قمة اوروربية على وقع صدمة بريطانيا

الحدث الثلاثاء ٢٨/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٤٠ م
قمة اوروربية على وقع صدمة بريطانيا

بروكسل - ش - وكالات

عقد رؤساء دول وحكومات بلدان الاتحاد الاوروبي امس الثلاثاء قمة حثوا خلالها بريطانيا على بدء اجراءات خروجها من الاتحاد بدون اضاعة الوقت بسبب المخاطر التي تواجهها الاسواق، وسعوا الى دراسة هذا التغيير وتجنب انتقال العدوى الى دول اخرى.
وحاولت بريطانيا التي اعلنت وكالتان للتصنيف الائتماني خفض درجة دينها السيادي الاثنين، طمأنة الاسواق على قدرتها على تجاوز الازمة التي نشبت عن خروجها من الاتحاد.
وفي الوقت نفسه اعلنت فرنسا والمانيا وايطاليا رغبتها في اعطاء "دفع جديد للمشروع الاوروبي. لكن هذه الدول الثلاث التي تمثل اكبر ثلاثة اقتصادات في منطقة اليورو، استبعدت اي مفاوضات مع لندن ما لم تقدم طلبا رسميا للانسحاب من الاتحاد.
وعشية القمة التي تستمر حتى الاربعاء في بروكسل، قالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل "نحن متفقون في هذا الشأن، لا مناقشات رسمية او غير رسمية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي بدون طلب خروج من الاتحاد على مستوى المجلس الاوروبي".
وكانت ميركل تتحدث في مؤتمر صحافي مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي.
وقالت المستشارة الالمانية "سنقدم اقتراحا الى زملائنا" رؤساء دول وحكومات البلدان الاخرى الاعضاء في الاتحاد "لاعطاء دفع جديد" للمشروع الاوروبي "في الاشهر المقبلة"، لتجنب انتقال العدوى في اوروبا.
واكدت ان الاقتراح سيشمل تحقيق تقدم في مجالات "الدفاع والنمو والوظيفة والقدرة التنافسية".
وعبرت ميركل عن اسفها أمام البرلمان الألمانى لقرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبى، مؤكدة على أن أى اقتراح لمغادرة دول أخرى من الاتحاد الأوروبي سيكون قرارا مدمرا، كما حثت على ضرورة احترام قرار الشعب البريطانى. وطالبت "ميركل" فى كلمة أمام اجتماع دول الاتحاد الأوروبى لبحث خروج بريطانيا من الاتحاد، بضرورة اتخاذ قرارات للدفع بالتكامل بين بلدان أوروبا، قائلة "يجب اتخاذ خطوة كبيرة للأمام لتحقيق التكامل الأوروبى".

"لا تسرع"
خصص عشاء الثلاثاء للخروج البريطاني من الاتحاد "بتوضيحات" قدمها رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وقال دبلوماسي كبير ان "بعض المبادئ ستخرج من هذه المناقشة مثل اخذ العلم بنتيجة الاستفتاء والاصرار على ان معاهدة لشبونة في هذه الحالة تحدد اطارا قانونيا منظما" هو "بند الانسحاب" (المادة 50).
وفي اليوم التالي سيعقد رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك اجتماعا "غير رسمي" على الفطور مع الدول ال27 بدون ديفيد كاميرون من اجل مناقشة عواقب الانفصال البريطاني ومستقبل العلاقات مع المملكة المتحدة.
وقال وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي يزور لندن "اشعر بالاسف شخصيا لان المملكة المتحدة لن تكون على طاولة المحادثات عندما سيجري حوار بين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي". وكان دعا الاوروبيين قبل ذلك الى الهدوء.
اما بوريس جونسون زعيم انصار الخروج من الاتحاد الاوروبي الذي يطمح لخلافة كاميرون على رأس الحكومة، فقد اعتمد على غير عادته، لهجة تصالحية حيال خصومه مؤكدا ان المملكة المتحدة "جزء من اوروبا" وان التعاون مع الدول المجاورة "سيتكثف".
واكد ان خروج بريطانيا من الاتحاد "لن يتم بتسرع" بينما ذكرت الصحف البريطانية ان وزيرة الداخلية تيريزا ماي ستكون منافسته على منصب رئيس الوزراء في حزب المحافظين.
من جهته، قال وزير المال جورج اوزبورن لصحيفة "تايمز" الخميس انه ليس المرشح الجيد لقيادة الحزب بما انه خاض حملة البقاء في الاتحاد.
وفي مؤشر الى ان عددا كبيرا من البريطانيين وخصوصا الشباب، لم يتقبلوا قرار الخروج من الاتحاد الاوروبي، تجاوز عدد موقعي عريضة تطالب بتنظيم استفتاء ثان 3,8 ملايين توقيع مساء الاثنين.
وستنظم تظاهرة مساء الثلاثاء في ساحة ترافلغار للاحتجاج على نتيجة الاستفتاء.

