التحديات تنتظر "تيريزا ماي" في بريطانيا

الحدث الأربعاء ١٣/يوليو/٢٠١٦ ٢٣:٢٦ م
التحديات تنتظر "تيريزا ماي" في بريطانيا

لندن – ش – وكالات

رغمَ الأوصاف التي أطلقت عليها غداة تسلمه يوم أمس الأربعاء الرئاسة الوزراء في بريطانيا، لتكون تيريزا ماي رئيسة وزراء في تاريخ بريطانيا، من كونها "امرأة حديدية"، فإنها تواجه تحديات جسيمة، ربما في مقدمتها تطبيق قرار خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي الذي تسبب في استقالة ديفيد كاميرون.

تولي الرئاسة
وستتولى ماي (59 عاما) وزيرة الداخلية في الحكومة المحافظة المنتهية ولايتها، مهامها بعد اقل من ثلاثة اسابيع على تصويت البريطانيين لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويقدم كاميرون (49 عاما) استقالته الى الملكة اليزابيث الثانية بعد جلسة اسئلة اخيرة امام البرلمان ظهرا. وتلتقي ماي بدورها الملكة لتكلفها مهمة تشكيل الحكومة الجديدة لتصبح ثاني امرأة تتولى رئاسة الوزراء بعد مارغريت ثاتشر (1979-1990) ويقيم كثيرون اوجه شبه بينهما وكذلك مع المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل.
وترث ماي المعروفة لشخصيتها القوية وهي ابنة قس، بلدا يشهد انقسامات كثيرة ويشكك في مستقبله بعد الاستفتاء. وكتبت صحيفة "ذي غارديان" انها "تتولى مهامها في مرحلة كانت طرحت معضلة حتى لونستون تشرشل" لاظهار صعوبة المهمة الملقاة على عاتقها بين المشاكل الاقتصادية وضغوط القادة الأوروبيين لتطلق بريطانيا في اسرع وقت اجراءات الخروج من الاتحاد.

حياة كاميرون الجديدة
والاثنين قالت ماي المشككة في أوروبا والتي انضمت الى المعسكر المؤيد للبقاء في الاتحاد الأوروبي خلال الحملة قبل الاستفتاء، انها تريد "التفاوض للحصول على افضل اتفاق" لبلادها.
واضافت "ان قرار خروج البلاد من أوروبا اتخذ وسنكلله بالنجاح" مبددة آمال الذين لا يزالون يريدون بقاء بلادهم في الاتحاد الأوروبي.
وحذرت ماي في وقت سابق من انها تنوي تحريك المادة 50 في معاهدة لشبونة التي ستطلق عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قبل نهاية العام.
ولم ينتظر القادة الأوروبيون توليها مهامها لتقديم الشكاوى لانهم على عجلة من امرهم لمعرفة نوايا الحكومة البريطانية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت أمس الأول "كلما بدأت المفاوضات في وقت مبكر كلما كان الامر افضل للجميع".
وستعلق الاسواق آمالا كبرى خلال الايام الاولى من تولي رئيسة الوزراء الجديدة مهامها بعد الاعلان المفاجئ لمنافستها الاثنين الانسحاب من السباق لخلافة ديفيد كاميرون، بحثا عن استقرار بعد صدمة البريكست.
وقال نيل ويلسون من مؤسسة "اي تي اكس كابيتال" المالية ان "تعيين تيريزا ماي اعطى زخما للجنيه في حين بدأ يتبدد الغموض الذي اعقب قرار بريكست".
وبالنسبة الى كاميرون الذي ايد بقاء بلاده في الاتحاد الأوروبي، تبدأ حياة جديدة بعد استفتاء اقترح بنفسه تنظيمه جاءت نتائجه عكس ما كان يأمل.
وفاز المسؤول المحافظ مرتين في الانتخابات التشريعية في 2010 و2015 ولم يؤثر عليه الاستفتاء حول استقلال اسكتلندا لكنه سيبقى في تاريخ بريطانيا رئيس الوزراء الذي تسبب بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
ورات الصحافة البريطانية ان على كاميرون الاستفادة من جلسة الاسئلة في البرلمان ليشيد بانجازاته من نجاحات اقتصادية واجتماعية مع تشريع زواج المثليين. وقال كاميرون لصحيفة "التلغراف"، "في الوقت الذي ارحل فيه آمل في ان يرى كل فرد ان البلاد اقوى".

