خالد الزدجالي: عدم دعم الفنون رسمياً سيؤدي إلى اندثارها

مزاج الأحد ٣١/يوليو/٢٠١٦ ٠٨:٢٤ ص
خالد الزدجالي: 

عدم دعم الفنون رسمياً سيؤدي إلى اندثارها

حاوره - سعيد الهنداسي

الحديث مع د. خالد الزدجالي هو حديث الغيور على الفن والسينما والمسرح وهو صاحب الخبرة الطويلة والمليئة بالكثير من التجارب في مختلف الفنون، ما بين المسرح والتلفزيون والسينما.

كان يحلم بصناعة سينما عمانية بدأها بألبوم مرورا بالأصيل ولا يزال الحلم مستمرا ولكن تفاجأ الوسط الفني بتقديم د. خالد الزدجالي استقالته من الجمعية العمانية للسينما، فلماذا كانت الاستقالة؟ وهل كان توقيتها مناسبا؟ وكيف يقرأ المشهد الفني حاليا؟ وما مدى تفاؤله بالمستقبل؟ كل هذه الأسئلة وغيرها كانت حاضرة في لقاء مع الزدجالي.

دعني أبدا معك بسؤال، أين خالد الزدجالي من الحراك الفني في السلطنة؟

أنا كما يعلم الجميع خرجت من الجمعية العمانية للسينما ولم أعد رئيسا لها لأسباب خارجة عن الإرادة، كما أن وجودي في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون أبعدني عمليا عن الساحة الفنية فوجدت نفسي شيئا فشيئا مبتعدا وستكون المرحلة المقبلة هي مرحلة التفكير وإعادة الأوراق وأخذ استراحة محارب حتى استطيع العودة من جديد لأني لا أستطيع الابتعاد كثيرا عن الفن.

طالما تطرقت لموضوع الاستقالة من الجمعية العمانية للسينما، يا ترى ما هي الأسباب الحقيقية لها؟ وهل جاءت في وقتها؟

- آخر 3 سنوات كانت أصعب فترة بالنسبة لي في الجمعية، حاولت قدر المستطاع أن أخرج من الجمعية لكني لم أجد الفرصة المناسبة، وكانت هناك إثارة من بعض الأصدقاء عبر الوسائل الإعلامية ونشر مغالطات عني وقدمت حينها الاستقالة ثم تراجعت بعد المطالبات الكثيرة لضرورة وجودي في الجمعية.

أين تكمن صعوبة العمل في جمعيات ذات طابع فني؟

الصعوبة تكمن في حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤولين فيها، كما أن الجمعية العمانية للسينما لا تحصل على دعم من الدولة كما هو الحال مع باقي الجمعيات مثل الكتاب والصحفيين اللتين تحصلان على دعم سخي، ولكن يبدوا أن المعنيين بالأمر لا يرون أهمية للجمعية العمانية للسينما.

كيف يمكن أن تصف واقع السينما على ضوء التحديات التي واجهتها في بداياتك؟

في بداية تأسيس الجمعية العمانية للسينما كانت المحاولات تبوء بالفشل، ربما يعود السبب في ذلك إلى أنه لا يوجد عدد مؤهل من العاملين بالسينما ولكن بحكم وجودي بالتلفزيون كان يجب أن أقوم بعمل يخدم الوطن في هذا الجانب.

طالما تحدثت عن الكوادر العمانية الشابة المهتمة بالفن والسينما، هل فعلا لدينا العدد الكافي من هذه الكوادر؟

للأسف أقولها ليس لدينا كوادر فنية متخصصة لأنه لا يوجد تخطيط من قبل الجهات المعنية، على مستوى التلفزيون مثلا كنا سابقا متهمين بأعمالنا رغم إمكانياتنا الضعيفة وتحديدا قبل العام 2011 وتمت المخاطبة بدعم وتطوير الدراما والمسرح.

دعني أبدا معك من مهرجان مسقط السينمائي من 2001 إلى 2016 وعمره الآن وصل إلى 15 سنة، ما هي الإضافة التي كانت حاضرة؟ وهل تحققت الأهداف المأمولة؟

لولا مهرجان مهرجان مسقط السينمائي لما ظهر مهرجان خليجي واحد، لأنه بعد تأسيس مهرجان مسقط بأربع سنوات تأسس مهرجان دبي ثم توالت المهرجانات الخليجية تباعا وحتى مهرجان الخليج تأسس بعد 7 سنوات من مهرجان مسقط السينمائي فكان المهرجان محركا للسينما الخليجية، كما أن عدد الأفلام القصيرة والطويلة زاد بعد إشهار مهرجان مسقط السينمائي فقبل المهرجان كان الإنتاج السينمائي في السلطنة صفر.

