ناصر اليحمدي
شهدت بلادنا منذ فجر النهضة المباركة قفزات تنموية كبيرة في جميع المجالات حيث حرصت قيادتنا الحكيمة على وضع الخطط الخمسية المتعاقبة التي ترسم طريق التقدم والتنمية .. فتضافرت الجهود حكومة وشعبا وسارت على الخطط المرسومة حتى حققت أهدافها وأكثر فارتفع البناء وطالت النهضة العمرانية كل شبر بالبلاد وتوافرت الخدمات الأساسية والبنية الاساسية على أعلى مستوى وأقيمت المشاريع الضخمة التي سببت نقلة نوعية في الاقتصاد الوطني .. كل ذلك تم بصورة متسارعة ولعل ما حققته الخطة الخمسية الثامنة من مشاريع تنموية عظيمة كالموانئ والمطارات والطرق يبرهن على هذا ساعد في ذلك تزايد إيرادات النفط والغاز مع ارتفاع أسعارها والتي استغلتها حكومتنا الرشيدة في ضمان استمرارية الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية.
ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان انهارت أسعار النفط بصورة مفاجئة فارتبكت حسابات كثير من الدول .. إلا أن الخطط الخمسية التي ترسمها قيادتنا الحكيمة تتميز بأنها تتمتع بقدر كبير من المرونة والتكيف مع المستجدات لذلك استطاعت أن تجد الحلول الناجعة لأية أزمة قد تتعرض لها الدولة .. لذلك نجد أنه في الخطة الخمسية التاسعة وجه جلالته أعزه الله بضرورة تعزيز التنويع الاقتصادي حتى تستطيع البلاد مواجهة أي هزات اقتصادية مقبلة .. لأن عدم الاعتماد على مصدر وحيد للدخل كفيل بضمان استقرار البلاد اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا.
وهذا التوجه بضرورة التنويع الاقتصادي لم يكن وليد الظروف الراهنة ولم يتم التفكير فيه بعد انهيار أسعار النفط بل يتم اتباعه منذ سنوات وقد أكدت تقارير البنك المركزي العماني مؤخرا أن الجهود المبذولة في هذا المجال قد أتت ثمارها واستطاعت القطاعات غير النفطية أن تحقق خلال السنوات القريبة الفائتة نجاحات وأرباحا كبيرة وأن تساهم بصورة مؤثرة في نمو الاقتصاد الوطني مثل القطاعات غير الهيدروكربونية والزراعة والأسماك والأنشطة الصناعية كالتعدين والأنشطة الخدمية كأنشطة الفنادق والمطاعم ونشاط النقل والتخزين والاتصالات وغيرها .. من هنا تأتي أهمية البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي "تنفيذ" الذي جاء بمباركة سامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه في ثمان مراحل كآلية لتحويل أهداف الخطة الخمسية التاسعة إلى أمر واقع بتذليل العقبات التي تقف حجر عثرة في طريق التنويع الاقتصادي الذي يحقق النمو المطلوب للاقتصاد العماني وذلك وفق جدول زمني محدد ومؤشرات لتقييم الأداء.
ومنذ أيام تم انطلاق المرحلة الثانية من هذا البرنامج الوطني التنموي وهي مرحلة المختبرات التي يتم فيها عقد حلقات عمل مكثفة على مدار ستة أسابيع يتم فيها تحديد أولويات تشجيع الاستثمار في المشاريع الاقتصادية بحيث يتم تحديد الجهة المسئولة عن تنفيذ كل حالة واستعراض التحديات التي تواجه تنفيذ الخطة الخمسية والعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها.
الجميل في برنامج "تنفيذ" الوطني أن نجاحه لا يعتمد على مؤسسة بعينها بل يقوم على تكاتف جميع مؤسسات الدولة وأفرادها أيضا .. وهذا ليس بجديد على سياسة الدولة التي تتبعها منذ بواكير النهضة المباركة حيث كانت المشاركة المجتمعية دائما حاضرة في كل إنجاز يتم تحقيقه وكل مواطن يشعر بثقل المسئولية الملقاة على عاتقه للنهوض بالبلاد والمشاركة في تقدمها وتطورها لذلك كان ومازال وسيظل المجتمع العماني بحكومته وشعبه وكافة مؤسساته يدا واحدة تعمل من أجل رفع شأن الوطن عاليا.
إن ما تمر به البلاد من تحديات اقتصادية استثنائية والتي تتزامن مع تزايد الطلب على الخدمات ومشاريع البنية الأساسية لزيادة النمو السكاني يتطلب من كل منا أن يستشعر بعظم المسئولية الملقاة على عاتقه فيعمل كل في مكانه على أداء واجبه على أكمل وجه خاصة إذا كان من أرباب القطاع الخاص الذي نعول عليه الكثير في تعزيز الاقتصاد الوطني.