ابتسامة كوربن
في الوقت الذي سيكون للبلاد مسؤول جديد ، تشهد المعارضة العمالية ازمة زعامة حادة جراء انعكاسات نتائج الاستفتاء.
وأمس الأول حقق زعيم الحزب جيريمي كوربن الذي لم ينجح في ان يفرض نفسه لدى غالبية من كوادره، انتصارا كبيرا على معارضيه بعد ان قررت اللجنة التنفيذية للحزب السماح له بان يترشح بشكل تلقائي في الانتخابات الجديدة لرئاسة الحزب العمالي.
ولن يحتاج كوربن الى الحصول على دعم 20% من النواب العماليين في ويستمنستر وفي البرلمان الأوروبي للترشح ما كان سيجعل الامور اكثر تعقيدا.
وعلت الابتسامة وجه كوربن بعد هذا الاعلان ووعد باطلاق حملة حول "كافة المواضيع المهمة".
ولم ينجح كوربن الذي انتخب في سبتمبر زعيما للحزب العمالي، في ان يفرض نفسه لدى غالبية من كوادره الذين يعتبرون انه عاجز عن قيادة الحزب للفوز في انتخابات تشريعية وان اتجاهاته يسارية اكثر من اللازم.
وازدادت الانتقادات منذ التصويت لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع مذكرة لحجب الثقة قدمها 172 نائبا عماليا واستقالة ثلثي اعضاء حكومة الظل. والاثنين اعلنت النائبة انجيلا ايغل رسميا انها لن تترشح لخلافته على رأس الحزب.

*-*

تيريزا ماي ثاني امرأة ترأس حكومة بريطانيا
ولدت تيريزا ماي التي تشغل منصب وزيرة الداخلية في الحكومة البريطانية في 01 أكتوبر عام 1956 وأكملت تعليمها في مدينة أوكسفورد شمال لندن.
وقد رشحت الوزيرة ماي نفسها لرئاسة حزب المحافظين البريطاني، وبالتالي لمنصب رئاسة الحكومة البريطانية خلفا لديفيد كاميرون، إذ فازت بالسباق بعد انسحاب وزيرة الطاقة أندريا ليدسوم.
تعد ماي واحدة من أكثر الوزراء البريطانيين الذين تولوا لوقت طويل المسؤولية في منصب وزراة الداخلية في تاريخ بريطانيا، وقد تصدرت قائمة المرشحين لتزعم حزب المحافظين منذ الجولة الأولى.
لمع نجمها في السياسة البريطانية لأول مرة عام 2013 حينما نجحت في ما فشل فيه كثير من الوزراء قبلها، وذلك في قضية ترحيل المتشدد أبو قتادة الفلسطيني، وإبعاده إلى الأردن.
تعهدت ماي بالعمل على توحيد دعاة البقاء في الاتحاد الأوروبي ودعاة الخروج داخل حزب المحافظين. ودعمت ماي سياسة تحديث حزب المحافظين، وينظر إليها على أنها شخصية قوية في السياسة البريطانية ومن بين أبرز السياسيين.
بقت ماي محتفظة بظهور متواضع على الساحة السياسية أثناء الحملة التي سبقت الاستفتاء حول عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وهي محسوبة على حملة البقاء في التكتل الأوروبي، حيث دعمت رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. لكنها تعهدت أثناء ترشيح نفسها لزعامة حزب العمال بأن تعمل على احترام نتيجة الاستفتاء، وقالت إن بريطانيا في المرحلة القادمة بحاجة لشخصية قوية تقود البلاد.