عواصم – ش
أكد تنظيم داعش مقتل المسؤول عن آلته الدعائية، من دون ان يحدد مكان وزمان وكيفية استهدافه، وذلك بعد اكثر من ثلاثة اسابيع على اعلان واشنطن انها قتلت "وزير اعلام" التنظيم في غارة في شمال سوريا.
وقال التنظيم في بيان تداولته حسابات ومواقع الكترونية "استشهاد الشيخ المجاهد ابي محمد الفرقان امير ديوان الاعلام المركزي" من دون ان يذكر اي تفاصيل عن مكان وتاريخ مقتله او كيفية استهدافه.
وكانت وزارة الدفاع الاميركية أعلنت في 16 سبتمبر مقتل قيادي يعتبر "وزير إعلام" التنظيم الجهادي في غارة نفذها التحالف الدولي بقيادة اميركية في السابع من الشهر ذاته قرب مدينة الرقة، ابرز معاقل التنظيم في سوريا.
واورد البنتاغون ان القيادي يدعى وائل عادل حسن سلمان الفياض ويعرف باسم الدكتور وائل. لكن مواقع وحسابات اخرى تشير اليه ايضا باسم ابو محمد الفرقان.
وقال المتحدث باسم البنتاغون بيتر كوك حينها ان هذا القيادي كان "يشرف على انتاج شرائط الفيديو الدعائية التي تتضمن مشاهد اعدامات وتعذيب"، قبل بثها بكثافة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
واوضح ان الفياض كان ايضا "متعاونا مقربا" من القيادي الثاني في التنظيم ابو محمد العدناني الذي قتل في غارة في 30 اغسطس، كما كان "عضوا مهما" في مجلس شورى التنظيم.
ومنذ اعلانه ما يسمى بـ"الخلافة الاسلامية" على مناطق سيطرته في سوريا والعراق في يونيو 2014، ذاع الصيت السيئ للتنظيم على خلفية العقوبات المروعة التي كان ينفذها للاقتصاص من كل من يخالفه الرأي او من يشك بانتماءاته.
واستفاد التنظيم الارهابي من مواقع التواصل الاجتماعي ليعمم مقاطع فيديو توثق عمليات اعدام جماعية وقطع رؤوس، وهي جرائم صنفتها الامم المتحدة بـ"جرائم ضد الانسانية". وتمكن التنظيم من تصدر واجهة الاهتمام العالمي بشكل خاص بعد نشره مقاطع فيديو باللغة الانكليزية تظهر اعدامه بطريقة مروعة لعدد من الرهائن الغربيين.
وتستهدف طائرات التحالف الدولي منذ صيف 2014 تحركات تنظيم داعش ومواقعه في سوريا. وتنفذ روسيا منذ 30 سبتمبر ضربات تستهدف التنظيم ومجموعات ارهابية اخرى.
ومني تنظيم داعش في الاشهر الاخيرة بخسائر ميدانية عدة على يد قوات النظام في وسط سوريا وبمواجهة فصائل عربية وكردية واخرى معارضة مدعومة تركيا في شمال وشمال شرق سوريا.
من هو الفرقان
هو وائل عادل حسين سلمان الفياض الراوي، أحد أبرز قيادات تنظيم داعش، ومن المقربين جداً من زعيمه ابو بكر البغدادي”، ومن قيادات الرعيل الأول في التنظيم، حيث أسس مؤسسة الفرقان التابعة لتنظيم داعش، والتي ارتبطت بإسمه.
كان لأبو محمد الفرقان وهو عراقي الجنسية صلاحيات واسعة في تنظيم داعش الإرهابي، منها إجبار “الشرعيين” على تكفير طالبان والقاعدة. ورغم مكانته العالية في التنظيم، فإنه لم يعتقل أبداً في أي منطقة.
وأسس ابو محمد الفرقان أيضاً مكتبة الهمة، التي باتت المصدر الوحيد لداعش في إصادر الكتب والمطويات وغيرها، كما أشرف على انتاج الإصدارات التي تضمنت مشاهد إعدامات. تم تعيينه كوزير للإعلام في داعش بعد مقتل أبو محمد العدناني أواخر اغسطس من العام الحالي، وأعلنت وزارة الحرب الأميركية استهداف الراوي ومقتله في السابع من سبتمبر الماضي، بغارة جوية قرب الرقة.
وأعلنت وسائل الإعلام الرسمية التابعة لداعش في 10 اكتوبرمقتل الراوي، ووصفته بأنه “أمير ديوان الإعلام المركزي”، ولم تذكر متى أو أين أو كيف قتل.
