مسقط - العمانية
أكد مساعد المفتي العام للسلطنة فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي أن ندوة "آفاق حضارية من حياة الشيخ جاعد بن خميس الخروصي" التي تبدأ أعمالها غدا الاثنين في قاعة المؤتمرات بجامعة السلطان قابوس على مدى يومين "ليس المقصود منها الوقوف عند حد دراسة الشخصية وتراثها وإنما استنطاق ما نحتاج اليه لواقعنا المعاصر سواء في مجال الفكر الإسلامي او في مجال الدعوة أو في مجال الاصلاح الاجتماعي والاصلاح الديني بالاضافة الى تعزيز الرؤية الاستيعابية لمختلف الاجتهادات والمدارس والمذاهب الإسلامية سواء كانت فقهية او منطقية او عقدية او سلوكية".
وقال د. الخروصي لوكالة الأنباء العمانية إن "الشيخ أبا نبهان جاعد بن خميس الخروصي من العلماء المصلحين الدعاة وكان له دور مشهود في الاصلاح العلمي والاصلاح الاجتماعي وفي التصدي لأفكار وتيارات ظهرت في ذلك الوقت وحذر منها الشيخ ابو نبهان على المستوى المحلي في السلطنة وتعدى إصلاحه الى مخاطبة علماء الجزيرة العربية وناقش بالحجة والبرهان وبالدليل ما تنطوي عليه هذه الدعوات الخارجة عن الاعتدال وعن جوهر وروح الدين الإسلامي الحنيف وتواصل معه ايضا في المقابل علماء من الجزيرة العربية للتباحث في هذا الشأن".
واضاف: الشيخ أبو نبهان أيضا من العلماء المكثرين من التأليف وكان يتلمس المواضع التي لم يكتب فيها علماء عمان ولم تكن لهم فيها مؤلفات مستقلة فيتحرى أن يؤلف من نحو علم التفسير على سبيل المثال وعلم أصول الفقه او فيما يتعلق بجوانب القضايا التي كانت قضايا معاصرة لهم في شبهات تتعلق بالعقيدة الاسلامية او في علوم اللغة والأدب او في قضايا السلوك والتصوف وتزكية النفوس فكان يتلمس هذه المواضع التي لم يكثر فيها العلماء السابقون فيتحرى ان يكتب وان يؤلف فيها".
وأوضح انه "سيكون هناك معرض مصاحب للندوة سيقام في قاعة المعارض بالجامعة خلال الفترة من 26 - 28 سبتمبر ينظمه مركز الدراسات العمانية بالتعاون مع مركز ذاكرة عمان يضم مخطوطات قيمة البعض منها تم اكتشافها حديثا وبعض النصوص ذات المعاني يحتاج اليها واقعنا المعاصر اليوم فيما يتعلق ببث روح الأخوة الاسلامية وروح الاعتدال والفكر الاسلامي الصحيح فيما يتعلق باحترام المنتسبين الى المذاهب الإسلامية والمدارس الاسلامية جميعا وان يكون التعامل فيما بينهم على أسس من اتباع الدليل وفتح باب الاجتهاد وهذه مسألة مهمة عند الشيخ ابي نبهان وعلى أساس التعاون على الإصلاح العام الشامل وهذه الروح كانت موجودة في مؤلفات الشيخ ابي نبهان".
ويتضمن المعرض أربعة محاور رئيسة في حياة الشيخ ابي نبهان تشمل (حياته وأسرته، آثاره العلمية، علاقاته ومراسلاته، مكتبته ومنسوخاته) حيث تعرض المخطوطات بنوعيها المصورة والأصلية بالإضافة إلى محور خاص بفن صناعة المخطوط.
وينظم ندوة "آفاق حضارية من حياة الشيخ جاعد بن خميس الخروصي" التي ستعقد برعاية وزير العدل معالي الشيخ عبدالملك بن عبد الله الخليلي، مركز الدراسات العُمانية بالجامعة بالتعاون مع مكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمناسبة ذكرى مرور مئتي عام على وفاة العلامة الشيخ جاعد الخروصي - رحمه الله - وهو من الأعلام الذين تجلى لهم أثر بالغ في الحياة العلمية والسياسية والاجتماعية في السلطنة.
أهمية الندوة
وقال فضيلة الشيخ د. الخروصي إن "أهمية هذه الندوة تأتي لأهمية هذه الشخصية ولأهمية التعريف بها لدى الباحثين وطلبة العلم ولأن جزءا كبيرا من تراث الشيخ ابي نبهان لم ير النور بعد، ولذلك فان الندوة تسلط الضوء على هذا الجانب بشكل واضح وهو المخطوطات التي مازالت دفينة المكتبات او التي يجهل حتى وجودها وتسعى الى استخراج هذه الكنوز واظهارها والتعريف بها والدعوة الى تحقيقها ودراستها وكلها تصلح لأن تكون رسائل جامعية ورسائل للدراسات العليا في الماجستير والدكتوراة، وهي فرصة ايضا لتعريف الباحثين بهذه المخطوطات وهذه الكنوز التي يمكن ان تسعفهم في دراساتهم تلك".
