بيونج يانج تحدي كبير لواشنطن

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:٢٥ م
بيونج يانج  تحدي كبير لواشنطن

ديفيد إجناتيوس

في وقت ما خلال السنوات القليلة المقبلة قد يواجه الرئيس الأمريكي القادم تهديدا خطيرا من مكان بعيد: صاروخا يحمل رأسا نوويا تطلقه كوريا الشمالية يضرب الأراضي الأمريكية. فكوريا الشمالية تحت قيادة شاب متهور تشكل الخطر النووي المباشر الأكبر للولايات المتحدة. وكيم يونج أون زعيم ضعيف في كل الجوانب ما عدا جانب واحد أنه يدفع قدما بلا هوادة في برنامج لبناء صواريخ تحمل رؤوسا حربية نووية يمكن أن تصل إلى جوام والاهداف الامريكية أخرى.
كما أن كوريا الشمالية النووية، رغما عن بعدها، تشكل ما يرى المخططون في البنتاجون تحديا ملحا بالنسبة للولايات المتحدة، ويقول مسؤولون ان الوضع يتطلب خططا وثيقة للرصد والطوارئ وكيفية الرد على مجموعة من السيناريوهات التي قد تحدث جراء احتمال اقدام بيونج يانج على هجوم متهور.
وكانت إستراتيجية إدارة أوباما تقوم على العمل مع الصين لاحتواء كيم والسعى لإخلاء كوريا الشمالية من الأسلحة النووية. وقد أشادت الولايات المتحدة بموقف الصين في دعمها قرارا لمجلس الامن الدولي في شهر مارس الفائت الذي أدان التجارب النووية والصاروخية لكوريا الشمالية وفرض عقوبات محدودة. وذكر مصدر كوري جنوبي أن الصين والولايات المتحدة تتعاونان معا، إلا أنه حذر من أن أن تحركهما يتباين كثيرا من حيث الشدة والسرعة.
فالصين تفضل التعامل ببطئ مع قضية كوريا الشمالية، كما هو الحال مع معظم قضايا السياسة الخارجية، لكن المخططين الأمريكيين يتساءلون ما إذا كان لديهم متسع من الوقت في التعامل مع دولة أطلقت قبل ثلاثة أشهر فقط تحذيرا أنها قد تشن "ضربة نووية وقائية وهجومية" ضد المناورات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وقال كورت كامبل، وهو مساعد سابق لوزير الخارجية لشؤون آسيا ومستشار رئيسي للمرشحة الديمقراطية للرئاسة هيلاري كلينتون، أن الصين تحتاج أن تدرك أن هذا النهج لا يفيد. واشار الى أن الصين تواصل اتخاذ خطوات صغيرة، ولكن المطلوب هو فرض عقوبات أكثر صرامة بكثير من النوع الذي حقق التغيير في سياسة إيران وبورما. وإذا لم تشارك الصين في مثل تلك العقوبات، ربما يكون على الولايات المتحدة أن تفرضها من جانب واحد.
وهناك اليابان وكوريا الجنوبية، المستهدفتان أيضا من صواريخ كوريا الشمالية، واللتان تشاركان الولايات المتحدة في قلقها. ويرى محللون يابانيون بعض المؤشرات على أن الصين تشدد حدودها مع كوريا الشمالية بما يتماشى مع الامتثال لقرار الامم المتحدة. ويتفق المحللون في الكورية الجنوبية ان الصين قد اتخذت بعض الخطوات الإيجابية، إلا أن بكين لا تزال مستوردا كبيرا للفحم الكوري الشمالي.
وعلى الرغم من القلق الدولي المتزايد، تمضي كوريا الشمالية قدما في أنشطتها. فقد تجاهلت القرار الذي أصدرته الامم المتحدة في شهر مارس وقامت بإجراء تجارب متعددة لاحقة لصواريخ موسودان متوسطة المدى. ويعتقد محللون أميركيون أن هذه الصواريخ على وجه التحديد قد صممت لاستهداف الأراضي الأمريكية في جوام، على المدى القريب، بينما تقوم بوينج يانج بتطوير صواريخ باليستية أكبر عابرة للقارات يمكن ان تضرب هاواي وألاسكا أو الأراضي الأمريكية. ويقول محللون كوريون جنوبيون ان كوريا الشمالية ركزت في كل التجارب النووية الأخيرة على صنع سلاح أصغر وأخف وزنا يمكن أن يوضع على رأس صاروخ.
ويبدو أن العقوبات الأممية لم يكن لها تاثير في الحد من هذه التصرفات الاستفزازية، فقد أدان مجلس الأمن الأسبوع الفائت التجارب الصاروخية الأخيرة أنها تمثل انتهاكها جسيما وصارخا لقرارها في شهر مارس إلا أن الأمم المتحدة تركت السؤال مفتوحا حول كيفية ممارسة ضغوط أكثر صرامة. وتمثل كوريا الشمالية الصداع الأكبر في الوضع الأمني الآسيوي عموما، وقد تتصدر قضيتها جدول أعمال الرئيس القادم. كما يمثل موضوع بحر الصين نقطة الخلاف الأخرى، بعد أن أظهرت إدارة أوباما مؤخرا تصميما جديدا ضد مطالبات السيادة الصينية. وحذر وزير الدفاع آشتون كارتر في سنغافورة في نهاية الأسبوع الفائت أن المحاولات الصينية استصلاح أراضي في سكاربورو شول المتنازع عليها سيكون خطوة "استفزازية ومزعزعة للاستقرار"، وسوف تؤدي الى إجراءات أمريكية غير محددة ردا على ذلك. وخلال زيارة قام بها وزير الخارجية جون كيري مؤخرا إلى منغوليا، قدم تحذيرا مماثلا ضد أي محاولة صينية لفرض "منطقة محددة للدفاع الجوي" في بحر الصين الجنوبي. ويعتقد بعض المحللين الآسيوي أن بكين فهمت الرسالة ومن ثم فقد أبطأت في الوقت الراهن من توسعها في بحر الصين الجنوبي. ولكن قبل أيام حلقت طائرات صينية بالقرب من طائرة استطلاع امريكية في المنطقة المتنازع عليها، في ما وصفها مسؤولون أميركيون أنها كانت على سرعة "غير آمنة".
وربما يكون الشرق الأوسط وأوروبا في مقدمة أولويات جدول أعمال الرئيس الجديد، ولكن بحلول شهر يناير قد تكون كوريا الشمالية والمسرح الآسيوي القضية الأكثر إلحاحا أمام القائد الأعلى الجديد للقوات المسلحة.

كاتب مقال رأي بصحيفة واشنطن بوست