حقوق براءات الاختراع الدولية هي مفتاح ضمان الحصول على الدواء

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٧/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
حقوق براءات الاختراع الدولية هي مفتاح ضمان الحصول على الدواء

روبرت فريمان

أصدرت لجنة بالأمم المتحدة مؤخرا سلسلة من التوصيات الكارثية المتعلقة بالسياسات وهي توصيات مصممة لزيادة فرص الحصول على الأدوية في البلدان النامية. وقد تجاهلت هذه اللجنة حلولا واضحة لمساعدة ثلث سكان البلدان النامية الذين يفتقرون إلى الحصول على الأدوية بشكل منتظم.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد كلف لجنة رفيعة المستوى بالأمم المتحدة بمهمة دراسة توفر الأدية وذلك من خلال إصلاح "تنافر السياسات" القائم بين حقوق الملكية الفكرية والحصول على الأدوية. وبوضع هذا التركيز في الاعتبار، قامت هذه اللجنة بشكل متوقع – وبشكل خاطئ – بالنظر في تدابير حماية حقوق الملكية الفكرية باعتبارها عائقا وليست جسرا أمام الابتكار الطبي.
إن تقويض حقوق الملكية الفكرية لن يساعد المرضى في البلدان النامية على الحصول على الأدوية.
سعت دراسة في مجال الشؤون الخارجية عام 2016 إلى تحديد ما إن كانت حماية براءات الاختراع تتسبب في زيادة أسعار الأدوية في البلدان النامية، فقامت بالبحث في نفقات الدواء على مدى أكثر من عقد من الزمن في سبعة عشر دولة تتبنى تدابير صارمة في حماية حقوق الملكية الفكرية، وقارنتها بمجموعة من الدول التي لا تتبنى قواعد قوية في هذا المجال. فوجدت أن براءات الاختراع لا تمثل الأسباب الرئيسية لارتفاع نفقات الأدوية.
وأظهرت دراسات أخرى أن حماية براءات الاختراع تلعب في الحقيقة دورا محوريا في ضمان توفر الأدوية للبلدان النامية. فقد كشف تحليل لثمانية وستين دولة على مدى الفترة من عام 1982 إلى عام 2002 أن حماية براءات الاختراع، سواء في المنتجات أو العمليات، تشجع على إطلاقات أكثر وأسرع لعلاجات جديدة في بلدان العالم النامي. وفي الآونة الأخيرة، كشفت دراسة أجريت على ستين دولة في الفترة من عام 2000 إلى عام 2013 أن براءات الاختراع هي ضرورية للحصول على عقاقير جديدة. وفي غياب وجود براءات اختراع، فمن غير المحتمل إطلاق عقاقير جديدة.
من خلال توفير تفرد وحصرية السوق لمدة محدودة من الزمن، فإن براءات الاختراع تحفز شركات الصيدلة البيولوجية على الاستثمار المحفوف بالمخاطر في إنتاج دواء جديد. ويتطلب الأمر موارد كبيرة على مدى سنوات عديدة لتطوير دواء وتوفيره بالسوق – واحتمالات وصول الدواء إلى أرفف العرض فعليا هي احتمالات منخفضة. لذلك فإن شركات الأدوية الحيوية بحاجة إلى معرفة أنها جميعا لديها فرصة كسب عائد على استثماراتها الضخمة. وبراءات الاختراع تساعد على خلق هذه الثقة.
وكما أشارت وزارة الخارجية الأمريكية بحق، "لا يمكن أن يكون هناك إمكانية للحصول على الأدوية التي لم يتم إنتاجها".
وبما أن براءات الاختراع قد مكنت الشركات من تحقيق عائدات تجارية في معظم المنتجات، فإنها قد مكنت أيضا الشركات من التخلي عن العائدات على الأدوية التي تمس الحاجة إليها في البلدان النامية. في تسعينيات القرن الفائت، شكلت صناعة الأدوية الحيوية، وهي ترى حاجة شديدة للأدوية في العالم النامي، شكلت مبادرة تسمى "الشراكة لتطوير المنتجات". وتتقاسم الشركات المنضمة لمبادرة الشراكة لتطوير الأدوية التكاليف المالية ومخاطر فشل بحوث اكتشاف وتطوير أدوية الأمراض التي ليس لها عوائد تجارية.
وهذه الشراكات تحقق نتائج حقيقية. ففي أواخر ثمانينيات القرن الفائت، لم يكن بإمكان الدول التي كانت تعاني من أوبئة الملاريا الحصول على حقن الأرتيسونات، وهو علاج متطور يستخدم لعلاج الملاريا الشديدة، وهو مقارنة بعقار الكينين القابل للحقن يقلل من معدل الوفيات بنسبة 22%. ولكن في عام 2010، أنشأت شركة عاملة في مجال الأدوية البيولوجية شراكة عرفت باسم مبادرة أدوية الملاريا بغرض توفير أكثر من 36 مليون قارورة من حقن الأرتيسونات للبلدان النامية. وقد أدى توفر هذا الدواء منذ ذلك الحين إلى إنقاذ حياة ما يقرب من 240000 شخص.
في ظل مبادرات مثل تلك المبادرات، فقد أثبتت هذه الصناعة أن لديها استعدادا للشراكة مع البلدان الفقيرة لحل المشكلات وجعل الأدوية المبتكرة أكثر توافرا. وبدلا من التركيز على براءات الاختراع، يجب على الأمم المتحدة أن تحفز مثل هذه الشراكات، وأن توفر التمويل الإضافي لها وتوسع من نطاقها.
إن الحماية القوية لحقوق الملكية الفكرية لا تخنق حصول البلدان النامية على الأدوية، ولكن ما يقلل توفر الأدوية هو التحديات التي تواجهها تلك البلدان النامية بصفة يومية، من سلاسل التوريد غير المستقرة إلى عدم وجود متخصصين في الرعاية الصحية.
كان ينبغي على هذه اللجنة التركيز على تحقيق التوازن بين احتياجات الصحة العامة والحاجة إلى ضمان ابتكار مستدام طويل الأجل. وهذا يبدأ بتقوية حقوق الملكية الفكرية وليس إضعافها.
أستاذ إدارة الصيدلة بجامعة ميريلاند بالولايات المتحدة.