الآثار والتداعيات
الى جانب نفاد صبر شركائها الاوروبيين، يترتب على المملكة المتحدة ادارة الآثار الاقتصادية لقرارها.
فقد خفضت وكالتا التصنيف الائتماني "ستاندارد اند بورز" و"فيتش" الاثنين درجة الدين البريطاني. وقالت "ستاندارند اند بورز" في بيان ان درجة الدين البريطاني خفضت من "ايه ايه ايه" وهي الافضل، الى "ايه ايه" اي درجتين.
واشارت الوكالة الى "عدم اليقين" الذي نجم عن الاستفتاء، موضحة انها تتوقع "اجواء سياسيا لا تسمح بالتكهن بتطوراتها واقل استقرارا واقر فاعلية" في الاشهر المقبلة.
اما وكالة "فيتش" فقد خفضت درجة بريطانيا من "ايه ايه+" الى "ايه ايه" مع آفاق سلبية، ما يعني انها يمكن ان تخفض من جديد في الاشهر المقبلة. وقالت انها "تعتبر ان عدم اليقين الذي يلي نتيجة الاستفتاء سيؤدي الى تباطؤ كبير للنمو في الامد القصير". كما اشارت الى امكانية اجراء الاستفتاء على استقلال اسكتلندا.
وحاول كاميرون الذي دعا الى عدم التخلي عن اوروبا، تهدئة القلق في مجلس العموم مؤكدا ان الاسس الاقتصادية لبلده جيدة وستسمح للبلاد بمواجهة الغموض الناجم عن الاستفتاء.
وهذه الحالة من الاضطراب السياسي في بريطانيا يفاقمها تهديد اسكتلندا التي صوت 62 بالمئة من ناخبيها مع البقاء في الاتحاد الاوروبي، بالانفصال عن المملكة المتحدة.
وفي معسكر العماليين، اعلن زعيمهم جيريمي كوربن المتهم داخل حزبه بانه لم يبذل جهودا كافية للبقاء في الاتحاد، انه لن يستقيل وان كان نصف اعضاء حكومة الظل التي يقودها قد انسحبوا تعبيرا عن احتجاجهم.
وكما لو ان كل هذا لا يكفي. فمساء الاثنين خرجت انكلترا من مباريات كأس اوروبا لكرة القدم 2016 مساء الاثنين بعد هزيمة منتخبها امام منتخب ايسلندا 1-2 في دور ثمن النهائي.

.................................

