نيويورك – ش – وكالات
بعد اسبوع من المحادثات الدبلوماسية الشاقة، تتبادل الولايات المتحدة وروسيا الاتهام بالمسؤولية وراء الفشل في انقاذ الهدنة في سوريا. ورغم حدة الاتهامات بينهما في الجمعية العامة للامم المتحدة، الا ان وزيري الخارجية الأمريكي جون كيري والروسي سيرغي لافروف تعهدا مواصلة المحادثات على امل التوصل إلى حل للنزاع الذي اوقع اكثر من 300 الف قتيل في خمس سنوات وتسبب بأسوأ ازمة انسانية منذ الحرب العالمية الثانية.
وصرح لافروف في مؤتمر صحافي ان الهدنة التي انهارت الاثنين بعد فرضها بصعوبة في مطلع سبتمبر بفضل جهوده ونظيره الأمريكي "لا سبب لوجودها" ما لم تفك المعارضة السورية ارتباطها بالمجموعات "الارهابية".
وتشترط موسكو على واشنطن ان تبتعد الفصائل المقاتلة المعتدلة عن جبهة فتح الشام، النصرة سابقا والتي لم تشملها الهدنة.
وتابع لافروف "غض النظر عن قيام (جبهة) النصرة بتمويه مواقعها من خلال التعاون مع فصائل معتدلة لتفادي التعرض للقصف، ليس ما اتفقنا عليه"، في اشارة إلى الاتفاق الموقع في التاسع من سبتمبر مع كيري في جنيف.
وطالب لافروف التحالف الدولي بقيادة واشنطن ب"اثبات" انه "يتمتع بالنفوذ لدى الجهات على الارض" اي فصائل المعارضة.
وتابع لافروف "لا اعتقد ان ذلك مطلبا كبيرا"، متعهدا في تلك الحالة بفرض "وقف اطلاق نار دائم". من جهته، لا يزال كيري يحتفظ ببصيص امل دبلوماسي حول سوريا ويريد الحفاظ على الحوار مع لافروف باي ثمن.، لم يتحدث كيري صراحة عن فشل لكنه لم يخف تشاؤمه بشأن استئناف المفاوضات السياسية حول سوريا، واكتفى بالاشارة إلى "تقدم محدود جدا" بعد لقائه لافروف.
وقال كيري "نجري تقييما لبعض الافكار المشتركة بطريقة بناءة". وبعد فشل دبلوماسي لمجموعة الدعم الدولية لسوريا التي تضم 23 دولة ومنظمة دولية في نيويورك، حث كيري موسكو على ابداء "الجدية" من اجل اعادة العمل بالهدنة وحمل النظام السوري على التوقف عن شن الغارات.
الجمعة، غرقت الاحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سوريا في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل ومقتل أكثر من أربعين مدنيا بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم في المنطقة.
في مجلس الامن الدولي الاربعاء، اعتمد كيري لهجة اكثر حدة محملا موسكو "مسؤولية" غارة دموية استهدفت قافلة مساعدات انسانية تابعة للامم المتحدة الاثنين. ولم يتردد كيري في انتقاد "العالم الموازي" الذي يعيش فيه لافروف وغارات النظام السوري التي تستهدف "المستشفيات وتستخدم الكلور ايضا وايضا دون اي عقاب".
من جهته، اكد لافروف من على منبر الامم المتحدة الجمعة انه "لا بديل" للعملية الدبلوماسية التي ترعاها واشنطن وموسكو.
وشدد على ضرورة الحفاظ على هذا الحوار لان "حلا عسكريا غير ممكن" في سوريا، مستعيدا احدى عبارات كيري. اما وزير الخارجية الفرنسي جان-مارك آيرولت فاعتبر ان "التعاون الأمريكي الروسي بلغ اقصى حد له"، مضيفا ان "الوقت حان للانتقال إلى مقاربة اكثر شمولية".
وفي الأثناء؛ تتواصل الغارات التي تنفذها طائرات حربية سورية وروسية على الاحياء الشرقية من مدينة حلب لليوم الثاني على التوالي منذ اعلان الجيش السوري بدء هجوم على هذه الاحياء، متسببة بمزيد من الحرائق وسقوط الابنية والضحايا، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان ومراسل لوكالة فرانس برس أمس السبت.
وقال مراسل لوكالة فرانس برس في الاحياء الشرقية من حلب، ثاني أكبر المدن السورية (شمال)، ان القصف الجوي كان شديدا جدا خلال الليل وهذا الصباح على احياء عدة في شرق حلب الواقعة تحت سيطرة فصائل المعارضة.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن "هناك بالتاكيد ضحايا نتيجة القصف الجوي اليوم (السبت)، لكن لا حصيلة لدينا، لان كثيرين لا يزالون عالقين تحت الابنية".
وكان المرصد السوري لحقوق الانسان أحصى أمس الأول 47 قتيلا بينهم سبعة أطفال "في ضربات للطائرات المروحية السورية وغارات للطائرات الروسية على أحياء القاطرجي والكلاسة والأنصاري والمرجة وباب النيرب والصاخور والمعادي وبستان القصر وطريق الباب والفردوس وغيرها في القسم الشرقي من مدينة حلب".
ونقل مراسل فرانس برس عن الدفاع المدني في الاحياء الشرقية أن "هناك سيارتي اطفاء فقط لا تزالان تعملان في كل الاحياء الشرقية، وبات تنقل سيارات الاسعاف صعبا جدا خصوصا في الليل".
وقال المراسل ان حجم الدمار كبير جدا في الشوارع جراء الغارات وتسبب الركام بفصل الاحياء عن بعضها.
وتحدث سكان وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي عن "صواريخ جديدة" تسقط على حلب وتتسبب بما يشبه "الهزة الارضية".
وقال المراسل ان تأثيرها مدمر، إذ تتسبب بتسوية الأبنية بالأرض وبحفرة كبيرة "بعمق خمسة امتار تقريبا" شاهدها في بعض أماكن سقوط الصواريخ. وتحدث رامي عبد الرحمن عن "صواريخ روسية ارتجاجية تحدث حفرا في الارض وتؤدي إلى انهيار الابنية".