خلافات روسية أمريكية حول هدنة سوريا

الحدث الأحد ١٨/سبتمبر/٢٠١٦ ٠٥:٠٥ ص
خلافات روسية أمريكية حول هدنة سوريا

حلب – موسكو – واشنطن – ش – وكالات
عادت الخلافات الروسية الأمريكية حول سوريا إلى الواجهة، وذلك بعيد طلب الطرفين من مجلس الأمن إلغاء اجتماعاً كان من المقرر أن يناقش وقف الأعمال القتالية في سوريا، حيث تبادلت واشنطن وموسكو الاتهامات، إذ صرح سفير روسيا فيتالي تشوركين ان المجلس لا يستطيع دعم الاتفاق باصدار قرار ما لم يتلق المعلومات اللازمة حول مضمون اتفاق وقف الأعمال القتالية في سوريا.

اتهامات متبادلة
وقال تشوركين للصحافيين "لن يكون هناك على الأرجح قرار لمجلس الأمن الدولي لأن الولايات المتحدة لا تريد تقاسم هذه الوثائق مع أعضاء مجلس الأمن". واضاف "نعتقد انه لا يمكننا ان نطلب منهم دعم وثيقة لم يطلعوا عليها".
وكان يفترض ان يعرض سفيرا الولايات المتحدة وروسيا لشركائهما تفاصيل النص التي لم تنشر بعد. وينص هذا الاتفاق على وقف لإطلاق النار يسمح بايصال مساعدات إلى البلدات السورية المحاصرة بدءا بالاحياء التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة في حلب، جبهة القتال الرئيسية.
واوضح ناطق باسم البعثة الأمريكية في الامم المتحدة سبب الغاء الاجتماع. وقال "بما اننا لم نتفق على طريقة اطلاع مجلس الأمن بشكل لا يضر بالأمن العملاني، الغي الاجتماع". وصرح تشوركين انه قدم مشروعي قرار لدعم الاتفاق الأمريكي الروسي لكن الجانب الأمريكي حاول ادخال تعديلات عليهما. وقال الدبلوماسي الروسي انه "بطريقتهم المعهودة، توصلوا (الأمريكيون) إلى شئ مختلف تماما، وهم يحاولون تفسير واعادة تسفير الاتفاق". واضاف انهم "لا يتصرفون بطريقة صائبة".

اجتماعات مقبلة
ويهدف الاتفاق الذي تم التوصل اليه في التاسع من سبتمبر إلى تشجيع تسوية للنزاع الذي اسفر عن سقوط اكثر من 300 الف قتيل في اكثر من خمس سنوات، حسب ارقام المصدر السوري لحقوق الانسان. لكن الهدنة خرقت مرات عديدة منذ دخولها حيز التنفيذ ولم يبدأ تسليم المساعدات الانسانية بسبب التوتر بين موسكو وواشنطن.
وتتحفظ الولايات المتحدة على اطلاع الامم المتحدة على تفاصيل الاتفاق مشددة على حرصها على سلامة بعض الفصائل المسلحة التي يدعمها الأمريكيون في سوريا. ومن المقرر ان يشارك وزيرا خارجية روسيا والولايات المتحدة سيرجي لافروف وجون كيري في مناقشات مجلس الأمن الاربعاء على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال لافروف إن اجتماعا للمجموعة الدولية لدعم سوريا يمكن أن يعقد على الارجح الثلاثاء في جنيف عشية اجتمع مجلس الأمن. وصرح الناطق باسم البعثة الأمريكية في الامم المتحدة "نعتقد ان مجلس الأمن يمكن ان يلعب دورا مهما في تسوية الازمة في سوريا". واضاف "على كل حال، نركز حاليا على تنفيذ الاتفاق الذي توصل اليه الوزيران كيري ولافروف وخصوصا الحاجة الملحة إلى ايصال مساعدات انسانية إلى السوريين الذين يحتاجون اليها".

أوباما قلق
من جانبه؛ صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه قلق من أن العناصر الرئيسية في الاتفاق الأمريكي الروسي حول سوريا لم تطبق حتى الآن. وقال البيت الابيض إن أوباما بحث مع مجلس الأمن القومي الأمريكي الثغرات في تطبيق الاتفاق، بعد اسبوع على أبرامه مع روسيا لوقف المعارك وايصال المساعدات الانسانية إلى المناطق المحاصرة في سوريا.
وأضاف أن "الرئيس عبر عن قلقه العميق من انه على الرغم من تراجع العنف في البلاد، يواصل النظام السوري عرقلة ايصال مساعدة انسانية ضرورية".
وأشار أوباما أمام مساعديه إلى أن المرحلة المقبلة من الاتفاق - التي تقضي بتنسيق عسكري مع روسيا - تتطلب "سبعة ايام متتالية من تراجع العنف ووصل المساعدات الانسانية بلا انقطاع".