كاتب بريطانى : المملكة المتحدة لن تغادر أوروبا

لندن – ش قال الكاتب البريطانى جدعون راخمان إن أى مراقب قديم لأحوال الاتحاد الأوروبى لا ينبغى أن ينصدم من نتيجة الاستفتاء الأخير على مستقبل المملكة المتحدة فى الاتحاد... وأكد راخمان –فى مقاله بالـفاينانشيال تايمز- أنه رأى هذا السيناريو من قبل وأنه يقف على نهايته التى لن تتمثل فى مغادرة المملكة المتحدة لأوروبا. وعاد الكاتب بالأذهان إلى عام 1992 عندما صوت الدانماركيون لصالح رفض معاهدة (ماسترخت)، وإلى عام 2001 عندما صوت الأيرلنديون لصالح رفض معاهدة (نيس)، وإلى عام 2008 عندما صوت الأيرلنديون أيضا لصالح رفض معاهدة (لشبونة). وتساءل راخمان "وماذا حدث فى تلك الحالات؟ واصل الاتحاد الأوروبى سيره إلى الأمام قُدما، وحصل الدانماركيون والأيرلنديون على بعض الامتيازات من شركائهم الأوروبيين، وأجروا استفتاءات ثانية وفيها صوت الناخبون على قبول المعاهدات التى رفضوها فى الاستفتاءات الأولى- لماذا إذن، فى ظل معرفة هذا التاريخ، يظن أى شخص أن القرار الذى تمخض عنه استفتاء بريطانيا هو قرار نهائى حاسم؟" واستدرك الكاتب قائلا "صحيح أن الحالة البريطانية تضم عناصر جديدة؛ منها أن المملكة المتحدة صوتت لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبى برمته، كما أنها (بريطانيا) تمتلك اقتصادا أكبر مما تمتلكه أى من أيرلندا أو الدانمارك، بما يغير سيكولوجية العلاقة؛ كما أنه يبدو واضحا أن اللاعبين الرئيسيين فى تلك الدراما يعتقدون أنها حقيقية: ديفيد كاميرون، رئيس وزراء المملكة المتحدة أعلن استقالته عقب التصويت ثم حذا حذوه جوناثان هيل، المفوض البريطانى بالاتحاد الأوروبي." وقال راخمان "على أن ثمة إشارات تدل على أن بريطانيا قد تتجه إلى إجراء استفتاء ثان أكثر مما تدل على خروجها بشكل نهائى من الاتحاد الأوروبي، وقد ألمح بوريس جونسون، عمدة لندن السابق وقائد حملة الخروج، إلى ذلك عندما قال فى شهر فبراير الماضى (ثمة طريق واحد للحصول على التغيير الذى نحتاجه (داخل الاتحاد) – هذا الطريق هو التصويت لصالح الخروج؛ لأن كل تاريخ الاتحاد الأوروبى يظهر أنه لا يستمع بجدية إلى أى شعب إلا عندما يقول (هذا الشعب): لا." ونوه الكاتب عن أن المستر بوريس جونسون كان يعمل صحفيا فى بروكسل إبان استفتاء الدانماركيين على معاهدة (ماسترخت) ومن ثمّ فهو يعرف جيدا تاريخ الاستفتاءات الثانية، مشيرا إلى أنه من المعلوم جيدا أن المستر جونسون لم يكن أبدا مؤيدا متشددا لخروج المملكة من الاتحاد وأنه فى المقابل تردد كثيرا قبل أن يقرر المعسكر الذى يدعمه. ورأى صاحب المقال أن "هدف المستر جونسون الرئيسى إنما كان أن يصبح رئيسا للوزراء؛ وأن الترويج لحملة الخروج من الاتحاد الأوروبى إنما كان وسيلة لتلك الغاية، وبمجرد أن يتولى المستر جونسون الحكومة، فسيكون بإمكانه تغيير موقفه من الاتحاد الأوروبي." وتساءل راخمان "ولكن هل يمكن للشركاء الأوروبيين أن يسمحوا بذلك؟ ممكن جدا.. يمكن استنباط ذلك من حديث فولفجانج شويبله وزير المالية الألمانى بشأن التفاوض على السماح لبريطانيا بالحصول على عضوية (منتسبة) بالاتحاد." وفى هذه النقطة قال الكاتب "بالحقيقة، لقد تمتعت المملكة المتحدة بهذه العضوية المنتسبة؛ ذلك أنها ليست شريكا فى العملة الأوروبية الموحدة أو اتفاقية الـشنغن اللاغية لجوازات السفر... وعليه، فإن التفاوض على المزيد من الطرق لتحصين بريطانيا مما يعانيه التكتل من مشكلات مع الحفاظ على استمرارية دخولها السوق الموحدة – هذا التفاوض سيكون بناء على أساس قائم بالفعل."