واضاف أن "الندوة تحاول ايضا ان تغطي الجوانب التي لم تتناولها ندوات سابقة عن الشيخ ابي نبهان وأن تحلل اكثر وان تقرأ المضامين بعمق لمؤلفات الشيخ ابي نبهان وان تقوم ايضا على الدراسات المقارنة وان تتناول جوانب لم يتعرض لها سابقا كالجوانب الاجتماعية والإصلاح السياسي والجوانب الوطنية على مستوى عمان في ذلك الوقت وجانب التواصل مع علماء المذاهب الاسلامية جميعا في عمان وخارجها".
وحول مستوى المشاركة أكد فضيلته انه "مميز جدا في هذه الندوة"، مشيرا الى ان "اللجنة العلمية التي تضم اعضاء من جامعة السلطان قابوس ومن مكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية التي راجعت وفرزت البحوث استبعدت بعضها نظرا لأنها لم تكن في مستوى الجودة والاتقان، ورغم أن البحوث غير محكمة ولكن مع ذلك فان اللجنة عملت على ان تكون البحوث المختارة في مستوى هذه الشخصية ومستوى هذا الحدث".
وقال إن تلك البحوث تنوعت وتناولت الجوانب التربوية او الجوانب الاصلاحية او الشرعية والفقهية او الجوانب العقدية او الجوانب الأدبية والجوانب الدعوية والاصلاحية وتم اختيار ما يقرب من 16 بحثا وورقة عمل، وطلب من بعض الباحثين ان يعدوا فقط عرضا لأبحاثهم".
واكد أن "من الامور التي حرص عليها القائمون على الندوة ولم نتمكن منها لظروف الاعداد للندوة دعوة باحثين من الخارج، لكن بعضهم كتب بعض الرؤى والافكار وسنحاول إن شاء الله أن نعرضها في الندوة، وهناك باحثون من غير العمانيين مقيمون في السلطنة سيشاركون في أعمال الندوة".
وأعرب فضيلته عن أمله في أن تكشف الندوة كنوز وآثار الشيخ ابي نبهان جاعد بن خميس الخروصي مما لا يعرفه كثير من الناس وان يتمكن الباحثون من الوقوف على اهم ما نحتاج اليه اليوم من تراث علم من أعلام عمان".
وقال فضيلة مساعد المفتي العام إن هناك مشروعا لطباعة تراث الشيخ أبي نبهان بعد تحقيقه ودراسته لكن القائمين على المشروع يبحثون عن الرعاة الذين يمولون الطباعة والنشر، موضحا أن من أهداف الندوة توعية المجتمع ومؤسساته لا سيما المؤسسات الخاصة بأهمية المشاركة في النشر العلمي والحراك الثقافي والعلمي في المجتمع وبيان أهمية المشاركة في الاصدارات والطباعة والتوزيع حيث إن لدينا باحثين ومحققين وأكاديميين مشاركين لكن لا بد من النظر في كيفية وصول دراساتهم وابحاثهم الى الجمهور والى المكتبات العامة والخاصة والجامعات والكليات ووصولها ايضا الى الخارج سواء في العالم الإسلامي او في الدول الأجنبية حيث ان بعض الدراسات قام بها مستشرقون عن شخصية ابي نبهان وهي شخصية تحظى بالاهتمام ليس على المستوى المحلي والاقليمي فقط، بل حتى الدوائر الاستشراقية اهتمت بتراث الشيخ ابي نبهان، وحتى نتمكن من ايصال هذا التراث لا بد من تضافر جهود هذه المؤسسات والافراد ولو في مجال تمويل الطباعة والنشر".
كتاب الندوة
واشار فضيلته الى ان ابحاث الندوة كلها ستخرج في "كتاب الندوة" وسيعطى الباحثون مهلة لتصحيح ابحاثهم بالنظر الى المناقشات والتعقيبات التي ستكون في الندوة وسيتم التركيز عل اتاحة المجال للمشاركين والحضور في المداخلة والتعقيب وستناقش الجلسة الأولى للندوة ابحاثا في اطار محور السيرة الشخصية والعلمية للشيخ جاعد وتشمل "دلائل النبوغ المبكر عند الشيخ جاعد الخروصي.. دراسة استقرائية" للباحث سلطان بن مبارك الشيباني، و"التراث المخطوط لأبي نبهان الخروصي.. دراسة ببليوغرافية" للباحث فهد بن علي السعدي و"قراءة في مكانة الشيخ من خلال الألقاب والكنى.. دراسة تاريخية وثائقية" لأحلام بنت حمود الجهورية، و"الفكر الموسوعي للشيخ جاعد الخروصي" للدكتور صالح بن عامر الخروصي، و"قصيدة (يا أيها الغر الجهول الغافل) للشيخ جاعد الخروصي.. تحقيق ودراسة وتعليق" للدكتور مصطفى بن محمد شريفي والدكتور محمد الطريحي" و"نفائس العقيان للشيخ ابي نبهان.. دراسة وصفية وفنية" لمنير بن ناصر الحضرمي.
