«شاي رشيف» الرجل الذي حرر التعليم العالي من قيود الفصول الدراسية

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٨/أكتوبر/٢٠١٦ ٠٢:٠٩ ص
«شاي رشيف» الرجل الذي حرر

التعليم العالي من قيود الفصول الدراسية

أليشيا

بولــــر

لا يستهدف شاي رشيف تحرير التعليم من قيود الفصول الدراسية فحسب، وإنما يعمل أيضًا على توفير التعليم عن بُعد في سوريا ومناطق أخرى في الشرق الأوسط التي يكاد الحصول فيها على فرصة التعليم أمرًا غير وارد.

شاي رشيف هو أحد رواد الأعمال الناجحين في مجال التعليم. انتقل للعمل بدوام جزئي في الأربعينات من عمره. ولأنه عمل طوال حياته في مجال التعليم، فقد كانت تُلِح عليه بعض الأسئلة: «ما الذي سيحدث لو استطاع جميع الأشخاص الالتحاق بالجامعة؟ ماذا لو كان التعليم حقًّا إنسانيًّا؟»

بدأ شاي رشيف في الاستعانة بنخبة من الأساتذة المتطوعين، والبرامج مفتوحة المصدر ذات التقنية البسيطة، والاتصال بالإنترنت، وذلك لتأسيس أول جامعة معتمدة للتعليم المجاني في العالم أطلق عليها اسم «جامعة الناس» والتي فتحت آفاقًا جديدة أمام الحصول على فرصة للتعليم العالي في مختلف أنحاء العالم.

تضم الجامعة اليوم 3500 طالب من 180 دولة من بينها فيتنام، والسودان، وإندونيسيا، ونيجيريا، وهايتي، وتتلقى دعمًا وجهودًا تطوعية واسعة النطاق من كبرى المؤسسات مثل جامعة ييل، ومؤسسة جيتس، ومؤسسة كارنيجي. وتقدم الجامعة درجة البكالوريوس في تخصصات إدارة الأعمال، وعلوم الحاسوب، والعلوم الصحية، ومؤخرًا أطلقت الجامعة برنامجًا جديدًا للحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، والذي بدأ في سبتمبر 2016.
يعكف رشيف، مؤسس ورئيس «جامعة الناس»، حاليًا على تطوير النموذج الذي قام بتأسيسه العام 2009 بهدف إتاحة الفرصة أمام الجميع للحصول على درجات علمية معتمدة من الولايات المتحدة الأمريكية. ومن خلال تلك المنصة التفاعلية عير الإنترنت، يمكن نشر التعليم في المناطق النائية والفقيرة في العالم بأقل تكلفة.
فرصة للتعليم المجاني في الشرق الأوسط

يشكل الطلاب في منطقة الشرق الأوسط 20% من إجمالي عدد الطلاب في «جامعة الناس» في الوقت الحاضر، ويأمل رشيف زيادة هذا العدد في المستقبل. كما أنه أعلن مؤخرًا عن مشروع يتيح الفرصة أمام 500 لاجئ سوري للحصول على منحة دراسية كاملة لنيل درجة البكالوريوس.

أعرب رشيف عن ثقته بتوقعات النمو في منطقة الشرق الأوسط قائلًا: «نرى أنه من الضروري زيادة هذه المنح الدراسية بشكل كبير؛ فالحاجة هائلة والتعليم عبر الإنترنت هو الحل الأمثل أمام اللاجئين. ورغم أن هذا المشروع جدير بالاهتمام وأننا تلقّينا استجابة واسعة النطاق، فلا يزال أمامنا الكثير من العمل.»

يعتقد رشيف، الذي اختارته مجلة «فورين بوليسي» ضمن قائمتها لأفضل 100 مفكّر عام 2012، أن التعليم عبر الإنترنت هو الحل لبعض التحديات الصعبة التي تواجه المنطقة، مثل البطالة والتطرف، حيث يقول: «عندما تعلّم شخصًا واحدًا، يمكنك أن تغير حياته؛ لكن عندما تعلّم أشخاصًا كثيرين، يمكنك أن تغير العالم. نودُّ تحقيق التقدم في هذه المنطقة، والسبيل الوحيد لذلك هو التعليم. فالمجتمعات التي تهتم بالتعليم ينتظرها مستقبل واعد».
يوضح رشيف أن هناك 60 مليون مشرَّد ولاجئ حول العالم، وهي نسبة غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية. يوجد في سوريا وحدها 17 مليوناً من هؤلاء بينما يعيش 6 ملايين لاجئ خارجها. من بين هؤلاء، هناك 300 ألف شخص لديهم المؤهلات التي تمكّنهم من الحصول على درجة جامعية، غير أنهم حُرموا من الموارد التي تساعدهم على استكمال دراستهم.
«إذا كنا لا نريد ضياع هذا الجيل من السوريين وإذا كنا نريد لهؤلاء الشباب النابغين أن يصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمعات وأن يتمكنوا من دعم أنفسهم وعائلاتهم ومجتمعاتهم وأوطانهم -إذا قُدِّرت لهم العودة إليها في أي وقت- فالتعليم العالي ضرورة لا غنى عنها. ولا ينبغي أن يكون التغلب على هذا التحدي مكلفًا».
أوضح رشيف أيضًا أن منطقة الشرق الأوسط تضم نسبة من المواطنين الحاصلين على تعليم عال، غير أن التعليم العالي المتاح لا يناسب بالضرورة متطلبات العمل في القرن الحادي والعشرين. «قام الربيع العربي على يد نخبة من الشباب المتعلمين الذين لم يؤهلهم تعليمهم لمواجهة العالم الحديث ولم يؤمّن لهم الحصول على وظيفة مناسبة؛ ولذا فالأمر لا يتعلق بتوفير التعليم فقط، وإنما بنوع التعليم وجودته. علاوةً على ذلك، تُحرم المرأة من التعليم العالي في بعض الدول لأسباب ثقافية. وهنا تظهر ميزة التعليم الإلكتروني الذي لا يتطلب مواجهة تلك الحواجز الثقافية».
ذكر رشيف أن البرامج التي تقدمها «جامعة الناس» تقتصر في الوقت الحاضر على اللغة الإنجليزية، لكنه يرى أن هناك «فائدة كبرى في الدراسة باللغة الإنجليزية في عالم تحكمه العولمة. وأكّد قائلًا: «نعلم أن عدم إتقان الشخص للغة الإنجليزية ليس سببًا وجيهًا لحرمانه من الحصول على فرصة التعليم العالي. كما نعلم أن هناك 300 ألف لاجئ سوري تقف اللغة الإنجليزية عائقًا أمام الكثيرين منهم. إذا استطعنا توفير التمويل اللازم، فسوف نرحّب بتقديم برامج الجامعة باللغة العربية. فهذا الأمر من شأنه أن يفتح الباب أمام عدد كبير من الطلبة الذين يتحدثون اللغة العربية ولديهم فرصة للحصول على التعليم والنجاح. ذلك هو جوهر رسالتنا».

متخصصة في مواضيع الأعمال والتكنولوجيا