعي، بإعداد خطة تأهيلية وعلاج طبيعي تستمر لمدة ستة أشهر بهدف تقوية عضلات جسم المريض وتعزيز قدرته على التوازن، وذلك باستخدام أدوات تمارين خاصة مع إجراء العلاج الطبيعي له بشكل يومي، وهو ما أسهم في تحسن عضلات الأطراف وقدرته على الوقوف بصورة جزئية على الركبتين، حتى استطاع الوقوف على قدميه بشكل كامل بعد 4 أشهر وذلك لأول مرة منذ قدومه للمستشفى، بعدها تم تمرينه على المشي لمسافات متوسطة المدى بمساعدة الحواجز الجانبية مع مراقبة نبضات القلب ومستوى ضغط الدم، فضلاً عن محاولة زيادة المسافة المقطوعة في كل يوم، كما تضمنت الخطة العلاجية مراقبة عملية تغذية المريض من حيث كمية ونوعية الغذاء والسعرات الحرارية التي تحتويها سواء كانت بالمستشفى أو المنزل، وهو الأمر الذي أسهم في انخفاض وزنه ما يزيد عن 120 كيلوجراما خلال الأشهر الثمانية الأولى، وذلك بإشراف من قبل محمد السيابي، نائب رئيس قسم التغذية بالمستشفى، وأخصائيات التغذية أميرة الناصرية، سنا اليافعية، وهذا بالتزامن مع البرنامج التأهيلي والعلاج الطبيعي.
بعدها أجريت للمريض "عملية تكميم المعدة" بواسطة المنظار الجراحي من قبل طاقم طبي من المستشفى السلطاني يترأسه د.رعد المهدي، استشاري أول جراحة الجهاز الهضمي العلوي والسمنة، بالتعاون مع أطباء التخدير والكوادر التمريضية، بحيث تم إجراء خمس فتحات صغيرة في منطقة البطن يتراوح حجمها ما بين 5 ملم - 12 ملم، بعدها تم إدخال منظار جراحي عبر الفتحات بهدف تقليص حجم المعدة بنسبة 80 % عن حجمها الفعلي، كما تم خلال العملية استئصال الغدد المسؤولة عن الإحساس بالجوع من أجل تقليل شهية المريض للطعام، وقد استغرقت عملية التنظير نحو ساعتين فقط.
وقد كان الهدف من هذا التدخل العلاجي تقليص حجم المعدة، وبالتالي جعل الفرد يشعر بإحساس الشبع والتخمة عند تناوله كميات مناسبة من الطعام، وهو ما يسهم في إنقاص وزنه في فترة زمنية مثالية.
وفيما يتعلق بجراحة الجهاز الهضمي العلوي والسمنة، أكد د.رعد المهدي أن هذا النوع من العمليات الجراحية أدخل لأول مرة إلى المستشفى السلطاني في العام 2012 م، وبمعدلات نجاح عالية تضاهي معدلاتها في الدول المتقدمة والمراكز المتخصصة في هذا المجال، وهذا مدعاة للفخر، وبرهان على قدرات وكفاءة الطاقم الجراحي، كما أغتنم هذه الفرصة لأتوجه بالشكر والتقدير للطاقم التمريضي المساعد في قسم العمليات، لاسيما رقية الجردانية، ورقية البلوشية، وأسعد الحسني، وبراين جيمس.
كذلك قدمت للمريض رعاية تمريضية فائقة، حيث أوضحت كل من أسماء الزدجالية منسقة قسم جراحة السمنة، ومساعدتها نادية الحمحامية أن مهمتهما بصفة أساسية كانت ترتكز على تنسيق ومتابعة سير الخطة العلاجية بين كافة الأقسام التي أشرفت على المريض، وتوفير الدعم المعنوي والنفسي له سواء في فترة علاجه بالمستشفى أو تواجده في المنزل.
وقالت سلمى الشرجية، مسؤولة التمريض بقسم جراحة القلب والصدر: "يعد هذا المريض أول حالة تبلغ من الوزن أكثر من 350 كيلوجراماً يتم ترقيدها في المستشفى السلطاني، لذلك كانت هنالك تحديات جمة تتمثل في توفير عناية طبية وتمريضية فائقة من جهة، وتلبية احتياجاته الشخصية الأساسية من جهة أخرى على مدار 24 ساعة، عليه قمنا بإعداد خطة من أجل توفير أقصى عناية تمريضية له بإشراف الأطباء المعالجين اشتملت على منح المريض الأدوية بالأوقات المحددة له، ومساعدته في توفير احتياجاته الشخصية، ومراقبة مؤشراته الحيوية كمستوى السكر بالدم، وقياس ضغط الدم وتركيز الأكسجين في الجسم بصفة دورية على مدى اليوم".
وأضافت سعاد الرحبية، نائبة مسؤولة التمريض بقسم جراحة القلب والصدر بأن "كافة الكوادر الطبية والتمريضية حاولت جاهدة توفير بيئة علاجية ملائمة له، وذلك عبر إضفاء جو أسري للمريض، وتوفير وسائل ترفيهية أخرى كالحاسب الآلي وجهاز تلفزيون، ناهيك عن تلبية احتياجاته الشخصية الأساسية، وهو الأمر الذي انعكس إيجاباً في استجابته للعلاج بصورة مثلى، وتحسن وضعه الصحي".
كذلك تضمن البرنامج العلاجي الاهتمام بالنواحي المعنوية للمريض، بما في ذلك تعزيز مهارات التواصل لديه مع المحيطين به والمجتمع، وتحفيزه المستمر على مواصلة البرنامج العلاجي بانتظام ودقة، إضافة إلى توفير مسند للمشي، والبحث عن داعمين بهدف توفير جهاز المشي الكهربائي للمريض، وذلك بإشراف إبراهيم الناعبي، أخصائي التوجيه الاجتماعي.
ومن جانبه ثمَّن المريض جهود وزارة الصحة، وكافة الكوادر العاملة بالمستشفى السلطاني، قائلاً: "يشرفني في البداية أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير لمعالي وزير الصحة، د.أحمد بن محمد بن عبيد السعيدي على توجيهاته في أهمية متابعة حالتي الصحية بإحدى المؤسسات الصحية المتخصصة بالسلطنة، والدكتور قاسم بن أحمد السالمي، مدير عام المستشفى السلطاني، وذلك للدعم العلاجي والمعنوي التي تلقيته من قبله على مدار فترة ترقيدي بالمستشفى السلطاني، كما أشكر خليل الخروصي، مدير دائرة الشؤون الإدارية، إلى جانب كافة الكوادر الطبية والتمريضية التي أشرفت على وضعي الصحي، وعلى رأسهم د.رعد، و د.رضا ربيع، والدكتور أحمد داود، والطاقم التمريضي وبخاصة أسماء الزدجالية، ونادية الحمحامية، وسلمى الشرجية وسعاد الرحبية، وعثمان الرواحي، وذلك لحسن المعاملة والرعاية الطبية التي قدمت لي على مدار 11 شهراً".