كيف نعرف ما الذي يجري في الصين فعلاً؟

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٧/يونيو/٢٠١٦ ٢١:٣٣ م
كيف نعرف ما الذي

يجري في الصين فعلاً؟

تشانج جون

كانت دقة معدلات الناتج المحلي الإجمالي والنمو الرسمية في الصين موضوعا لمناقشات ساخنة محتدمة منذ فترة طويلة، وكان اعتقال وانج باوان مدير المكتب الوطني للإحصاءات في يناير بتهمة الكسب غير المشروع سببا في تضخيم الشكوك حول نزاهة هذا المكتب. مع ذلك، وعلى نحو ما، أفلتت من المناقشة إلى حد كبير إحصاءات الاستثمار الرسمية في الصين.

وفقا للمكتب الوطني للإحصاءات في الصين، بلغ تكوين رأس المال الثابت (صافي الزيادة في الأصول الثابتة) نحو 46 % من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط في السنوات الأخيرة. وهي نسبة أعلى كثيرا من المتوسط العالمي الذي يبلغ نحو 22 %؛ ولكنها في الوقت نفسه أدنى كثيرا من متوسط الأرقام التي تقدمها أقاليم الصين المختلفة. ففي العام 2012 على سبيل المثال، أفادت نصف الأقاليم تقريبا عن حصص في الناتج المحلي الإجمالي لتكوين رأس المال تجاوزت 60 %؛ بل تجاوزت 80 % في ستة من الأقاليم.
وقد رفض المكتب الوطني للإحصاءات الإعلان عن الكيفية التي يحسب بها إجمالي تكوين رأس المال الثابت. ونظرا لأهمية مثل هذه المعلومات في تقييم دقة النتائج، فقد قررت التحقيق في الأمر - بالمشاركة مع تشو تيان من كلية الصين أوروبا الدولية لإدارة الأعمال وطالب الدكتوراه ليو فانج. ولا توحي النتائج التي توصلنا إليها بالثقة.
فمنذ العام 2004 أو نحو ذلك، كان إجمالي الاستثمار في الأصول الثابتة وفقا للمكتب الوطني للإحصاءات دائما عند مستوى أعلى كثيرا من إجمالي تكوين رأس المال الثابت (والذي يشكل ما يقرب من 98 % من إجمالي تكوين رأس المال).
ربما يكون من الجائز تفسير هذا التضارب بارتفاع أسعار الأراضي الحقيقية (المعدلة تبعا للتضخم). ولكن شراء الأراضي بلغ أقل من 15 % من معدل تكوين رأس المال الثابت الرسمي في الصين - أو نحو 10 % من إجمالي الاستثمار في الأصول الثابتة - منذ عام 2004. ولا يكفي هذا لتفسير مثل هذا التأثير الضخم. كانت حسابات فريقي لتكوين رأس المال لعام 2012 أعلى من أرقام المكتب الوطني للإحصاءات الرسمية بنحو 64 %. وتشير هذه النتيجة، جنبا إلى جنب مع أرقام الإنفاق الاستهلاكي النهائية وصافي الصادرات التي يستخدمها المكتب الوطني للإحصاءات (ولكنها تُحسَب بشكل مستقل)، إلى مجموع للناتج المحلي الإجمالي المحتسب استنادا إلى الإنفاق أعلى بنحو 32 % من الأرقام القائمة على الإنتاج والصادرة عن المكتب الوطني للإحصاءات. ولأن المكتب الوطني للإحصاءات يعتبر طريقة الحساب استنادا للناتج أكثر دقة في الصين، فيبدو من المرجح أن الناتج المحلي الإجمالي استنادا إلى الإنفاق لا يُحسب بشكل مستقل، بل يُستَخدَم الناتج المحلي الإجمالي المحتسب استنادا للإنتاج كمرجع فحسب.
الواقع أن الأرقام الرسمية لتكوين رأس المال الثابت ربما يجري إنتاجها مع تعديلات بسيطة تهدف إلى تقريبها قدر الإمكان من الناتج المحلي الإجمالي المحتسب استنادا إلى الإنتاج مع خصم الإنفاق الاستهلاكي وصافي الصادرات. وإلا فإن المكتب الوطني للإحصاءات قد يضطر إلى زيادة أرقام الناتج المحلي الإجمالي المحتسبة استنادا إلى الإنفاق، مما يرفعها إلى مستوى أعلى كثيرا من الناتج المحلي الإجمالي المحتسب استنادا إلى الإنتاج. بطبيعة الحال، إذا كانت هذه هي الحال، فإن التقليل من تقدير نسبة الاستهلاك، وهو ما قد يحدث في الأرجح، من شأنه أن ينتج حصة مضخمة لتكوين رأس المال الثابت في الناتج المحلي الإجمالي للصين.
وكأن هذا القدر من عدم اليقين لم يكن كافيا، فإذا بنا نواجه أيضا المسألة حول مدى دقة الأرقام الأساسية للاستثمار في الأصول الثابتة. كانت الحكومات المحلية متهمة دوما بتضخيم هذه الأرقام، من خلال ضم الإنفاق المخطط له على سبيل المثال. ولكن حتى لو كان ذلك يحدث حقا، فإنه لا يفسر كيف من الممكن أن يستمر الإجمالي في الارتفاع لأكثر من عشر سنوات. ولا يوجد أيضا أي سبب واضح قد يدفع الحكومات المحلية إلى الشروع في الكذب فجأة في 2004، ما دامت الحوافز لتقديم أعلى أرقام ممكنة متوفرة بالفعل قبل ذلك العام.

أستاذ الاقتصاد ومدير مركز الصين للدراسات الاقتصادية في جامعة فودان.