هذا عن الأفلام القصيرة، ماذا عن الأفلام الطويلة؟

كان لوجود المهرجان دور كبير في ظهور الأفلام الروائية الطويلة بل حقق نجاحات كثيرة من خلال الاحتكاك بتجارب سينمائية عربية وخليجية وترويجية للسلطنة سياحيا وثقافيا واجتماعيا من خلال المهرجان، ولكن حتى الآن لم تقيَّم هذه التجربة أو هذا المنجز لدرجة أننا وجدنا أنفسنا هذا العام بالمهرجان بلا دعم ولكن أعضاء الجمعية عملوا على عدم توقف المهرجان.

البعض يقول إن الجانب الإعلامي كان غائبا أو مغيبا عن المهرجان بنسخته الأخيرة!

في هذا الأمر نعم، مهرجان مسقط السينمائي التاسع ظلم إعلاميا، التلفزيونيات الرئيسية في السلطنة لم تعطينا حقنا إعلاميا وإن كانت هناك قناة خاصة أعطتنا مساحة جيدة لكن ليست في التلفزيون الرسمي وإن دخـــــــــلت قناة خرجت أخرى، واستيعاب دور المـــهرجان لم يصل للجميع.

قدمت تجارب سينمائية بداية فيلم «ألبوم» ثم فيلم «الأصيل»، ما أبرز ملامح العملين؟ ومدى الاستفادة منهما؟
فيلم «ألبوم» هو تجربة بحد ذاته فأن يكون لديك عمل سينمائي 35 ملم طويل ومغامرة وتحد في الوقت نفسه وبوجود شراكة من وزارة الإعلام ووزارة التراث والثقافة اللتين دخلتا كشريكين لنا استطعنا تنفيذ الفيلم وبدعم مناسب، وكان التمثيل يغلب عليه الجانب المسرحي أكثر والمحصلة النهائية دخلنا تاريخ السينما العالمية بإنتاج فيلم سينمائي وكسرنا حاجز أننا لا نستطيع عمل فيلم طويل وعرض في أكثر من 52 مهرجاناً دولياً في إنحاء العالم.

كان لفيلم «ألبوم» صدى كبير وتحديدا في أمريكا، حدثنا عنه؟

أصبح فيلم «ألبوم» من الأفلام التي سجلت في دراسات الشرق الأوسط بالولايات المتحدة الأمريكية في جامعة (أريزونا) وجامعة (فرجينيا) وأصبح مادة للتدريس عن الموروثات والأساطير وفنون الشرق الأوسط، وخرجت امرأة أمريكية في إحدى الجلسات لتقول لنا إنه لا توجد دولة تستطيع أن تنتج أفلاما بجودة أفلام هوليود وما أعجبنا في الفيلم ليس له علاقة بالتقنية والإخراج بل له علاقة بالموضوع من خلال تقديمك صورة جميلة جدا عن بلدك وشعبك.

لماذا لا نرى أفلاما عمانية بالتعاون مع جهات أخرى ودول أخرى متقدمة سينمائيا؟

هذا الموضوع مهم جدا واشتغلنا عليه خلال السنوات الفائتة ونسعى في ذلك وحصلنا على فرصة من بلدية مسقط وأنتجنا 15 فيلما تسجيليا عن محافظة مسقط وكانت تجربة جيدة مع بعض الملاحظات من الجانبين، بالإضافة إلى فشلنا مع جهة أخرى بعد أن كانت موافقة طوال سنتين من دراسة العمل، وهناك تجارب ناجحة مع التلفزيون وهي فيلم الأصيل بالإضافة إلى فيلم ألبوم الذي تحدثنا عنه سابقا.

هذا بالنسبة للتعاون مع جهات محلية ماذا عن الجهات الخارجية وتعاونكم معها؟

هناك تجربة مع هوليود وفشلت لأنها تطلبت شراكة ودعما من الدولة ولكن السلطنة رفضت الشراكة وتقديم الدعم لتنتقل هذه المشاريع إلى المغرب وقطر ونجحت معهم والآن لدينا تجربة جديدة مع إيران بعد توقيع الاتفاقية الثقافية بين البلدين، لدينا مشروع الدعم المتبادل للإنتاج السينمائي من خلال فيلم سينمائي وقريبا سيتم الانتهاء من كتابة الســـــــــيناريو وبإذن الله سيرى النور في بداية العام المقبل ومشروع متوقف مع الــــــــمملكة المغربية ننتظر الدعم لــــــتنفيذه من قبل السلطنة.

