الحياة ليست رجلا !!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١١/يوليو/٢٠١٦ ٠٠:١٩ ص
الحياة ليست رجلا !!

لميس ضيف
"لماذا صُبرتي عليه يا ماما" قالت الشابة وهي تكفكف دموع أمها المكلومة "التي لم تنس وضع طن من المكياج قبيل المشهد الحزين" لتأتيها الإجابة الكلاسيكية "عشانك وعشان أخوك يا حبيبتي" لترد عليها البنت ناشرة حزنها وتكالب الهموم عليها، فتطبطب عليها الأم وتقول "ما تقوليش كذا.. بكرة يجي أبن الحلال اللي يعوضك" !
كان هذا مشهدا من مسلسل وقعت عيناي عليه بالصدفة فترآى لي بأني أعرفه لأني سمعت الحوار ذاته عشرات المرات! فالبنت العزباء دائما ما تُمنى "بأبن الحلال" ويُدعى لها به "ليعوضها" عن شقاء حياتها مع والدها أو أخوتها أو من تولى عليها.
فالمرأة في مجتمعاتنا – مهما تعلمت وتبوأت من مناصب – فهي مجرد "وليّه" كما يقول المصريون تبحث عن رجل "يسترها" و"يعوضها" و"يُهنيها" ! المفارقة هنا أن الرجل في كل المساقات الروائية والدرامية يشغل مقعد الظالم المستبد الأناني. أو يُسلخ من رجولته فيُصنف كضعيف للشخصية. ومع ذلك، ورغم ذلك، تُمنى الشابة برجل مختلف في الطغيان والإنسانية وهو دائما " العوض" و"الستر" وذلك الشخص الذي "سيهنيها" .. والمفارقة هنا أن الرجل الذي يمثل دور الزوج أو العم أو الأب يشغل دوما مقعد الظلم والطغيان ويجسد الأنانية "أو ضعف الشخصية" فيما تمنى – هي- برجل مختلف عن كل تلك النماذج !
أنها خديعة من الوزن الثقيل مورست ضد الإناث وضاعفت خيبتهن. فالنماذج الرجولية التي تُجسد ليست مستلّه من الفضاء. وهي واقع تزيد الهزيمة النفسية للمرأة من تغوله . ورغم أن المنطق يقول أن على الأم – وأبنتها – التنبؤ بأنها سترتبط بأب كأبيها وأن عليها " تحاشي" تكرار حياة أمها إلا أنها تختار "لأن الأمل هو وقود الحياة" أن تصدق أن فارسا ما سيأتي، ولن يشبه أباها في شيء.. وأن الإهانة ستكون "هناءً" وأنه سيمسح كل متابعها بممحاة من حنان!!
كم أشفق على نساءنا الشرقيات..
تظن الواحدة منهن ان الرجل جواب لكل شيء.
هو من سيهبها الحرية والاحترام..
هو من سيريها العالم ويحقق لها أمانيها المعلقة..
في حضرته ستتصالح مع نفسها.. وماضيها.. واحباطاتها.
ستكون سعيدة، مكتفية.. كاملة..
والحقيقة أن الرجل عنصر من عناصر الحياة.. أحد أعمدتها وليس أساسها.
أنت كاملة به وبدونه. إن لم تكوني كاملة من دونه فلن تكوني كاملة به أبدا..!!
تعطل كثير من الإناث النصف الأول من حياتهن في انتظار رجل يضع نقاطها على الحروف، ثم تتعطل لربعين من حياتها لترتب عائلتها وتخدمها وتواجه صعاب الحياة ثم تجد نفسها في الربع الأخير معطلة بفعل الاستهلاك.. والتلفيات التي نالتها جراء الكفاح المتواصل لخلق قيمة لذاتها في هذه الحياة وهو صراع تخوضه غالبا وحدها!
كم أتمنى من الأجيال الجديدة أن تكون أكثر فطنة وثقةً بالذات..
فالحياة ليست رجلاً.. ولا تقترن السعادة به بالتأكيد.