لندن – ش – وكالات
قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية إنه بعد مرور عام على مأساة غرق الطفل السورى إيلان كردى قبالة الشواطئ التركية، فإن التعاطف إزاء اللاجئين قد تلاشى، بعد أن أدت وفاة هذا الطفل إلى فتح قلوب الأوروبيين وسياستهم للاجئين.
وأشارت الصحيفة إلى لاجئ سورى فى اليونان، يدعى محمد محمد، يعمل سائقا للتاكسى وكان يحمل صورة إيلان كردى، وقد مر عام منذ أن أثارت صورة الطفل الغريق الغضب فى أنحاء أوروبا، وأثارت دعوات من الغرب لفعل المزيد للاجئين، لكن بعد 12 شهرا، استخدم محمد الصورة نفسها ليسلط الضوء على عدم حدوث تغيير.
ويقول محمد إن إيلان ربما يكون قد مات فى البحر، لكن لا يوجد فرق بينه وبين آلاف الأطفال الذين يموتون "مجازا" فى اليونان.
وأشار محمد إلى أن عشرات الآلاف من اللاجئين عالقين فى ظروف صعبة فى اليونان منذ مارس الماضى، عندما أغلق قادة البلقان حدودهم. ووصف الأمر بأنه كارثة إنسانية.
وتقول الجارديان إلى أن الجهد الإنسانى لمساعدة اللاجئين، والذى بدأ بعد غرق إيلان فى البحر قد بدأ يتبدد مؤخرا، وأحد الأسباب هو ربط البعض بين اللاجئين والهجمات الإرهابية فى أوروبا.
يذكر ان الشرطة الألمانية كانت قد اعلنت في وقت سابق أن مخربين شوهوا لوحة جدارية مخصصة للطفل السورى الذى غرق العام الماضى بينما كانت أسرته تحاول الوصول إلى أوروبا.
وقال شرطى إن اللوحة، البالغ طولها 20 مترا بعرض ستة أمتار، وهى للطفل إيلان الكردى (ثلاث سنوات) الذى جرفته المياه إلى الشاطئ التركى العام الماضي، تلطخت بطلاء فضى اللون وكتب عليها "الحدود تنقذ الأرواح".
ومباشرة إلى جانب اللوحة التى رسمها الفنانان اوغوز سين ويوستوس بيكر على حائط بجانب نهر الماين فى فرانكفورت فى مارس، كتب شعار مبتذل لليمين المتطرف يستهدف اليساريين.
وأضاف الشرطى: "لا نعرف من يقف وراء ذلك"، مشيرا إلى فتح تحقيق جنائي.
وكانت اللوحة الجدارية التى يمكن مشاهدتها من مقر البنك المركزى الأوروبى القريب رشقت بطلاء أبيض بعد وقت قصير من تدشينها، وفقا لتقارير إعلامية.
وبدأ المؤيدون حملة لجمع التبرعات على الفيسبوك للسماح للفنانين بإعادة رسم اللوحة. وكانت صورة الطفل الكردى أثارت صدمة فى العالم عندما نشرت فى سبتمبر الماضي.
ارقام مفزعة
من جهة اخرى أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن 4 آلاف و176 شخصا لقوا حتفهم أو فقدوا فى البحر المتوسط، بمعدل 11 رجلا وامرأة وطفلا يموتون كل يوم فى فترة الـ 12 شهرا الأخيرة.
وقال المتحدث باسم المفوضية، وليام سبيندلر - فى تصريح أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (بى بى سي) فى ذكرى غرق الطفل السورى آلان كردى قبل عام تماما فى محاولة اللجوء مع أسرته إلى أوروبا - إن معدلات الغرق حتى الآن جعلت من عام 2016 العام "الأكثر دموية" بالنسبة للأشخاص الذين يحاولون عبور البحر.
وأوضح المتحدث، أنه خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2016، قام حوالى 281 ألفا و740 شخصاً بهذه الرحلة البحرية الخطيرة إلى أوروبا، وانخفض عدد اللاجئين والمهاجرين الوافدين إلى اليونان بشكل كبير من 67 ألفا فى يناير إلى 3437 فى أغسطس بعد تنفيذ اتفاق الهجرة بين الاتحاد الأوروبى وتركيا وإقفال طريق البلقان.
وأشار سبيندلر إلى أن عدد الوافدين إلى إيطاليا ثابتا نوعا ما مع وصول حوالى 115 ألف لاجئ ومهاجر إليها حتى نهاية أغسطس مقارنة بـ 116 ألف خلال الفترة نفسها من العام الماضي، لافتا إلى أن الأعداد تبين أنه يتوجب على الدول زيادة طرق قبول اللاجئين على غرار إعادة التوطين والكفالة الخاصة ولم شمل العائلات وتوفير برامج المنح للطلاب إلى جانب طرق أخرى حتى لا يلجأوا إلى الرحلات الخطيرة والمهربين.
