مسقط - العمانية
يمثل التاريخ الشفوي الذي تعمل عليه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية بالسلطنة مصدراً لكثير من المعلومات والمعارف التي تتناقلها الأجيال وترويها الشخصيات المعاصر ة للمشاهد والأحداث.
وقال مدير دائرة البحوث والدراسات في هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، مشرف مشروع التاريخ الشفوي بالهيئة د. عبدالعزيز بن هلال الخروصي في تصريح لوكالة الأنباء العمانية إن المشروع يستهدف العمل في تسجيل وتوثيق وحفظ التاريخ الشفوي لفئات كبار السِن ممّن لديهم معلومات عن البلاد وتاريخها وكبار المسؤولين في الدولة من مدنيين وعسكريين والشيوخ والأعيان والقضاة والولاة والمعلمين والتجار والمزارعين والصناع والاعلاميين والمثقفين والرياضيين والفنانين والحرفيين والمهنيين والسفراء المعتمدين لدى السلطنة وسفراء السلطنة في الخارج. كما يستهدف العاملين غير العمانيين ممّن سبق لهم العمل في السلطنة مع بداية النهضة المباركة أو قبلها والسُّياح والزُّوار الذين زاروا السلطنة خلال العقود الماضية.
وأكد مدير دائرة البحوث والدراسات بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية أن اقامة مشروع التاريخ الشفوي تأتي في ضوء الحاجة الماسة الى توثيق الذاكرة الوطنية العُمانية سواء أكانت ذاكرة مدونة أم ذاكرة مروية حيث تم إعداد دراسة علمية حول واقع التاريخ المروي في السلطنة ومدى الاستفادة منه في البحوث والدراسات. وبين أن النقص الذي يشوب توثيق وتدوين بعض مفاصل التاريخ العُماني بخاصة المعاصر حفز هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على القيام بهذا المشروع الوطني.
وقال إن المقابلات تتصل بمختلف الجوانب الاجتماعية والثقافية والتاريخية والزراعية والاقتصادية والبحرية والتجارية والسياسية والعسكرية والقضائية والإدارية والرياضية والفنية والمياه والأفلاج.
وأوضح د. الخروصي أن منهجية العمل في مشروع التاريخ الشفوي عملت على البحث عن الفئات المستهدفة والتواصل مع مكاتب أصحاب السعادة المحافظين والولاة والتواصل الشخصي وقراءة السيرة الذاتية واستقصاء المعلومات من مختلف المصادر والمراجع كالمخطوطات والوثائق والكتب أو الصحف والدوريات والأفلام والصور والبرامج الوثائقية ومن خلال اللقاءات التسجيلية التي إمّا أن تكون في بيت الراوي أو في استوديو الهيئة المخصص لإجراء مقابلات التاريخ الشفوي.
وأفاد بأن عملية العمل الميداني في مشروع التاريخ الشفوي بدأت في 17 ديسمبر من العام 2012 حيث تم اجراء مقابلات في جميع محافظات السلطنة.
صعوبات وتحديات
وأشار د. الخروصي الى الصعوبات والتحديات التي تواجه العاملين في مشروع التاريخ الشفوي وبين انها تتمثل في إلغاء الاتفاق المسبق لإجراء اللقاء لظروف الراوي الصحية أو الالتزامات الاجتماعية للرّواة أو تراجع الراوي عن تسجيل اللقاء أو وفاة الراوي وهو ما يعني فقدان معلومات مهمّة كان يمكن أنْ ترفد الذاكرة الوطنية أو تعمل على تحويل المادة من صيغتها الرقمية إلى الصيغة الكتابية والنقل بصورة حرفية وأكد أن عملية ضبط الوثيقة الشفوية والتحقق منها تحتاج إلى الكثير من التأمل والتدقيق والتمحيص مشددًا أن على الباحث في هذا المجال أن تكون لديه معلومات واسعة حول المواضيع التي يبحث فيها ويعالجها.
ورأى أن الاطلاع والقراءة يمكنان الباحثين من معرفة مدى الدقة في عرض الوثيقة الشفوية للتاريخ ومقارنة الوثيقة الشفوية بما ورد في المصادر والمراجع المختلفة من محفوظات و وثائق وكتب ومطبوعات وتقارير وحتى الأخبار والنشرات والصور والأفلام. وقال إن الخدمات التي يقدمها التاريخ الشفوي للباحثين والدارسين تأتي من كونه يكشف أمامهم المعلومات والمعارف التي هم بحاجة إلى معرفتها وعن جزئيات دقيقة وتفاصيل عميقة لن يتأتّى الحصول عليها إلاّ عبر الرجوع إلى محتويات الوثائق الشفوية معتبرًا أن التخصص في التاريخ الشفوي يمكن الباحث والدارس من الكثير من المعارف في شتى الميادين ومختلف المجالات والفنون وقد ظهرت في الأونة الأخيرة على الساحة الفكرية والثقافية العُمانية كتب وبحوث ودراسات اعتمدت على الوثيقة الشفوية.
وأوضح د. الخروصي أنه سيتم عرض جوانب من مشروع التاريخ الشفوي في المعرض الدائم الذي تعمل عليه هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ويتضمن عرضًا لمقاطع من عدد من المقابلات التي أجريت ونماذج لكيفية نقل المواد المسجلة كتابيا وصور للرّواة وأجواء المقابلات.
وأضاف أن فريق العمل بمشروع التاريخ الشفوي قام بعدة زيارات إلى مناطق شرق أفريقيا وتحديدًا زنجبار والجزيرة الخضراء وأجرى عدة مقابلات حيث تمكنت الهيئة من إجراء المقابلات معهم وكانوا حريصين على رفدها بالمعلومات القيّمة. وعبر مدير دائرة البحوث والدراسات بهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية عن شكره لكافة الجهات والمؤسسات الحكومية المتعاونة مع الهيئة والعاملين في مجال توثيق وتسجيل وحفظ التاريخ الشفوي العماني.