تنامي اهتمام الأفراد والمؤسسات بالمسؤولية الاجتماعية

بلادنا الأحد ٢٦/يونيو/٢٠١٦ ٠٣:٢٥ ص

يشكو البعض من تراجع العمل التطوعي في المجتمع، إلا أن الأغلبية يرون أن ثقافة العمل التطوعي والمسؤولية الاجتماعية بدأت تأخذ مكانها لدى المواطنين والمقيمين لإدراكهم أهميتها.
في هذا الإطار نشأت عدة كيانات أهلية من أهدافها تعزيز العمل التطوعي، كما تقوم الشركات بدور في خدمة المجتمع المحلي كالإسهام في تقديم دورات تدريبية فنية ومهنية لأبناء المجتمع الذي تعمل فيه وغير ذلك من أوجه الدعم الفني والاجتماعي والثقافي.
تقول عضوة مجلس الدولة المكرمة زهور بنت عبدالله الخنجرية: العمل التطوعي ينبع من الفرد، وعلينا جميعا كأفراد في المجتمع خدمة ومساعدة أفراد البلد والعمل لما فيه صلاح المنطقة.
وتضيف: على الشركات أن تكون الجزء المكمل وتقوم بواجبها تجاه المجتمع، فتطور المجتمعات ناتج من رغبة ساكنيه للرقي به.
من جانبه قال نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة عمان المهندس رضا بن جمعة آل صالح: المسؤولية الاجتماعية مهمة جدا وواجبة، وعلى الشركات والمؤسسات أن تسهم بجزء من أرباحها وبخاصة في المناطق التي تعمل بها، وهو أمر يندرج تحت "المسؤولية الوطنية"، فهو جزء يسير مما أعطاه البلد لتلك الشركات.
وعن مدى مساهمة الشركات غير الحكومية في دعم العمل التطوعي قال آل صالح: بدأت ثقافة المسؤولية الاجتماعية تنمو وتتطور لدى الشركات، حيث باتت تدرك أهميته وواجباتها تجاه المجتمع، وهناك تجاوب من الشركات لخدمة المجتمع، مناشداً جميع الشركات دعم العمل التطوعي وبذل المزيد لخدمة المجتمع.
وقالت مديرة المسؤولية الاجتماعية بشركة عمران بدرية السيابية إن معوقات العمل التطوعي تتمثل في عدم فهم المجتمع لمفهوم العمل التطوعي، فأغلبية الناس تعتقد أنه مقتصر على المساعدات المالية أو هو عبارة عن زكاة وصدقات، في حين أن العمل التطوعي قد يكون تقديم خدمة أو المساعدة في تنمية مهارات وخبرات تعين المتلقي وتصقل مهاراته.
وتضيف: لكي نفعل العمل التطوعي في المجتمع يجب أن نغرسه في النشء منذ سن مبكرة في البيت وبعدها في المدرسة.
وذكرت أن أي جهد يخدم المجتمع ويقوم به الفرد يعتبر عملا تطوعيا، كما أن أوجه العمل التطوعي عديدة ومتنوعة الطرق والأشكال فمجرد أن تزيل الأذى عن الطريق أو تساعد زميلك في الدراسة أو تحافظ على الممتلكات العامة يعتبر عملا تطوعيا، والعمل التطوعي واجب على الفرد فكونك جزءا من المجتمع ينبغي عليك خدمة هذا المجتمع.