الغامض القيادي
يعد الفرقان شخصية قيادية في تنظيم داعش يكتنفها الكثير من الغموض والمعلومات المتوفرة بشأنه قليلة جداً وبغض النظر عن التسميات المفترضة ( وائل عادل سلمان الفياض أو دكتور وائل وغيرها) فأن (المدعو أبو محمد فرقان) ليس له حضور إعلامي أو ميداني حتى أن التنظيم لم ينشر له صورة أو نشاطاً مرئياً أو حديثاً صوتياً على مواقعه الإلكترونية مما يجعل من ( شخصيته الغامضة) أشبه بأُحجية لها أكثر من احتمال على الصعيد الأمني والواقعي وتدخل في لعبة الصراع الاستخباري المحتدم بين داعش والمخابرات الغربية..
بعد مقتل ( أبو محمد العدناني ) مسؤول الإعلام والدعاية لداعش في (30 اغسطس 2016) بغارة أميركية بمنطقة الباب في حلب واعترف داعش بمقتله الا أنّه لم يعلن عبر وسائله المعروفة عن تعيين بديل للعدناني وهذا الموقف يطرح سؤالا مهماً .. أذن كيف أطلقت الاستخبارات الأميركية على (أبو محمد الفرقان) صفة وزير إعلام داعش...؟؟؟
اعتمدت الاستخبارات الأمريكية هذا التوصيف استنادًا للمعلومات التي نقلتها المصادر المكلفة بمراقبة (فرقان) على الأرض مع احتمالات الرصد الإلكتروني للاتصالات المختلفة برغم استعمال داعش لتقنية تشفير البرامج.. وبناءا عليه تم استهدافه وقتله،
كوادر في جعبة التنظيم
وأشارت تقارير إعلامية إلى أنه تم تعيين المدعو “خلدون سالم بشير المصلاوي” مسؤولاً إعلامياً لداعش بعد الفرقان، حيث يتولى ملف الاعلام بشكل كامل بما فيها مؤسسات الفرقان واعتصام والحياة ومجلتي النبأ ودابق.
الا ان هناك اثنان يعوّل عليهما داعش كثيرًا بعد الاعلان عن مقتل الفرقان ..
الاول هو تركي البنعلي المكنى ( أبو سفيان) والذي يبلغ من العمر 31 عامًا وانضم لداعش عام 2013 وكان يشغل ما يسمى ( شرعي الخلافة) حتى مايو 2016 حيث أطيح به على خلفية فتوى (تبرأ منها لاحقاً) وفيها دعا إلى تحريم قتال ( النصرة) لأنها على حد وصفه على ( منهج الأخوّة)..!! وهو صاحب الفتوى المثيرة للإدانة وفيها شرعن اغتصاب الأيزيديات، والبنعلي هذا كثير الظهور عبر تسجيلات في (اليوتيوب ومجلة دابق ومواقع الكترونية متعددة) وله خطاب تحريضي متطرف ويوصف حالياً بأنّه الأب الروحي للتنظيم وهو وصف غالبًا ما يطلق على ( عاصم طاهر البرقاوي المكنى أبو محمد المقدسي)..
اما الثاني فهو علي بن موسى الشوّاخ الملقب ( أبو لقمان) وهذا أعلن عن مقتله عدة مرات وتبين أنه ما يزال حياً وله ظهور قليل عبر وسائل إعلام داعش..
من وجهة النظر المنطقية فمن المرجح أن يسند تنظيم داعش مهمة (الدعاية والإعلام) إلى تركي البنعلي لأنه يحتاج الى شخصيات شديدة التطرف ولها تواصل وحضور إعلامي مع أنصاره ومؤيديه والمتأثرين بنهجه المضلل..
لذا أعتقد واستنتج أن داعش سيتعمد تجاهل هذا الحدث ولن يقدم معلومات تؤكد أو تنفي مقتل (أبو محمد فرقان) خاصة بعد مقتل العديد من القادة المهمين مثل ( أبو علي الأنباري، وأبو عمر الشيشاني، وأبو محمد العدناني ) والتي كشفت كم هو هش وضعيف ومخترق الجدار المتهاوي لأمن داعش الذي لا يستطيع حماية قادته المهمين إضافة لانكساره الميداني مما يدل على بداية أفول وانحسار وسقوط هذا الكيان المزعوم وفكرته القاتلة وهذه حتمية وشيكة