لندن – عواصم – ش – وكالات
كشفت صحيفة "ذا ميل أون صنداي" البريطانية، نقلا عن أرقام حكومية، أن المقاتلين الذين عادوا إلى بريطانيا من سوريا والعراق بعد أن تلقوا تدريبات عسكرية في صفوف داعش، يقدر عددهم بنحو 400 شخص، لم يسجن منهم إلا 14 فقط.
وحذرت الصحيفة من أن المتشددين يمكن أن يشنوا هجمات باستخدام الأسلحة الآلية والقنابل، على غرار هجمات باريس وبروكسل، مما قد يؤدي إلى مقتل المئات.
وتقول أرقام وزارة الداخلية إن نحو 850 بريطاني سافروا إلى سوريا والعراق للانضمام للتنظيم الإرهابي، قتلت هجمات الطائرات دون طيار العديد منهم، لكن نحو 400 نجحوا في العودة مجددا إلى بريطانيا.
ورغم أنهم ارتكبوا جرائم بموجب قانون مكافحة الإرهاب، مثل الانضمام لجماعة محظورة وتلقي تدريبات في معسكرات إرهابية تابعة لداعش، فإن 14 منهم فقط خضعوا لمحاكمات.
وانتقد عضو مجلس العموم البريطاني، خالد محمود، موقف وزارة الداخلية، وقال إن عليها تحديد هوية هؤلاء الأشخاص وتقديمهم للمحاكمة بأسرع ما يمكن، عوضا عن الاكتفاء بنشر عددهم.
اقامة جبرية
وكان مصدر حكومي فرنسي قد اعلن في وقت سابق أن الحكومة الفرنسية تريد أن تفرض على رعاياها العائدين من سوريا والعراق “شروط مراقبة قاسية عند عودتهم” مثل “الاقامة الجبرية”.
واوضح المصدر أن الحكومة تريد أن يخضع هؤلاء الفرنسيين الضالعين في “شبكات ارهابية سورية وعراقية” مسبقا “لتأشيرة عودة” كي يعودوا الى فرنسا. واوضح ان “خلق هذا الاجراء وهذه الشروط تفرض بالمقابل مراجعة الدستور”.
وقال المصدر ايضا إن هذه المراجعة الدستورية “سوف تخلق نظام ازمة يتيح تطبيق اجراءات استثنائية وهو لا يؤثر على ممارسة الحريات العامة الا في قيود محددة من اجل ضمان الامن القومي”.
واضاف ان “هذه الاجراءات يجب ان تتماشى مع المعايير الخاصة للتهديد الارهابي وخصوصا مدته” كما “يمكن أن تذهب ابعد مما ينص عليه القانون الحالي” حول حالة الطوارئ.
كما طالب نائب في البرلمان الفرنسي سلطات بلاده إلى النظر في إمكانية إحداث معتقل فرنسي مماثل لغونتانامو الأميركي في كوبا، يُخصص للعائدين من ساحات القتال في سوريا والعراق بعد انهيار داعش.
وقال رئيس اللجنة البرلمانية عن حزب الجمهوريين اليميني جورج فينيك، الذي ترأس اللجنة المكلفة بالتحقيق في الهجمات الإرهابية ضد فرنسا في 2015، “شارلي ابدو” ومتجر المأكولات الكاشير، والتفجيرات الانتحارية والقتل الجماعي في ملعب فرنسا ومقاهي العاصمة باريس، إن “أفضل طريقة لإدارة ومراقبة موجة العائدين من سوريا والعراق، تتمثل في إقامة غوانتانامو على الطريقة الفرنسية”.
وأضاف البرلماني أن معتقلاً مماثلاً “يمثل أفضل وأبسط طريقة لإدارة مثل هذه الأزمات، معتقل خاص بالمتطرفين” وأعرب النائب الفرنسي عن قلقه “من عجز الحكومة عن استباق ما يمكن أن يحصل، وسنشاهد قريباً موجة متطرفين تجتاح فرنسا بعد هربهم من سوريا والعراق، بعد خسائر داعش الميدانية، وإذا كان التنظيم سيسقط في ظرف أشهر على أقصى تقدير، فإن الحكومة لا تزال عاجزة عن التحرك لاستباق الأحداث”.
تحذيرات اسبانية
في يناير من العام الفائت حظي الهجوم على مقر صحيفة “شارلي إيبدو” الفرنسية باهتمام واسع من طرف الصحافة الإسبانية، التي ركزت على قضية المقاتلين الإسبان في سوريا والعراق.
وأوضحت صحيفة “إل بايس” الإسبانية، في تقرير لها، أن ظهور تنظيم داعش لم يُزِح تنظيم القاعدة عن الواجهة على الرغم من قيام “داعش” بعمليات تجنيد واسعة بالدول الأوروبية.