ترحيل
في نفس السياق أبلغ أعضاء من البرلمان الألماني رويترز أن المستشارة أنجيلا ميركل تريد أن تسارع السلطات بترحيل الأجانب الذين رفضت طلبات لجوئهم وذلك لتهدئة المخاوف العامة المتنامية بشأن زيادة أعداد المهاجرين في خطوة تمثل تغيرا حادا في موقف ميركل.
وأبلغت ميركل التي تواجه انتقادات من المواطنين ومن داخل حزبها المحافظ للسماح لزهاء مليون مهاجر ولاجئ بدخول البلاد العام الماضي نواب حزبها بأن كثيرا من الأجانب لا يزالون موجودين في البلاد حتى بعد رفض طلبات لجوئهم.
ونقلت مصادر لرويترز عن ميركل قولها للأعضاء المحافظين في البرلمان "أهم شيء في الشهور المقبلة هو الترحيل.. الترحيل.. وأكرر الترحيل."
ويمثل هذا تحولا كبيرا في موقف ميركل التي سبق أن رفعت شعار "نحن نستطيع" ورفضت بحزم مطالب بوضع قيود على أعداد اللاجئين.
وقد تخفف ميركل -التي تدرس الترشح لفترة رابعة- قدرا من الضغوط عليها من خلال ترحيل عدد لا بأس به من بين 215 ألف مهاجر تم رفض منحهم حق الإقامة سواء كان ترحيلا قسريا أو بتقديم إعانات مالية.
وجاء كثير من اللاجئين من دول مثل المغرب والجزائر وتونس وألبانيا وكوسوفو والجبل الأسود وصربيا ومقدونيا والبوسنة وغانا والسنغال. ورفضت طلباتهم على أساس أنهم لن يواجهوا خطرا إذا أعيدوا لبلدانهم خلافا لمعظم القادمين من أماكن مثل سوريا والعراق وأفغانستان.
و بعد عام على قرار المانيا فتح ابوابها امام اعداد المهاجرين، تواجه الان استحقاقين انتخابيين محليين قد يسددا صفعة انتخابية للمستشارة انغيلا ميركل مع صعود اليمين الشعبوي.
ويتوجه سكان ولاية ميكلنبورغ فوربومرن الغربية (شمال شرق)، دائرة ميركل، الى صناديق الاقتراع الاحد لتجديد اعضاء البرلمان المحلي.
وتصادف هذه الانتخابات الذكرى الاولى لقرار المانيا والنمسا في 4 سبتمبر 2015 فتح الابواب لعشرات الاف المهاجرين الذين كانوا عالقين في اوروبا الشرقية. اما العاصمة برلين التي لها موقع ولاية، فستصوت في 18 ايلول/سبتمبر لانتخاب الجمعية المحلية.
وبعد وصول مليون طالب لجوء الى المانيا، ووقوع اعتداءين تبناهما تنظيم داعش في يوليو، فان هذه الانتخابات ستكشف عن الواقع السياسي للمستشارة المحافظة قبل عام من الانتخابات التشريعية المقبلة.
وبالرغم من تزايد شعبية حركة "البديل لالمانيا" الشعبوية المعادية للهجرة، ما زالت ميركل تؤكد باستمرار على الخيار الذي اتخذته في خريف 2015 باعتباره "واجبا انسانيا"، وتتمسك بشعارها "سننجح في ذلك".
غير ان حماسة الالمان الذين تجمعوا في محطات القطارات لاستقبال المهاجرين المنهكين تبدد ليحل محله واقع متباين في بلد تبقى تعبئة المتطوعين فيه فريدة من نوعها بموازاة تزايد القلق.
وتتهم ميركل سواء في اوروبا او في المانيا بما في ذلك داخل معسكرها نفسه، بانها تسببت بموجة هجرة هائلة زعزعت استقرار بلادها والاتحاد الاوروبي.
ومع تدفق مئات الاف الرجال والنساء والاطفال هربا من الحرب والفقر، سيطرت "مخاوف جديدة" على القوة الاقتصادية الاولى في اوروبا، ادت الى انتقال النقاش السياسي الى اليمين، وفق ما اوضح غيرو نويغيباور من جامعة برلين الحرة لوكالة فرانس برس.
ومع وقوع اعتداءي تموز/يوليو، تصدر موضوعا "الامن الداخلي ومكافحة الارهاب" الاهتمامات، بحسب ما اظهره استطلاع للراي اجراه معهد "دويتشلاند ترند" وكشفته شبكة "آ ار دي" الجمعة.
وبعدما احتفظت انغيلا ميركل بالتاييد الكبير لها رغم بقائها 11 عاما في السلطة، فهي ترى حالا شعبيتها تتراجع من 75% في نيسان/ابريل 2015 الى 45% في اب/اغسطس 2016.
وهذا ما يدفعها الى تاخير اعلان ترشيحها لولاية جديدة في 2017، براي الصحافة. وهي تكتفي بالقول انها ستتخذ قرارها "في الوقت المناسب".
وبالرغم من ضعف موقعها، تبقى ميركل في الوقت الحاضر بدون خصم جدير بالمصداقية. غير ان المحللين يترقبون نتائج حزبها في ولاية ميكلنبورغ فوربومرن، لا سيما وانها تضم معقلها الانتخابي.