طالما أن هناك مكاناً واحداً تلتقي فيه جمعيات الصحفيين والكتاب والسينما، لماذا لا يكون هناك دعم لكم كما هو الحال مع الجمعيات الأخرى؟

حقيقة لا أعلم الأسباب في عدم حصولنا على الدعم ويبقى السؤال الذي يطرح نفسه: ثلاث جمعيات في مكان واحد جمعيتان تحصلان على دعم كامل وجمعية ثالثة محرومة حتى من خدمة الكهرباء منذ أكثر من سنة وتقيم اجتمـــــــاعاتها في مواقف السيارات.

سمعنا أن هناك مشروعاً تحضر له وهو فلم «سلطانة»، أين وصل؟ وهل خروجك من الجمعية سيؤثر على إنتاجه؟

قبل «سلطانة» كان هناك فيلم بعنوان (الحارة) لتدريب الشباب وهو فيلم عماني هندي مشترك لم نستطع إكماله بسبب عوائق مالية وتم تصويره في عمان والهند ونحاول استكماله، إما فيلم «سلطانة» فقدمناه للجهات المعنية وتم حفظ المشروع، وبعد فترة أقيمت ندوة وصرف عليها مبالغ طائلة ولم يتم استدعائي مع أن المشروع أنا الذي تقدمت به، قد نكون اختلفنا في عرض الفكرة ولكن طالما عرضتم الفيلم في ندوة وأحضرتم نقادا ومخرجين كان من الأولى تقديم دعوة لي لحضور الندوة، ثم أقفل باب إنتاج الفيلم وأتمنى أن يرى النور.

ما هي الرسالة التي تريد إيصالها من خلال فيلم «سلطانة»؟

الرسالة هي أن السلطنة تلعب دورا كبيرا في أن يعم الأمن والسلام في كل ربوع العالم وهذه الرسالة التي أريد إيصالها، والسفينة «سلطانة» كان بها العديد من الأشخاص بديانات مختلفة وقد وصلت أمريكا في إشارة إلى دور السلام التي كانت ولا زالت تلعبه السلطنة حتى الآن.

أين يجد خالد الزدجالي نفسه أكثر، في التلفزيون أو المسرح أو السينما؟

شخصيا بدأت بالمسرح ممثلا ثم مخرجا ثم كاتبا وانتقلت للتلفزيون مخرجا وكاتبا ثم إلى السينما، وأجد نفسي في السينما لأنها بحاجة لي أكثر وأعتقد أن المسرح والتلفزيون تم اختطافهما ليس مني بل من كل المعنيين، أين التلفزيون في السابق وأين هو الآن؟! كنا ننتج أكثر من 6 مسلسلات ووصل بنا الحال في رمضان الفائت بدون أي عمل تلفزيوني!

كيف لعبت وسائل التواصل الاجتماعي في تطوير الفكر؟ أم لم نحسن استغلالها حتى الآن؟

وسائل التواصل الاجتماعي الآن هي الأقوى إعلاميا ليس في عمان بل على مستوى العالم، فأصبح الكل ناقلاً للخبر بصورة جيدة، وهناك إدراك لهذا الدور ومتابع، كما أصبحت هناك قنوات متخصصة تلبي رغبات المتابع.

كيف ترى مستقبل السينما في السلطنة؟ وهل لدينا دور عرض على مستوى عال؟

قاعات السينما في عمان محتكرة وهي أزمة مرت بها مصر وبعض الدول ودمرت صناعة السينما عندهم، أما السينما في عمان فهناك جهة واحدة تملك 40 دار عرض وأخرى تمتلك 15 قاعة وهي محصوة في هذا المجال، لماذا لا تعطى رخص لجهات أخرى؟! ولماذا لا تفتح الدولة شركة مساهمة كما هو الحال في كثير من الدول؟! وإذا كنا نريد الاستثمار فالسينما مجال رحب ومربح وله عوائد مالية.

ألا تشعر أننا بحاجة إلى وجود معهد عال للسينما والفنون يتخرج منه فنانون في مختلف التخصصات؟

أنا مع هذا الطرح فيمكن الآن فتح كليات لدراسة السينما والتلفزيون، وكذلك للصوت الذي سيفيد في العمل الإذاعي والتلفزيوني وتبقى دراسات السينما شيئاً كبيراً وعلى الأقل إقامة كلية للإنتاج التلفزيوني والسينمائي ستكون داعمة لمختلف التخصصات.

هل أنت متفائل بمستقبل السينما في السلطنة؟

أستطيع أن أقول إذا استمر الحال بعدم دعم الفنون من قبل الجهات المعنية فإنه ليس السينما فقط بل المسرح والدراما سيكون مصيرها الاندثار، وأنا شخصيا ندمت لعدم مواصلة العمل في السينما في فترات سابقة.