مبادرة نوعية

المتطوعة رشيدة بنت محمد البلوشية تؤمن بأهمية العمل التطوعي كونه ركيزة أساسية لخدمة الشعوب والمجتمعات فقد قامت بمبادرة أولى من نوعها وسعيا لتنمية قدرات الطفل العقلية والاجتماعية واكتسابه السلوك التربوي السليم وغرس القيم الأصيلة في نفوسهم وتهيئتهم للمدرسة.
تقوم رشيدة بتعليم الطلبة ممن لم تمكنهم الظروف من الالتحاق بمؤسسات تعليمية خاصة في مدرسة حكومية للتمهيدي (التعليم ما قبل المدرسة)، وقد أوضحت لـ "الشبيبة" أن الفكرة جاءت من حاجة المجتمع لهذه المبادرة حيث إن أهالي المنطقة بحاجة لمن يقف بجانبهم وينمي قدرات أبنائهم في القراءة والكتابة ويصقل مهاراتهم من قبل دخولهم إلى الصف الأول ويغرس فيهم القيم الأصيلة.
في البداية أخذت رشيدة دورات عديدة تدريبية وتأهليلية لتعليمهم بعدها طرحت الفكرة على إدارة مدرسة مطرح للتعليم الأساسي بأن يتم تجهيز صف بجميع أدواته كالمواد الدراسية وبعض الألعاب التعليمية والكراسي والطاولات. وقد رحبت المدرسة بهذه الفكرة.
وتقول رشيدة: تلقيت تسهيلات ومساعدات من إدارة المدرسة، ونحن متواجدون في المدرسة من السنة الفائتة، وبعد أن اكتملت الفكرة وجدت استجابة ورغبة من أولياء الأمور لإلحاق أطفالهم، وبعد مرور سنة لاحظنا تحسنا متناميا في لغة الأطفال وكذلك سهولة تعليمهم القراءة حينما يلتحقون في الصف الأول فالطالب يصبح قادرا على قراءة الكلمات من ثلاثة حروف، ما يساعدهم على حب المدرسة والتعلم.
وعن أهمية تأهيل الاطفال ما قبل المدرسة قالت رشيدة البلوشية: يواجه الطالب صعوبة في الاستجابة عند انتقاله مباشرة من البيئة المنزلية إلى البيئة المدرسية فتمهيده قبل الصف الأول يعينه ويساعده لتعلم القراءة والكتابة ومسك القلم. ومن ملاحظتنا هنالك تطور كبير في المستوى التعليمي للطلاب وفي أفكارهم وفي تحسين لغتهم العربية.
وتحدثت رشيدة البلوشية عن أهمية إقامة مثل هذه الأعمال التطوعية فقالت: إن بعض أولياء الأمور متدنو التعليم ولا يملكون المعرفة الكافية ولا يوجد لديهم القدرة على تعليم أبنائهم ما قبل دخولهم الى المدارس الحكومية، وكذلك فإن ارتفاع رسوم التعليم في المدارس الخاصة قد يقف حجرعثرة أمام أولياء الأمور.
وعن أفكارها المستقبلية قالت رشيدة إنها تخطط لإنشاء مؤسسة تطوعية مستقلة لنفس الفئة فمثل هذه المؤسسات تحمي وتحتضن الطفل من التسيب والتشرد، حيث يتم تعليمهم الثقافة المحلية والعادات والتقاليد العمانية الراسخة وقيم التعاون والتكاتف والقيم الحميدة والاعتماد على الذات وأساسيات اللغة العربية.
وبينت رشيدة البلوشية أن هذه المؤسسات التعليمية لا تحل محل المؤسسات الربحية بل هي مكملة لها، وناشدت المؤسسات الربحية مساعدتها، لكي تكتمل المنظومة وتحقق أعلى مستوى التكامل الاجتماعي.

دور المدرسة

نوال الهوتية معلمة لغة انجليزية في مدرسة مطرح للتعليم الأساسي قالت: دور المدرسة في إنشاء الصف التمهيدي في البداية توفير قاعة لطلاب الصف التمهيدي بالإضافة إلى تعاون إدارة المدرسة بتوفير المستلزمات التعليمية كالكراسي والطاولات وكافة الأدوات، وأيضا تعاونها في إشراك أولياء الأمور في تبيان أهمية الصف التمهيدي ونشر التوعية بأهميته بالإضافة إلى التواصل مع المديرية التعليمية لمحافظة مسقط في توفير الوسائل والكتب والدفاتر الخاصة بطلاب التمهيدي.
وبينت الهوتية أن العمل التطوعي بخاصة في هذه المنطقة له أهمية كبيرة فالطلاب في بيئة تحتاج لهذه المبادرات نظرا لظروفهم المادية والاجتماعية والأسرية فهم بحاجة إلى عمل تطوعي في تعليم أبنائهم الصغار اللغة العربية والتربية الإسلامية والعادات الحميدة والتقاليد المحلية الثرية بكل القيم الإنسانية الرائعة.