وأكدت الصحيفة أن تنظيم القاعدة دخل في ما يشبه المنافسة من أجل تصدر واجهة التنظيمات “الإرهابية” الدولية، الذي قد يعكسه الهجوم الذي استهدف مقر صحيفة “شارلي إيبدو” وخلف مقتل 12 شخصا.
وذكرت اليومية أن تقارير أمنية تشير إلى عودة 40 مقاتلا إسبانياً في صفوف التنظميات المسلحة في العراق وسوريا إلى إسبانيا، حيث أصبحوا يشكلون خطورة عالية في حال تلقيهم أوامر بتنفيذ عمليات إرهابية.
كما أشارت إلى أن معظم المقاتلين الإسبان جرى تجنيدهم ضمن محور سبتة ومليلية ومدينة الفنيدق، التي تعد البؤرة الثانية للتجنيد من طرف الشبكات الدولية بعد مدينة طنجة التي تحتل لمرتبة الأولى.
وربطت الصحيفة بين آلاف المقاتلين المنحدرين من أوروبا وأمريكا في تنظيم “داعش” وتزايد خطر الهجمات “الإرهابية” بأوروبا، مبرزة وفق آراء خبراء أن إسبانيا توجد ضمن الدول المستهدفة من طرف تلك التنظيمات.
وفي السياق ذاته، لفتت إلى أنه رغم من تراجع دور تنظيم القاعدة في باكستان، فإن فروعا أخرى لتنظيم القاعدة شهدت تطورا كبيرا سواء في ليبيا واليمن وسوريا والجزائر، وهي العوامل التي تمكن التنظيم من إرسال عناصر مدربة إلى أوروبا لتنفيذ الهجمات.
يشار إلى أن مصالح الأمن الإسباني بالتنسيق مع الأمن المغربي، نفذت خلال الأشهر الأخيرة عددا من العمليات الأمنية ضد شبكات تجنيد المقاتيلن إلى سوريا والعراق، وأفضت إلى توقيف العشرات من الإسبان والمغاربة.
العائدون الالمان
في سبتمبر الفائت أعلنت الشرطة الجنائية الألمانية أن حوالي الثلث من مجمل 6 آلاف متطرف، غادروا الاتحاد الأوروبي إلى سوريا والعراق بهدف الانضمام إلى تنظيم "داعش"، قد عادوا إلى القارة العجوز.
ونقلت صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية، الأحد 11 سبتمبر ، عن رئيس الشرطة الجنائية هولغر مونش قوله إن المتشددين العائدين، الذين يزداد عددهم باستمرار، يشكلون خطرا على الأمن الأوروبي، موضحا أن هؤلاء يتبعون آراء راديكالية للغاية، وتلقوا تدريبات وخبرات قتالية طويلة.
وحذر الوزير من أن المتطرفين الأجانب لتنظيم "داعش" يبقون على اتصال وثيق مع بعضعهم البعض بعد العودة إلى بلادهم، ويستطيعون تشكيل خلايا إرهابية في دولهم.
وأضاف مونش أن تحركات واتصالات لمنفذي هجمات باريس 13 نوفمبر/تشرين الثاني، تشكل دليلا واضحا على ذلك.
ودعا رئيس الشرطة الجنائية الألمانية إلى تطوير نظام تبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية على المستويين المحلي والدولي على حد سواء، واصفا ذلك بأنه السبيل الوحيد للكشف عن الخلايا الإرهابية والتصدي لها.
إلى ذلك، أكدت الشرطة الاتحادية أن العديد من المسلحين يزعمون أنهم قُتلوا بهدف خداع السلطات في أوطانهم، ما يشكل تحديا إضافيا تواجهه أجهزة الأمن في هذه الدول.
هذا وكان مدير لجنة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب جان بول لابورد، قد حذر في يوليو/تموز الماضي، من خطر عودة عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي من سوريا والعراق إلى بلادهم الأصلية.
وأشار، لابورد، في تصريحات صحفية آنذاك، إلى أن "عدد المقاتلين الإرهابيين الأجانب كبير جدا في العراق وسوريا وهم قرابة 30 ألفاَ".
وأوضح أنه "مع تراجع المجال الحيوي لتنظيم داعش في العراق، نراهم يعودون نحونا ليس فقط إلى أوروبا وإنما إلى بلدانهم الأصلية مثل تونس والمغرب".
ويقاتل في صفوف تنظيمي "داعش" و"جبهة النصرة" في سوريا آلاف المقاتلين من جنسيات روسية وأوروبية وأمريكية، وعربية في مقدمتها سعودية وتونسية ومغربية وليبية، فضلا عن مقاتلين سوريين.
وقد بينت الوقائع أن تنظيم داعش يقف وراء الأعمال الإرهابية التي شهدتها بلدان أوروبية على غرار فرنسا، وألمالنيا، وبلجيكا، حيث تبنى هجمات دامية خلفت عشرات القتلى والمصابين.