«تنفيذ».. إذابة تحديات التنويع الاقتصادي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ١٨/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٤:٠٥ ص
«تنفيذ».. إذابة تحديات التنويع الاقتصادي

محمود بن سعيد العوفي
alaufi-992@hotmail.com

مما لا شك فيه أن تنويع مصادر الدخل شيء أساسي في اقتصادات الدول، ولمواجهة التحديات المستقبلية، خصوصاً في ظل تقلبات أسعار النفط لا بد من البحث عن مصادر متعددة للدخل، فالاعتماد على النفط كمصدر وحيد أو أساسي يضع الاقتصاد الوطني أمام تحديات كثيرة ومخاطر كبيرة، وبالتالي على الجهات المعنية أن تعي هذا الأمر حتى تمضي السفينة الاقتصادية قدماً في تحقيق غايات التنمية المستدامة التي تنشدها مسيرة النهضة الحديثة.

في نظرنا أن اقتصاد السلطنة قادر على النمو بقوة في ظل الظروف الراهنة إذا تكاتف الجميع كيد واحدة، بحيث يسودهم التفاؤل والثقة سواء كان من قِبل أصحاب الأعمال أو من المسؤولين، وبالتالي فمن الأهمية بمكان أن تحرص الحكومة على تطبيق سياسات موجهة لتوسعة الاقتصاد المحلي وتعزيز قوة الاقتصاد وحفظ استقراره من خلال القوانين المرنة وتسهيل الإجراءات.

وتسعى الحكومة الرشيدة جاهدة إلى إنجاح سياستها في تأسيس اقتصاد متنوع الموارد لرفع حصة القطاعات غير النفطية من الناتج المحلي الإجمالي، وقد جاء برنامج «تنفيذ» لغرض إذابة التحديات والصعوبات التي تعتري القطاع الخاص وجذب الاستثمارات، بحسب ما أكده لنا المسؤولون والمشاركون في حلقات العمل «مختبرات» بالبرنامج، ونأمل أن تكون قراراته واقعا وملموسا للنهوض بقطاعات ترفد خزينة الدولة لتقليل الاعتماد على الذهب الأسود، بالإضافة إلى مراجعة القوانين المنظمة لذلك.
ويبرز قطاع الصناعات التحويلية بما يمثله من طموحات ليكون القطاع الرائد والمعوّل عليه في تنويع مصادر الدخل بما يشمله من أنشطة مهمة، بالإضافة إلى قطاعات السياحة والنقل واللوجستيات والثروة السمكية والتعدين، حيث تسعى الخطة الخمسية التاسعة إلى بلورة واقعها وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.
إن رؤية التنويع الاقتصادي تبدو واضحة وجلية في العديد من القطاعات الاقتصادية بالسلطنة، وبالتالي يتطلب السرعة في إنجاز هذه الرؤية وتنفيذها لمواكبة التطور الذي يتسارع في العالم في ظل العولمة، من خلال دراسة عميقة للفرص الاستثمارية المتاحة في المنطقة.
وتكمن التحديات التي تواجه سياسة التنويع في مصادر الدخل في ضرورة تطوير الأداء في القطاعات المختلفة ومسايرة الخطوات المتسارعة للعولمة التي أوجدت منافسة شديدة للشركات، فإذا لم تتمكن الشركات والمؤسسات المحلية من تطوير نفسها ورفع معدلات التشغيل والأداء بها فلن تتمكن من المنافسة ومن ثم يكتب لها الخروج من الأسواق بما يعود من ذلك من تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني.
وندعو من خلال هذه السطور إلى ضرورة الإدراك الكامل لحساسية المرحلة التي يمر بها الاقتصاد الوطني وضخامة التحديات المستقبلية، ممّا يتطلب الاهتمام بعنصر التدريب والتنمية البشرية وتعظيم قدرات الوحدات الإنتاجية والقوى العاملة الوطنية في ظل توفر المناخ الجيد للاستثمار والسيولة النقدية اللازمة لإقامة المشروعات الضخمة.
إن تنويع المصادر ضرورة وطنية، ولكن لا يقع عبؤها على القطاع الحكومي فقط بل ثمة دور محوري على القطاع الخاص أن يقوم به، وذلك من خلال الابتكار في المشروعات التي تعتمد على التقنيات الحديثة والتي لا تضيف أعباء على الاقتصاد، ومن دون استجلاب قوى عاملة هامشية إلى البلاد، علاوة على أهمية التخلي عن النمطية في النشاط الاقتصادي والاستثماري، واتباع نهج استثماري يواكب المتغيرات.

إن إثارة موضوع تنويع مصادر الدخل يجب أن يؤخذ بجدية، وليس مجرد رد فعل بل نحتاج إلى أفكار واقعية واختيار المجالات الأفضل وذات الأهمية النسبية في تنويع مصادر الدخل.

كلمة أخيرة.. هل برنامج «تنفيذ» سيطبق الحوكمة الحقيقية في حال الإخفاق في التطبيق؟
فالوطن أمانة.