تخبط السياسات والتفرد بالقرارات يؤثـــــران على شـــركات الأســــماك

مؤشر الأحد ٣٠/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٤٨ ص
تخبط السياسات والتفرد بالقرارات يؤثـــــران على شـــركات الأســــماك

مسقط- يوسف بن محمد البلوشي

أشار عدد من العاملين في قطاع الثروة السمكية إلى أهمية تنظيم القطاع وتحقيق القيمة المضافة فيه، مشيرين إلى أن الممارسة الحالية لا ترقى إلى حجم الثروات البحرية التي تتمتع به بحار السلطنة، في حين أكد وزير الزراعة والثروة السمكية معالي د. فؤاد بن جعفر الساجواني أن ثمة نمواً كبيراً في القطاع السمكي بالبلاد وأن الوزارة تبذل جهوداً كبيرة للتغلب على التحديات كافة التي يواجهها العاملون في هذا القطاع.

وقال معاليه في تصريح خاص لـ»الشبيبة» أن قطاع الثروة السمكية حقق نمواً في الإنتاج من المصائد الطبيعية من 157 ألف طن في سنة 2011 إلى 257 ألف طن مع نهاية العام الفائت، بزيادة قدرها 100 ألف طن وبمتوسط نمو بلغ 12.7 في المئة سنوياً، وهي مستويات نمو قياسية.

وأضاف الساجواني أن المستهدف هو الوصول إلى إنتاج 460 ألف طن بحدود سنة 2020 ونعمل جاهدين على تحقيقه، مشيراً إلى أن الانطلاقة الحقيقية للنهوض بقطاع الثروة السمكية كانت مع المباركة السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - في الاجتماع الأول للمجلس الأعلى للتخطيط في 2013.
وأوضح معاليه أن عملية النمو والارتقاء بقطاع الثروة السمكية أكثر وضوحاً من القطاعات الأخرى، حيث تبدأ من الصياد، سواء كان على متن قارب صيد أو لنج أو سفينة صيد ساحلي أو سفن الصيد التجارية، وانتهاء بالمستهلك. وبيّن أن حوالي‏ 98.5 في المئة من الإنتاج السمكي في السلطنة يتم عن طريق القوارب الصغيرة.
وأضاف الساجواني أن الوزارة تعمل على إدخال أسطول من سفن الصيد الساحلي والتجاري. ولكن هذه السفن بحاجة إلى موانئ صيد وهي لم تكن متوفرة بشكل كافٍ، مشيراً إلى أن الوزارة بدأت في بناء منظومة موانئ سيصل عددها إلى 31 ميناء بواقع ميناء صيد واحد على الأقل في كل ولاية ساحلية.

تأهيل الموانئ

وأفاد الساجواني أن الوزارة استلمت بعض هذه الموانئ مثل طاقة وبركاء والسيب والسويق، كما يتم الآن إعادة تأهيل العديد من الموانئ القائمة لأسباب مختلفة، مضيفاً أنه يتم حالياً الإعداد لمشروع ميناء الدقم السمكي ليكون أكبر ميناء من نوعه على مستوى المنطقة مع منطقة صناعات سمكية كبيرة تابعة لها وبمواصفات عالية، وذلك للاستفادة من موقع السلطنة الاستراتيجي في استقطاب السمك من دول المنطقة لمعالجتها وإعادة تصديرها وبقيمة مضافة.

عدد العمانيين في القطاع

وأكد الساجواني أن الوزارة شرعت في منح تراخيص سفن صيد حديثة وتم حتى الآن منح أكثر من 100 ترخيص، ويأمل أن يصل إلى 500 ترخيص مع نهاية الخطة الخمسية الحالية.

وأفاد الساجواني أن عدد العمانيين العاملين في قطاع الثروة السمكية يتجاوز 45 ألف، والوزارة حريصة على أن يبقى القطاع بيد أبناء الوطن لاستدامته، كما يعمل أكثر من خمسة آلاف عماني في الأنشطة المصاحبة مثل النقل والتصنيع وغيرها.

مشاكل القطاع السمكي

من جانبه، قال عضو مجلس الشورى سعادة توفيق بن عبدالحسين اللواتي إن من أهم المشاكل التي يواجهها القطاع السمكي هو التداخل في الإشراف على هذا القطاع، معلّلاً ذلك بالقول إن سوق مطرح للاسماك يتبع بلدية مسقط ومرفأ الصيد يتبع وزارة الزراعة والثروة السمكية، وكلاهما يعاني من مشاكل، حيث أن السوق له أكثر من عشر سنوات قيد البناء ولم ينجز بعد، في حين أن المرفأ يعاني من الإهمال ووزارة الزراعة والثروة السمكية تتحجج بضرورة جاهزية السوق أولاً.

وأضاف اللواتي أن في المحافظات الأخرى هناك مشكلة في بعد الموانئ عن الأسواق، كما أن تصميم الموانئ لا يخدم عمليات الصيد في معظم الأحيان.

وأشار اللواتي إلى وجود نقص في الخدمات المصاحبة كمصانع الثلج وأماكن التخزين وغيرها من الخدمات، التي تؤدي إلى وجود ممارسات خاطئة في القطاع وعدم الاستفادة المثلى من الثروة السمكية في السلطنة.

وبين اللواتي أن مهنة الصيد أصبحت لسبب أو لآخر غير مرغوبة من الشباب العمانيين، ممّا يستوجب إيجاد وسائل تحفيزية لهم، مؤكداً ضرورة ذهاب الدعم لمستحقيه وعدم ربطه بتراخيص الصيد فقط، إذ أن معظمها غير نشط أو أن أصحابها غير متفرغين لهذه المهنة.

