على بن راشد المطاعني
في الوقت الذي يتطلب إتاحة المجال للكفاءات الوطنية من حملة شهادات والدكتوراه من العمل في سلك التدريس في الجامعات والكليات العامة والخاصة، نجد تفضيل الوافدين للعمل في هذا المجال رغم بأنهم كفاءاتهم العلمية والأكاديمية من حملة الماجستير، وخبرات غير معلومة المصدر، فاليوم أكثر من 15 الف كادر اكاديمي من حملة المؤهلات يدرسوا في موساتنا العلمية منهم فقط 23 بالمائة نسبة العمانين للأسف، في حين يقبع حملة الماجستير والدكتوراه من أبناء الوطن في بيوتهم في انتظار أن تتاح لهم الفرصة.
الأمر الذي يلح على مؤسسات الدولة أن تنظر لكل من حملة الماجستير والدكتوراه بنظرة مختلفة تأخذ بيده إلى هذه المؤسسات من خلال التمكين لأخذ فرصته وفق مؤهلات طبعا وكفاءة لا يشوبها أي نقص في هذا الشأن، بل تأهيل من يحتاج لاحلالهم محل العمالة الوافدة الرخيصة التي تجلب من الخارج أو من الدول التي تباع فيها الشهادات كما تباع غيرها من السلع، فبناء كفاءات وطنية في خضم هذه الظروف يجب أن يحتل اولويات في هذا السلك لكي تكتمل منظومة العمل الوطنية وفق إعداد اجيال تعيد صياغة منظومة التعليم في البلاد وفق قاعدة بأن المعلم والأكاديمي هو حجر الأساس.
فبلاشك بأن إيجاد كوادر وطنية مؤهلة في إدارة دفة التعليم العالي في البلاد له من المكاسب من يصعب حصرها في هذه العجالة، إلا أن تسليط الضوء على بعضها أمر ذا اهمية لمعالجة هذا الجانب وايجاد حلولا عملية تعيد النظر في العديد من السياسات من أهمها الاستفادة من المبتعثين من برنامج 200 بعثة سنويا في برنامج الماجستير والدكتوراه التي تفصل بتخصيصها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - لإيجاد كفاءات عمانية لمثل هذه المؤسسات التعليمية و غيرها ممن تحتاج إلى كوادر مؤهلة، فإذا مؤسسات التعليم العالي لا تستفيد من مخرجات هذه البعثات الذين يتم اختيارهم بعناية لدراسة في جامعات معترف بها في العالم، و يرجعوا إلى بلادهم بدون أن يستوعبوا في الجامعات والكليات العامة والخاصة، يكون من الخسارة إيجاد مثل هذه البعثات فالعائد على الاستثمار في هذا البرنامج لم يحقق أهدافه، وبالتالي لا يكون منطلقا لتطويره للافضل وتسخير الامكانيات الموفره له في مكانها الصحيح.
فهناك أيضا من يدرس على نفقته الخاصة لنيل أعلى الدرجات العلمية في جامعات عالمية في محاولة منهم للالتحاق بهذه الجامعات والكليات، إلا أن شهادات المعترف بها دوليا يواجهوا بالصد من المؤسسات التعليم العالي العامة والخاص لأسباب منها عدم وجود درجات بالنسبة للجهات الحكومية وعضها لارتفاع كلفة الكادر التعليمي العماني مقارنة بغيره الوافد بالنسبة للجامعات والكليات الخاصة، بدون استراتيجية واضحة لكيفية إحلال الكوادر المؤهلة الوطنية محل الوافدة.
ان منح الفرصة للكفاءات الوطنية لسبر أغوار سلك التدريس في الجامعات والكليات له من الفوائد ما يسهم في الارتقاء بالعملية التعليمية في هذه المؤسسات العلمية، حيث ولاءه واهتمامه في توجيه الطلبة و الطالبات.
الجانب الآخر الغريب ان مؤهلات الأجانب الذين يعملوا في جامعاتنا من مستويات الماجستير على سبيل المثال يجلبوا من دول مصدرة للشهادات المزيقة الذين لا يتانوا من تقزيز الطلاب في الجامعات و الكليات العامة والخاصة بدون أدنى جهد يبذله الطلبة غير ابهين بانعكاسات ذلك على مستويات الخريجين والخريجات وتوافقها مع متطلبات سوق العمل، فمن الطبيعي أن لا تجد خريج من جامعة أو كلية حكومية أو خاصة يواجه صعوبة في اجتياز متطلبات الوظيفة رغم معدله التراكمي فوق 3.5 درجة للأسف، وذلك نتجية تمشية الحال كما يقال في الدراسة الجامعية من قبل الاكاديمين الأجانب الذين لا يهممهم بالطبع مستويات الطلاب وقدراتهم من عدمه.
إذا آمنا بأن هناك باحثين عن عمل من حملة البكالوريس والدبلوم وما شابهها من مستويات علمية، فهل نؤمن أن يكون لدينا باحثين عن عمل من مستويات الدكتوراه والماجستير مثلا، بل هل مقبول من الجهات الحكومية المختصة بالتعليم العالي أن تسلك هذا المسلك وسط صمت منها، فالطبيعي أن لا يكون ذلك مقبولاً من مواطن يحمل ذرة ضمير في قلبه أن يرى زملاءه حاملي الدكتوراه يرددوا على جامعاتنا وكلياتنا في حين انها تعج بالاجانب.
ان مجلس التعليم العالي والجهات المختصة عن التعليم العالي كجامعة السلطان قابوس ووزارة القوى العاملة و التعليم العالي وغيرها عليها أن تقييم الأوضاع في هذا المسار ومدى ايجابياته وسلبياته على التعليم العالي الدي يحتاج له إلى إعادة نظر في الكثير من مخرجاته لتكون ذات مستوى يسهم في صياغة خريجين أكفاء اولهم في اعتقادهم اختيار كفاءات علمية مؤهلة تقود العمل في هذا المضمار المهم.
نامل ان توجد الجهات المعنية حلولا عملية لهذه المعضلة التي بدأت تدب في مؤسسات التعليم العالي العام و الخاص التي تنهل من جيب الحكومة جميعها بدون استنثاء، واستقطاب الكواد ر الوطنية المؤهلة من جامعات غربية حتى وتمكينها بكل الوسائل لتأخذ دورها واعطاءها الفرصة للعمل في جامعاتنا وكلياتنا التي تعج بالاجانب.