وفي اليوم الثاني من الندوة ستتم مناقشة دراسات وأبحاث تشمل المنهج الاجتهادي من خلال المؤلفات والمنهج الفقهي من خلال الأجوبة وآراء الشيخ من خلال مؤلفات ابنه الشيخ ناصر والمنهج السلوكي للشيخ وشعر السلوك عنده اضافة الى المنهجين التنظيمي والاجتماعي في الإصلاح عند الشيخ جاعد والعلاقات الخارجية والمراسلات والخصائص الأدبية لشعره ودراسات وصفية وتحليلية لديوانه والأسلوب الأدبي في مصنفاته.
وتشمل تلك الدراسات دراسة تقدمها انتصار بنت محفوظ السليمية حول "المنهج السلوكي عند الشيخ ابي نبهان: كتاب شرح حياة المهج أنموذجا" وأخرى يقدمها د. سعيد الظفري والاستاذة امل الهدابية حول "مقامات السلوك لدى الشيخ من منظور نفسي: العلاقات بين مقامات السلوك ومفهوم اليقظة"، كما سيقدم الاستاذ الدكتور صالحة عبدالله عيسان وهالة بنت احمد الرواحية ومريم بنت سعيد الخروصية بحثا حول "الشيخ جاعد الخروصي ودوره التربوي والاجتماعي والسياسي 1147هـ/1735م 1237هـ/ 1821م". وسيقدم ناصر بن سيف السعدي بحثا خلال الجلسة الثانية للندوة حول "معالم الاصلاح السياسي عند الشيخ" فيما سيقدم د. سعيد بن محمد الهاشمي بحثا بعنوان "رسالة ابي نبهان الى السيد محمد بن الإمام احمد البوسعيدي: أبعادها السياسية والاجتماعية"، وستختتم الجلسة ببحث بعنوان "قصيدة (حياة المهج) للعلامة الرئيس جاعد بن خميس الخروصي" للدكتور احمد عبدالمنعم حالو.
وفي الجلسة الثانية سيقدم د. ادريس بن بابه با حامد بحثا بعنوان "المنهج الفقهي للشيخ أبي نبهان من خلال اجوبته بمكتبة السيد محمد بن احمد البوسعيدي"، كما سيقدم الشيخ افلح بن حمد الخليلي بحثا بعنوان "المنهج الأصولي عند العلامة أبي نبهان"، وسيقدم احمد بن سالم الخروصي بحثا بعنوان "الآراء الفقهية للشيخ من خلال مؤلفات ابنه ناصر" وسيقدم بحث آخر لشمسة بنت عبدالله الحوسنية بعنوان "دراسة تحليلية لكتاب (دقاق اعناق اهل النفاق)"، وسيقدم فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي تعقيبا في ختام الجلسات قبل أن تتلى توصيات الندوة في حفلها الختامي.
الشيخ الرئيس
يذكر أن الشيخ أبو نبهان جاعد بن خميس الخروصي ولد عام 1147هـ/ 1734 م في بلدة العليا بوادي بني خروص ولقب بالشيخ الرئيس وتعلم على يد ناصر بن سليمان الخليلي، وله العديد من المؤلفات منها كتاب "المساجد" (مخطوط) المشتمل على مسائل كثيرة في المساجد وأحكامها وكل ما يتعلق بها من أوقاف وحقوق وأحكام المدارس الملحقة بالمساجد وغير الملحقة بها، وهو كتاب في أربعة أبواب وثمانية عشر فصلا.
وله ايضا كتاب "الطهارات" (مخطوط) وكتاب "الحج" أو منثورة الحج (مخطوط) وكتاب "دقاق أعناق أهل النفاق" (مخطوط) وكتاب "أنواع الأعمال" (مخطوط) في النيات وأحكامها وأهم المسائل المتصلة بها في أبواب الشريعة.
ولأبي نبهان مؤلفات من بينها "إيضاح البيان فيما يحل ويحرم من الحيوان" و"الموسوعة في أصول التوحيد وفقه الدين" و"شرح حياة المهج" و"أحكام البيوع والرهن والشفعة"، وله أشعار كثيرة جمعها ابنه خميس في ديوان سماه "نفايس العقيان الجامع لأشعار أبي نبهان" وأغلب شعره في السلوك والأذكار، كما توجد له أجوبة نظمية عديدة.