وأكد اللواتي ضرورة دخول صناعات على الثروة السمكية تعزز القيمة المضافة منها وتوفر فرص عمل للشباب العماني، مشيراً إلى ضرورة تغيير النظرة المجتمعية نحو الصيادين حتى يكون هناك إقبال أكبر عليها.

إزدواجية الإشراف

بدوره، قال مدير عام شركة المحيطات الخمسة داؤود بن أحمد بن سيمان الوهيبي أن القطاع السمكي في السلطنة يعاني من تحديات كثيرة، منها ازدواجية الإشراف على شركات الاسماك والمصانع بين وزارة التجارة والصناعة و وزارة الزراعة والثروة السمكية، التي لديها لائحة ضبط الجودة لمصانع الأسماك.
وأضاف الوهيبي أن من ضمن التحديات التي يواجهها قطاع الثروة السمكية عدم تطور التشريعات والممارسات الفعلية، في حين تم التركيز بشكل كبير على تطوير البنية الأساسية للقطاع، والتي لن تجدي نفعاً إذا لم يتم استغلالها بشكل جيد وفي إطار قانوني وفق الممارسات العالمية يضمن تحقيق المنفعة لجميع أطراف العلاقة.

كثرة تغيير السياسات

وأفاد الوهيبي أن كثرة تغيير السياسات والتفرد في بعض القرارات من قبل وزارة الزراعة والثروة السمكية تؤثر سلباً على شركات الأسماك، إذ أنها مرتبطة بالأسواق العالمية، بالإضافة إلى الأسواق المحلية، وبالتالي يجب أن يكون هناك استقرار في السياسات حتى تستطيع هذه الشركات أن تقيم خططها السنوية والموسمية بوضوح تام وتلتزم بمسؤولياتها تجاه الزبائن بما يضمن لها تحقيق الأرباح.

وأضاف الوهيبي أنه يجب عدم التعامل مع الصيادين والشركات الصغيرة والشركات الكبيرة وفق المعيار نفسه المعتمد في السياسات والقرارات، مشيراً إلى أن لكل شركة من الشركات معطياتها، مما يتطلب مراعاة ذلك في تحديد السياسات، ومفنداَ ذلك بقرار حظر التصدير، الذي يمكن أن يكون وفقاً لنسب معينة تلتزم بها الشركات الكبيرة وليس مطلقاً. وأشار الوهيبي إلى أن قطاع الأسماك بحاجة إلى إعادة تنظيم في التشريعات وآلية الممارسة وحتى في ثقافة الاستهلاك والتوعية المجتمعية، وهذا ما يجب أن تعمل عليه الوزارة في المرحلة المقبلة.

دعم وتسهيل

إلى ذلك، قال مدير عام شركة فخر البحار للأسماك سالم بن عبدالله الفارسي أن وزارة الزراعة والثروة السمكية عملت في الفترة الأخيرة على دعم شركات الأسماك وتسهيل التراخيص والإجراءات اللازمة لعملها. واضاف الفارسي أن الأسواق أصبحت أكثر تنظيماً وكذلك المصانع، مشيراً إلى حدوث بعض الصعوبات بين الفينة والأخرى، إلا أن هناك تجاوباً جيداً من وزارة الزراعة والثروة السمكية كان آخرها السماح بتجميد أسماك الجيذر بعد أن كان ممنوعاً، وذلك نتيجة لزيادة المعروض على الطلب.
وحول التصدير للخارج، قال الفارسي إن الأسواق الخارجية تعد اكثر ربحية، إلا أن وزارة الزراعة والثروة السمكية لها رؤية في هذا الجانب بأهمية تحقيق الإكتفاء المحلي أولاً، ونحن ملتزمون بذلك ولكن نطالب في الوقت نفسه بأهمية الاستجابة السريعة لحالات الأسواق حتى لا يكون هناك ضرر بالمستهلك والتاجر معاً ولا تطغى مصلحة طرف ضد طرف آخر.
وحول مواسم الصيد، قال الفارسي إن التنظيم أمر ضروري لإكثار الأسماك والكائنات البحرية الأخرى، وقد نختلف في مدة فترات الحظر ولكن الأخير نفسه يعد أمراً جيداً للمحافظة على الحياة البحرية وتحقيق وفرة الأسماك في البحار العمانية، خصوصا أن معظم فترات الحظر هي في مرحلة الإخصاب والتكاثر للأسماك والكائنات البحرية الأخرى، كالروبيان والشارخة وغيرها.

نقص الخدمات

من جهته، أكد الصياد محمد بن سعيد بن سالم الفارسي أن الجهود التي تقوم بها وزارة الزراعة والثروة السمكية ما زالت دون المستوى المطلوب، مؤكداً أهمية وقوف الوزارة على مطالب الصيادين.

وأضاف الفارسي أن أهم التحديات التي يواجهونها كصيادين في ولاية صور تتمثل بنقص الخدمات المصاحبة في الميناء، وأهمها النقص الحاد في أعداد مراسي السفن والقوارب في الميناء الخاصة بوقوفها. وأشار الفارسي إلى أنه يوجد مصنع ثلج واحد في الميناء، وعادة لا يغطي الطلب خصوصاً في الشهور من أبريل إلى يوليو، مؤكداً أهمية توسعة المصنع أو إنشاء مصنع آخر لتغطية الطلب.
وبيّن الفارسي أن سوق الأسماك في صور رغم أنه أنشئ حديثاً وبتكلفة عالية، إلا أنه يعاني هو الآخر من نقص الخدمات كعدم التكييف والخدمات الأخرى كالتروليات وعدم وجود المواقف لسيارات الصيد والاحتياجات المرتبطة باحتياجات السوق، وكذلك عدم وجود مرخص للسوق.