باريس – ش – وكالات
ترفع الهجمات الإرهابية الأخيرة في أوروبا من رصيد اليمين المتطرف الذي يخلطُ عامداً بين الإرهاب والدين، علاوةً على تشبعهِ بروح الكراهية والتعصب ضد الأجانب، واللاجئين، الأمر الذي دفع هذا اليمين، إلى مطالبة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، بتضييق الحريات العامة، ووضع اللاجئين والأجانب في دائرة الاتهام، والمتابعة، والتحقيق، وهو الأمر الذي رفضهُ هولاند إثر الاعتداء على كنيسة سانت إتيان دو روفري شمال غرب فرنسا وذبح كاهن فيها، قائلا "إن التضييق على حرياتنا والانتقاص من قوانينا الدستورية لن يعطي فاعلية في مكافحة الإرهاب، وسيضعف التماسك اللازم لأمتنا".
وفي الأثناء؛ تلقى القضاء الفرنسي أولى الدعاوى من عائلات ضحايا الاعتداء الذي وقع في نيس (جنوب شرق) في 14 يوليو الحالي، ضد الدولة الفرنسية والبلدية على خلفية التقصير أمنيا.
وأوضح النائب العام في نيس جان ميشال بريتر أنه «تم تسجيل أربع دعاوى، وأخرى لا تزال قيد النظر». والمدعون هم أشخاص كانوا على مقربة من مكان وقوع الاعتداء أو من أهالي القاصرين الذين كانوا متواجدين في المكان.
ومساء 14 يوليو دهس تونسي يبلغ من العمر 31 عاما بشاحنة مبردة مئات الأشخاص الذين أتوا لحضور عرض للألعاب النارية على جادة البروموناد ديزانغليه موقعا 84 قتيلا وأكثر من 350 جريحا.
وبعد نفي رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أي تقصير للأجهزة الأمنية المكلفة تأمين الحماية للاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي، لم يتراجع الجدل حيال الموضوع. ويدور الجدل خصوصا حول الانتشار الأمني – قوات الشرطة الوطنية والبلدية – الذي لم يكن كافيا على الحواجز التي أقيمت مبدئيا باستخدام عربات للشرطة لقطع الطريق ومنع دخول السيارات إلى الجادة.
واستغل اليمين الذي يدير المدينة الحادث لتحميل الحكومة الاشتراكية مسؤولية الثغرات الأمنية يوم الاعتداء. كما لم يوفر اليمين المتطرف الواسع النفوذ في هذه المنطقة المسؤولين الاشتراكيين وحملهم أيضا مسؤولية عدم اتخاذ إجراءات كافية أمنيا.
وفي مقابلة مع صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» قالت المسؤولة عن كاميرات المراقبة لدى الشرطة البلدية في مدينة نيس ساندرا برتان إنها تعرضت لضغوط في الخامس عشر من يوليو من قبل شخص أرسل من وزارة الداخلية.
وأوضحت أنه طلب منها أن تؤكد في تقريرها عن الصور التي التقطتها كاميرات المراقبة، وجود عناصر من الشرطة البلدية والتأكيد أيضا على وجود الشرطة الوطنية في نقطتين، في إطار الإجراءات الأمنية التي كانت متخذة بمناسبة الاحتفالات بالعيد الوطني الفرنسي.
وفي العودة إلى هولاند الذي رفض اتهامات اليمين، إذ رأى أن القوانين التي تم التصويت عليها منذ العام 2015 تمنح السلطات "القدرة على التحرك"، فلا داعي لتشديد قوانين مكافحة الإرهاب، وتابع أن "الحكومة تطبق وستطبق بأكبر حزم ممكن القوانين التي قمنا بالتصويت عليها والتي تعطي القضاء والمديريات وقوى الأمن القدرة على التحرك ويعززها تمديد وتشديد حالة الطوارئ".
من جهته اعتبر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أنه "عبر مهاجمة كاهن في الكنيسة الكاثوليكية، نرى جيدا ما هو الهدف: تأليب الفرنسيين ضد بعضهم البعض ومهاجمة ديانة من أجل التسبب بحرب أديان".
ومنذ اعتداء نيس يوم العيد الوطني الفرنسي، تواجه الحكومة الفرنسية انتقادات في البلاد بسبب الثغرات المفترضة في إجراءات مكافحة الإرهاب. وكان الرئيس السابق نيكولا ساركوزي طالب في وقت سابق الحكومة الفرنسية "بتغيير طريقة ردها" بشكل جذري.
*-*
الحزن يخيم على مسلمي سان إتيان دو روفريه
في بلدة سانت إتيان دو روفريه بمنطقة نورماندي (شمال فرنسا)، أصيبت الجالية المسلمة بالصدمة والحزن بعد اغتيال الأب جاك أميل من قبل شخصين في اعتداء إرهابي تبناه تنظيم "داعش". وفي بلدة سانت إتيان دو روفريه بمنطقة نورماندي (شمال فرنسا)، بدت الجالية المسلمة في حالة من الصدمة، فقد كان الأب جاك آميل الذي اغتاله شخصان في اعتداء إرهابي داخل كنيسة معروفا جيدا داخل الجالية. كما أن مسجد يحيى في المدينة بني على أرض تبرعت بها الرعية الكاثوليكية، لذا فاغتيال الكاهن زرع الحزن وحالة من الضيق لدى مسلمي البلدة. وقال رئيس المجلس الإقليمي للديانة الإسلامية محمد قربيلة: "نحن بجوار الكنيسة ولطالما كنا معا، ونحن نعمل دائما للعيش معا". وكان الأب آميل وإمام مسجد يحيى عضوين في لجنة الحوار بين الأديان. ولكن، وعلى الرغم من الخوف ومحاولات التقسيم، فإن المسلمين والمسيحيين يريدون معا الحفاظ على رغبة الأب آميل في التعايش والسلام.