الشيخوخة والتباطؤ الاقتصادي

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٣/أغسطس/٢٠١٦ ٢٣:٣٦ م
الشيخوخة والتباطؤ الاقتصادي

روبرت صامويلسون

الشيخوخة في الولايات المتحدة تقلل من النمو الاقتصادي، هذا ما خلصت اليه دراسة أكاديمية جديدة، وهذه قضية من الأهمية بمكان أن تكون موضوعا للنقاش السياسي والإقتصادي الوطني. ومنذ عشرات السنين ونحن نعرف بالطبع أن تقاعد جيل طفرة المواليد إلى جانب معدلات المواليد المنخفضة من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة مجتمع كبار السن. وبالمثل كنا نعلم أن هذا من شأنه الضغط على الميزانية الاتحادية، وبالطبع زيادة كبيرة في الإنفاق على الأمن الاجتماعي والرعاية الصحية وتكثيف الضغوط لخفض البرامج الأخرى وزيادة الضرائب أو قبول عجز كبير في الميزانية.
بيد أن الدراسة تقطع خطوة أخرى كبيرة، لتقول أن حقيقة أن الولايات المتحدة مجتمع شيخوخة تضعف النمو الاقتصادي. وتضيف الدراسة أن الشريحة السكانية من الأمريكيين في عمر 60 عاما أو أكثر ستزيد بنسبة 21 في المئة بين عامي 2010 و 2020. وتقدر الدراسة أن هذه الزيادة سوف تلتهم 1.2 في المائة من من معدل نمو الاقتصاد السنوي الحالي.
وعلى الرغم من أن هذا قد يبدو صغير إلا أنه هائل. وبالنظر الى الأرقام من الخمسينيات حتى عام 2007، فقد نما الاقتصاد (الناتج المحلي الإجمالي) حوالي 3 في المئة سنويا، وأحيانا أكثر أو أقل من ذلك بقليل، وعلى النقيض من ذلك، فقد بلغ متوسط النمو السنوي منذ عام 2010 حوالي 2 في المئة، ومع إضافة 1.2 في المائة المفقودة مقابل الشيخوخة يكون النمو الفعلي 3 في المائة تقريبا.
وبعبارة أخرى إذا أكد اقتصاديون آخرون نتائج الدراسة، ربما وجدنا حلا لتلك المناقشة المحتدمة حول أسباب التباطؤ الاقتصادي، فتأثير الشيخوخة من شأنه أن يقلل تأثير الأسباب المزعومة الأخرى مثل تأخر التكنولوجيات الجديدة وزيادة عدم المساواة الاقتصادية وشبح الديون الذي خلفته فقاعة الإسكان وافراط اللوائح الحكومية وزيادة تخوف المتسوقين والشركات من المخاطر، الأمر الذي يعكس تراث الكساد العظيم. وربما تنطبق النظرية على المستوى العالمي، وذلك لأن معظم الدول المتقدمة تشهد زيادة شيخوخة السكان وتباطؤ النمو الاقتصادي، وهذا يعني - ولكن لا يثبت تلقائيا – أنها قضية عامة.
ومع ذلك فإنه لن يكون من السهل اقناع خبراء اقتصاديين آخرون أن الشيخوخة تفسر معظم التباطؤ الاقتصادي، وربما ينظر كثيرون الى النظرية على أنها شئ بديهي، كما يقول الاقتصادي جاري برتليس من معهد بروكينجز والذي أجرى بحثا أيضا حول تأثير الشيخوخة.
وعموما فالشيخوخة تشكل اثنين من الآثار الاقتصادية السلبية المحتملة، أحدهما لا خلاف عليه أنه مع التزايد الكبير في أعداد المتقاعدين المغادرين لصفوف القوى العاملة يقل نسبيا عدد العمال الذين يدعمون الانتاج، وهذا من شأنه أن يضر بالنمو الاقتصادي، إلا أنه يمثل ثلث أسباب التباطؤ فقط وفقا لتقديرا لدراسة، بينما يعكس الثلثان الآخران انخفاض الإنتاجية وانخفاض كفاءة العمال، ليس فقط كبار السن من العمال، ولكن جميع العمال.
وأيضا فمع زيادة الشيخوخة في المجتمعات تصبح أكثر حذرا، ويميل الأفراد الى الإعلاء من قيمة الاستقرار والأمن على الطموح والمغامرة، ما يعني أنهم يصبحون أكثر تحفظا وواقعية مع تراجع ميول التجريب والتفاؤل.
وبصورة عامة فالدراسة تكشف أخبارا سيئة. ومن بين الطرق التي يمكن التعامل بها مع شيخوخة السكان العمل على تحقيق نمو اقتصادي أسرع، والذي يمكن الأجيال الشابة من دفع مزيا المسنين دون التضحية بالكثير من الدخل الخاصة بهم. ولكن إذا كانت الشيخوخة هي السبب في تباطؤ النمو الاقتصادي، حتى لو كان التأثير أقل مما اقترحته الدراسة، فربما لا يمثل هذا الطريق سوى قدرا محدودا من الحل.
كاتب مقال رأي في صحيفة واشنطن بوست