تحفظات أمريكية
وكان مسؤولون في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) عبروا عن تحفظات جدية على الاتفاق الذي وقعه وزيرا الخارجية الروسي والأمريكي سيرجي لافروف وجون كيري، مما اضطر أوباما إلى التدخل.
ويرى معارضو الاتفاق ان روسيا استخدمت المفاوضات باستمرار لإثارة الشكوك لدى حلفاء الولايات المتحدة واعطاء القوات الحكومية السورية الوقت لتتمكن من تعزيز مواقعها.
لكن البيت الابيض ووزارة الخارجية اكدا باستمرار ان وقف اطلاق النار، مع انه ليس كاملا وليس ثابتا، يمنح السكان فرصة التقاط انفاسهم في هذا النزاع المستمر منذ اكثر من خمس سنوات.
وترغب روسيا، حليفة الحكومة السورية، أن يدعم مجلس الأمن الاتفاق لكن فرنسا إلى جانب دول اعضاء اخرى في المجلس قالت انها تريد معرفة تفاصيل الاتفاق.
ميدانيا؛ شهدت سوريا أمس الأول تصعيدا عسكريا هو الأخطر منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ، ترافق مع تصعيد كلامي بين الولايات المتحدة وروسيا.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في سوريا مساء الاثنين، وجرى تمديدها 48 ساعة اضافية حتى مساء أمس الول. واعلنت روسيا استعدادها تمديد العمل بها 72 ساعة اضافية.
ومنذ بدء سريانها، توقفت المعارك بشكل كامل تقريبا بين قوات النظام والفصائل المعارضة على غالبية الجبهات، باستثناء بعض النيران المتقطعة.

تصعيد خطير
الا ان صباح أمس الأول شهد التصعيد الاخطر، اذ دارت عند الاطراف الشرقية للعاصمة دمشق وتحديدا عند محور جوبر اعنف اشتباكات منذ بدء سريان الهدنة، قبل ان تتراجع حدتها في وقت لاحق.
وتسيطر على حي جوبر جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) وفصيل "فيلق الرحمن". وقال مصدر عسكري لفرانس برس ان الجيش السوري تصدى لهجوم للفصائل، ما أدى إلى اشتباكات عنيفة وقصف صاروخي.
واعتبر مصدر عسكري سوري هذه الاشتباكات "خرقا" للهدنة، وفق ما نقل التلفزيون الرسمي. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن "مقتل ثلاثة مقاتلين من الفصائل وأربعة عناصر من قوات النظام في الاشتباكات".
وتعرضت مناطق عدة خاضعة لسيطرة فصائل معارضة وجهادية في شمال البلاد لغارات جوية، وخصوصا في ريف حلب (شمال) الغربي وادلب (شمال غرب)، وفق المرصد السوري.
واسفرت غارات جوية، وفق المرصد، استهدفت مدينة خان شيخون في ريف ادلب الجنوبي عن "مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم طفلان".
وتتواجد فصائل معارضة في مناطق واسعة في ريف حلب الغربي، فيما يسيطر تحالف "جيش الفتح" على كامل محافظة ادلب، وهو عبارة عن فصائل اسلامية وجهادية على رأسها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة). ويستثني الاتفاق الروسي الأمريكي تنظيم داعش وجبهة فتح الشام اللذين يسيطران على مناطق واسعة في البلاد.

تحالفات تعيق الاتفاق
وبموجب الاتفاق تمتنع القوات الحكومية السورية عن القيام بأي اعمال قتالية في المناطق التي تتواجد فيها "المعارضة المعتدلة" والتي سيتم تحديدها بدقة وفصلها عن المناطق التي تتواجد فيها جبهة فتح الشام.
ويعد تحالف جبهة فتح الشام مع العديد من الفصائل المقاتلة في مناطق عدة عائقا اساسيا امام تطبيق الاتفاق.
واذا صمد اتفاق وقف الاعمال القتالية لمدة أسبوع، يفترض أن يؤدي إلى تعاون عسكري غير مسبوق بين موسكو وواشنطن ضد المتشديد. إلا أن الدولتين تتبادلان منذ الخميس الاتهامات حول اعاقة تنفيذ الاتفاق.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الجنرال إيجور كوناشينكوف أمس الول في بيان "مع ان وقف اطلاق النار يستند إلى اتفاق ثنائي فان طرفا واحدا يتقيد به فعليا".
ودعا مسؤول في هيئة الاركان الروسية الولايات المتحدة إلى اتخاذ "اجراءات حاسمة" لكي تحترم فصائل المعارضة السورية وقف اطلاق النار، معربا عن استعداد بلاده تمديد الهدنة 48 ساعة اضافية.
وبعد ساعات على التصريحات الروسية، اعادت الولايات المتحدة التأكيد انها لن تتعاون مع موسكو قبل دخول المساعدات الانسانية إلى سوريا بموجب الاتفاق بينهما.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية جون كيربي ان الوزير جون كيري ابلغ نظيره الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي ان واشنطن "لن تقيم مركز التنسيق العسكري المشترك مع روسيا في حال لم يتم التقيد ببنود الاتفاق الخاصة بالمساعدات الانسانية".
وبموجب الاتفاق، وبعد مرور سبعة ايام على الهدنة وتكثيف إيصال المساعدات، تبدأ واشنطن بالتنسيق مع موسكو لتنفيذ ضربات جوية مشتركة ضد جبهة فتح الشام وتنظيم داعش.

