واشنطن – ش – وكالات
قد يختلف الكثيرون حول حجم تاثيرها على توجهات الناخب الامريكي ، لكنهم بالتاكيد يتفقون على اهمية الجاذبية الشخصية وسمات القيادة كعنصر رئيسي وهام في تحديد الاختيارات وتوجيه التفضيلات في الانتخابات الرئاسية الامريكية .
"الناخب الأميركي كان ولايزال مشدودا بالكاريزما الشخصية، والخطاب الإعلامي يصوغ صورة السياسي لا بتقديم رؤيته وموقفه وبرنامجه، بل بتحديد سماته وميزات شخصيته " ...هذا ما سجله كبار المحللين السياسيين الأميركيين، مثل الفيلسوف والمفكر الأميركي نعوم تشومسكي في قراءة نقدية قدمها خلال عام 2008، مستحضرا ملحوظة سجلتها صحيفة وول ستريت جورنال في مقال منشور على صفحتها الأولى بعنوان: "عام 2008 تراجع التركيز على القضايا الكبرى بسبب اهتمام الناخبين بالشخصية".
ترامب مندفع بلا خبرة
يعد المرشح الجمهوري دونالد ترامب ظاهرة جديدة وغير مسبوقة في الانتخابات الامريكية ، حيث يفتقد على خلاف الأغلبية من مرشحي الرئاسة الأمريكية كثيرا إلى كاريزما الشخص وكاريزما القضية .
اشبه بساحر بتسريحة شعرقديموةوشبيهة بتسريحة الفيس بريسلي, ولكن في غير زمنها ومحلها, يجعلك تجهد نفسك كثيرا في البحث عن الأسباب التي تجعل أمريكا وكأنها باتت عاجزة تماما عن إنتاج سياسيين من الطراز الجاذب.
لم يكن دونالد ترامب المتهور والمندفع الذي يفقتد الى التجربة السياسية يمتلك في البداية الصفات المطلوبة ليصبح مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الاميركية.
لكن بفضل حملة غير عادية وخطب صاخبة تلعب على وتر انعدام الامن للاميركيين في عالم متغير، تفوق هذا الملياردير النيويوركي البالغ من العمر 70 عاما على خصومه ال16 في حملة الانتخابات التمهيدية، ونسف اعرافا سياسية معمول بها.
ومزق ترامب حزبا جمهوريا لا يزال يجد صعوبة في فهم انصار مرشحه، ولا يزال لا يدري كيف يتعامل مع هذا الاعصار.
بنى ترامب ثروته في العقارات، ولم يتول اي منصب منتخب. وقبل الانطلاق في حملته، كان معروفا بابراجه والكازينوهات التي تحمل اسمه، وعمليات الطلاق في الصحافة الصفراء، وكونه نجم برنامج "ذي ابرنتيس" لتلفزيون الواقع.
لكن هذا الشعبوي اثبت انه يتمتع بعزيمة سياسية هائلة قوامها اعتداد مسرف بالنفس في ظل الشعار الذي رفعه وهو ان "يعيد لاميركا عظمتها".
عدو نفسه
اثبت المرشح ترامب بانه عدو نفسه، حيث اضر بها بتصريحاته مرارا وباعلاناته الطنانة، او بتغريداته التي يطلقها اخر الليل وتبدو كأن مراهقا اطلقها وليس شخصا يسعى الى الحصول على الرئاسة.
ولا يخاف ترامب من قول كل شيء، واحيانا اي شيء. وبغريزته الفائقة، يوجه ضربات موجعة الى نقاط الضعف مباشرة.
وتدفق آلاف الاميركيين ومعظمهم من البيض لحضور تجمعاته بعدما طمأنتهم خطبه التي يهاجم فيها السياسيين التقليديين الذين وصفهم "بالاغبياء" و"الفاسدين"، والصحافة والعولمة والمهاجرين والمسلمين.
ويقدم ترامب حلولا بسيطة لكل المشاكل المعقدة. فقد وعد في حال انتخابه، ببناء جدار على الحدود المكسيكية بكلفة ثمانية مليارات دولار تدفعها المكسيك، لمنع الهجرة غير الشرعية. كما انه مصمم على طرد 11 مليون مهاجر غير شرعي.
هيلاري ... خبرة بلا قبول
خبرة هيلاري كلينتون اهلتها لتذكر مقولة شهيرة لايليونور روزفلت زوجة الرئيس الديموقراطي الاسبق فرانكلين روزفلت "اذا ارادت النساء ممارسة السياسة لا بد ان يكون جلدهن سميكا كوحيد القرن".
سنواتها الاربع في الخارجية عززت صورتها كسيدة دولة. واكد اوباما مؤخرا "لم يكن هناك يوما رجل او امراة - لا انا ولا بيل (كلينتون)، لا احد - مؤهل اكثر من هيلاري كلينتون لرئاسة الولايات المتحدة الاميركية".
في جعبة كلينتون الاف النوادر حول التجارب التي مرت بها وتجاوزتها في العقود الاربعة التي امضتها في الحياة العامة وتقول غالبا "لدي الندوب التي تثبت ذلك".
ولا يمكن احصاء الانتقادات بالكذب والاحتيال والمحسوبية وحتى بالقتل التي وجهها اليها الجمهوريون.
وترى غالبية من الاميركيين انها غير صادقة. لكن كلينتون (68 عاما) باتت اليوم على مشارف البيت الابيض وهي اول امراة في تاريخ الولايات المتحدة تترشح عن احد الحزبين الكبيرين في هذا السباق.
وعبرت كلينتون عند قبولها ترشيح الحزب الديموقراطي لها عن "سرورها لكل الجدات والحفيدات والنساء ما بين هاتين المرحلتين".
وقالت كلينتون "انا سعيدة ايضا من اجل الاولاد والرجال لانه عندما ينهار حاجز امام البعض في الولايات المتحدة، فهو يفسح المجال امام اخرين".
نتيجة غير محسومة
قبل ايام من موعد الانتخابات الرئاسية الاميركية تعطي استطلاعات الراي نتائج متقاربة بين كلينتون وترامب، فيما يشن الديموقراطيون حملة على مدير مكتب التحقيقات الفدرالي لانه اعاد تحريك ملف الرسائل الالكترونية لكلينتون مع بدء العد العكسي.
ووصلت كلينتون الاحد الى فلوريدا الولاية المهمة جدا في السباق الى البيت الابيض. ومع انها ما زالت متقدمة على منافسها الجمهوري في هذه الولاية فان الفارق بينها وبينه تقلص الى 0،8% بحسب ريل كلير بوليتيكس التي تقدم معدلا وسطيا لجميع استطلاعات الراي.
حتى ان استطلاعا اخر نشرت نتائجه امس الاول الاحد اعطى تقدما لترامب على كلينتون في فلوريدا ب46% مقابل 42%.
على الصعيد الوطني لا تزال كلينتون متقدمة ب44،9% من نوايا التصويت مقابل 41،1% لترامب، بحسب متوسط مجمل استطلاعات الراي.
من جهته، وصف ترامب التطور الجديد في مسالة الرسائل الالكترونية بانه "اكبر فضيحة سياسية منذ ووترغيت".
وقال في تغريدة "نحن اليوم نتقدم في العديد من استطلاعات الراي وبعضها اجري قبل اعلان اعادة التحقيق في الرسائل الالكترونية لكلينتون".
اما مديرة حملته كونواي فقالت "سنفاجىء الجميع وسنربح الانتخابات".