ندعو الله أن تحقق الخطة الخمسية التاسعة وكل الخطط القادمة النجاح المنشود وتستطيع أن ترتقي دائما بحال البلاد والعباد وأن تظل راية بلادنا عالية خفاقة مرفوعة الرأس شامخة .. إنه نعم المولى ونعم المجيب.
* * *
هل استراح ضمير أوباما بعد كلمته في الأمم المتحدة ؟
يبدو أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أراد أن يريح ضميره في آخر كلمة يلقيها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة من ناحية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي واللاجئين وصراعه مع روسيا .. فبالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي وجه كلمة لكلا الطرفين عرض فيها وجهة نظره لإنهاء هذا الصراع .. فطالب الفلسطينيين بالاعتراف بشرعية وجود إسرائيل وعدم التحريض ضدها ونصح الصهاينة بأنهم لن يستطيعوا احتلال واستيطان الأراضي الفلسطينية بشكل دائم.
لقد نسي أوباما وهو يوجه كلمه للفلسطينيين بأنهم لا يستطيعون الاعتراف بشرعية الدولة العبرية لأن ليس من حقها أن تحصل على شبر واحد من أراضيهم حتى مع استسلامهم للأمر الواقع ورضائهم بحل الدولتين واقتسام الأرض مع العدو الصهيوني إلا أن هذا الطرف المتغطرس لا يأتي هذا الحل على هواه فيسوف ويماطل في تنفيذه .. كما أن دعوته بعدم التحريض على إسرائيل فهذا أضعف الإيمان وأبسط ما يستطيعون القيام به لأن قوات الاحتلال لم تتوقف يوما عن انتهاكاتها في حقهم من قتل واعتقال ونهب للممتلكات واستيلاء على أراض وحقوق ليست لها فكيف لهم في النهاية ألا يقاوموا كل هذه الأعمال الإرهابية ؟.
إن ما صدق فيه أوباما في خطابه هو توجيهه لدولة بني صهيون بأنها لن تستطيع أن تحتل وتستوطن الأراضي الفلسطينية بشكل دائم .. فهذا صحيح لأنه إذا كانت دولة الظلم ساعة فإن دولة العدل إلى أن تقوم الساعة وسيأتي اليوم الذي يعود فيه الحق لأصحابه وينال الظالم جزاءه.
أما بالنسبة لقضية اللاجئين فقد تخيل أوباما لو أنه مكانهم كيف سيكون شعوره .. ودعا المجتمع الدولي إلى مضاعفة الدعم المقدم لهم وطالب الدول باحترام الالتزامات التي تقطعها على نفسها فيما يخص المساعدات المقدمة للاجئين حتى لو كان الثمن السياسي لذلك باهظا .. بالطبع شعور أوباما النبيل لن يخدعنا لأنه كان حري بالرئيس الأمريكي أن يحل أزمات الدول التي يهجرها أهلها خاصة أنه المتسبب فيها بدلا من المطالبة بمضاعفة الدعم .. ولينظر لبلاده التي ترفض فيها عشرات الولايات استقبال اللاجئين حيث ترحب بهم 7 ولايات فقط من أصل 50 ما يعني أن ما يدعو إليه أوباما مجرد تلميع للصورة الأمريكية المشوهة وإلا لو كان ما يشعر به حقيقيا لوجه هو ذاته دعم بلاده لصالح اللاجئين بدلا من توجيهه لتسليح الدولة العبرية.
لقد أراد أوباما في خطابه أن يخرج ما في قلبه من هموم فأسدى النصيحة حتى يريح ضميره .. لكن المتتبع لأحوال العالم قبل مجئ أوباما وبعد خروجه من سدة الحكم الأمريكي يجد أن الحال ازداد سوءا وأنه لم يستطع التحكم في زمام الأمور كما يجدر به كرئيس أقوى دولة حول العالم بل كانت يده مرتعشة وكان دائما يبحث عما يصب في صالح بلاده أولا بغض النظر عن مصالح الدول الأخرى وهو ما يجعل مسئوليته منقوصة وزعامته مفرغة من محتواها .. ويكفي أن التنظيمات الإرهابية لم تظهر إلا في عهده .. صحيح أنها تراكمات سنوات مضت ولكنها في النهاية نتيجة سياسة بلاده الفاشلة في منطقة الشرق الأوسط والتي تسعى من خلالها لنشر الفوضى الخلاقة التي أكلت الأخضر واليابس في المنطقة فزادت حدة الصراعات وانتشر الإرهاب في كل ربوع الأرض وتزايدت أعداد اللاجئين .. وهاهو يخرج من البيت الأبيض ولم يقض على التنظيمات الإرهابية بتحالفه الدولي ولم يحل الملفات الملتهبة المفتوحة بما يحقق مصالح الشعوب .. فهل يستطيع الرئيس المقبل إصلاح ما أفسده أوباما ؟.. نتمنى.
* * *
آخر كلام
شئ واحد لا يشتريه المال ... الفقر !!