*-*
واشنطن تقدم دعما للقوات التركية في شمال سوريا
واشنطن – ش – وكالات
نشرت الولايات المتحدة قوات أمريكية خاصة دعما للجيش التركي الذي يقاتل تنظيم داعش في شمال سوريا، ما يعزز الضغط على المتطرفين الذين حرموا من منفذهم على حدود تركيا. وقال مسؤول أمريكي إن عدد الجنود الذين نشرتهم الولايات المتحدة "بطلب" من انقرة، يبلغ "عشرات".
وبذلك اصبحت واشنطن في موقع غير مريح اذ انها تنشر قوات خاصة تقدم المشورة إلى طرفين متعارضين هما الجيش التركي من جهة والقوات الكردية السورية من جهة اخرى.
وكانت الولايات المتحدة شنت عمليات جوية من قبل دعما للقوات التركية والفصائل المقاتلة السورية. وبدأت القوات التركية في 24 آب/اغسطس هجوما في شمال سوريا يحرم تنظيم داعش من منفذها على الحدود التركية.
كما قصف الأمريكيون المتشددين من الحدود بمنظومة قاذفة الصواريخ "هايمرز"، لكنها لم تصل إلى حد نشر قوات على الارض.
وعبر مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الجمعة عن ارتياحه، قائلنا "بلغنا درجة جديدة من التعاون".
وجاءت هذه التطورات بعد توتر بين واشنطن وانقرة على اثر المحاولة الانقلابية التي وقعت في 15 يوليو في تركيا. ميدانيا، تبدو تركيا مستعدة لمنع القوات السورية الكردية المتحالفة مع الأمريكيين من الحصول على اراض متصلة على طول الحدود التركية السورية. وتؤكد واشنطن من جهتها ان القوات الكردية انهت هذا التوسع وانتقلت إلى شرق الفرات الذي حدده الرئيس التركي لتوسعها.
وكانت انقرة شنت في الرابع والعشرين من اغسطس الفائت هجوما داخل الاراضي السورية مستخدمة الدبابات والطيران وقوات خاصة لدعم فصائل المعارضة. وتمكنت القوات التركية مع الفصائل المعارضة من اخراج تنظيم داعش من اخر نقطة له على الحدود مع تركيا.
وكانت وحدات حماية الشعب الكردية استعادت بلدة تل ابيض الواقعة في مدينة الرقة، في 15 يونيو 2015 التي تحالفت لاحقا مع فصائل عربية وانشأت في اكتوبر 2015 قوات سوريا الديموقراطية.
ومع استعادة تل ابيض قطع الاكراد السوريون طريق التموين الرئيسي بين تركيا والاراضي التي يسيطر عليها متطرفو تنظيم داعش خصوصا عاصمتهم الرقة.
وقال مسؤول أمريكي في وزارة الدفاع الجمعة ان وجود الجنود الأمريكيين سيسمح "بخفض التوتر" في هذا الشأن. واضاف هذا المسؤول طالبا عدم كشف هويته ان الأمريكيين سيملكون بذلك "رؤية اوسع" لما يحدث على الارض و"اتصالات اقوى" مع مختلف القوى على الارض.
ورأت جنيفر كافاريلا التي تعمل في المركز الفكري "اينستيتيوت فور ذي ستادي اوف وور" ان "الولايات المتحدة باتت الآن في موقع يسمح لها بمحاولة استخدام نفوذها على الاتراك والقوات الكردية السورية على حد سواء (...) لمحاولة دفعهم إلى مواصلة التركيز على محاربة تنظيم داعش".
واضافت "ستكون مهمة صعبة" لكن استعادة الرقة مرتبطة بها. وكشفت حوادث عدة مؤخرا حالة الالتباس وتقلبات الاوضاع على الارض. افاد مصور يعمل مع وكالة فرانس برس ان اعلاما أمريكية رفعت في بلدة تل ابيض في شمال سوريا، في منطقة يسيطر عليها تحالف كردي عربي. وقال ان الاعلام التي كانت ترى بوضوح من مدينة اقجة قلعة التركية على الحدود مع محافظة شانلي اورفة (جنوب شرق)، كانت لا تزال ترفرف الجمعة على اسطح المباني في هذه البلدة السورية. لكن المسؤولين الأمريكيين الذين تحدثت اليهم فرانس برس رفضوا تأكيد او نفي وجود قوات أمريكية على الارض.
وفي مدينة الراعي الحدودية السورية ايضا، هاجم معارضون مسلحون سوريون كلاميا وشتموا جنودا من القوات الخاصة الأمريكية جاؤوا لمساعدتهم كما يفترض، حسب تسجيلات فيديو بثت على موقع تويتر للرسائل القصيرة.