هدية حادثة اورلاندو لترامب

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ١٥/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:٢٥ م
هدية حادثة اورلاندو لترامب

دانا ميلبانك

كم هي المدة المتبقية قبل أن يتم إجبار المسلمين الأمريكيين على ارتداء شارات صفراء مع نجمة وهلال؟ هذا ما قاله مؤخرا دونالد ترامب، الرجل الذي سيرشحه الجمهوريون ليكون رئيسا، ليضاف الى تصريحاته الفائتة عن فرض حظر على هجرة المسلمين، ناهيك عن تهديده بإغلاق المساجد وإجبار المسلمين في البلاد على أن يقوموا بتسجيل أنفسهم لدى السلطات. والآن في محاولة لاستغلال المجزرة الأخيرة في أورلاندو، يزعم ترامب أن "الآلاف" من المسلمين الأمريكيين، ممن توفر لهم الحماية والملاذ من قبل إخوانهم على استعداد لارتكاب أكبر المجازر بسبب كراهيتهم لهذا البلد الذي يعيشون فيه.
وفي حديث ترامب مع قناة فوكس نيوز الاثنين الفائت قال ""هناك الكثير والكثير والكثير من الناس الذين يعيشون الآن في الولايات المتحدة أسوأ من الشخص الذي أطلق النار، وهناك آلاف مثله وبنفس العقلية في هذا البلد.
ويزعم المرشح المفترض أن المشكلة قد تكون "في دينهم"، وقال "هناك الكثير والكثير من الأشخاص، الآلاف من الأشخاص في بلدنا مرضى بالكراهية، والناس الذين من حولهم من المسلمين يعرفونهم إلى حد كبير. كما صرح روجر ستون، المستشار غير الرسمي المقرب من ترامب أن هوما عابدين، المسلمة، وهي كبيرة مستشاري هيلاري كلينتون، قد تكون جاسوسة سعودية أو "عميلة إرهابيا"
ومرة أخرى راح ترامب يردد القول بأن الرئيس أوباما يتعاون تعاونا وثيقا مع العدو الإرهابي، ما يعني اتهام القائد العام بجريمة الخيانة التي يعاقب عليها بالإعدام. وقال ترامب أن أوباما "يجب أن يستقيل فورا بوصمة عار إذا امتنع عن استخدام عبارة "الإرهاب الإسلامي المتطرف."
وأوباما مثل جورج دبليو بوش من قبله، يتجنب الكلمات التي تثير دون داع المزيد من التطرف. ومنذ سنوات طويلة يروج ترامب لنظريات المؤامرة على غرار أن أوباما مسلم خائن، وفي العام الفائت علق على قرار أوباما السماح باستقبال اللاجئين السوريين في الولايات المتحدة بأن هناك الكثير من الناس يعتقدون ان تلك نوايا شريرة" وفي موضع اخر قال ترامب أن أوباما غير حازم في حل المشكلة مع الإرهاب لأن هناك شيء ما لا نعرفه.
وقبل ذلك بالطبع روج تشككه حول ميلاد أوباما وقال "إنه لا يملك شهادة ميلاد، واذا كانت لديه واحدة فهناك شئ ما سيء للغاية بالنسبة له في تلك الشهادة، وقد أخبرني شخص ما الآن أنها قد تتضمن خانة الديانة وقد يكون مكتوب فيها " مسلم"
وجاءت المأساة الأخيرة في أورلاندو لتسمح لترامب بتحويل حديثه من الهجمات العنصرية ضد قاض اتحادي من أصل مكسيكي، غير أن المذبحة المروعة في أورلاندو لا تصلح للتسييس هكذا ببساطة، فالقاتل يبدو أنه يعاني من مشاكل عقلية، وفي الوقت الذي يدعي الولاء لداعش، كان الدافع الواضح هو الكراهية المعادية للمثليين. ولا يمكن لترامب أن يلقي اللوم على المهاجرين لأن القاتل أمريكي المولد. وفي خطاب معد له سلفا أذيع بعد ظهر الاثنين قال ترامب أن "السبب الوحيد لوجود القاتل في أمريكا في المقام الأول أننا سمحنا لعائلته أن تأتي إلى هنا، ويجب على المجتمعات الإسلامية أن تبلغ عن الأشخاص الذين يعرفون أنهم أشرار، وهم يعرفون أماكنهم".
وترامب قد جعل من قاتل أورلاندو واحدا من آلاف القتلة المحتملين والمعروفين لدى الأمريكيين المسلمين الذين يوفرون لهم الحماية في ظل رئيس يتعامل بود مع الارهابيين.
وضمن نظرية المؤامرة التي يسيطر هاجسها على ترامب والتي راح يرددها خلال لقائه على قناة فوكس نيوز أعلن أن داعش قد استولت على ماكينات خاصة بعمل جوازات سفر أمريكية وأنهم يقومون الآن بعمل جوازات سفر أفضل مما تقوم به السلطات الأمريكية ( وكانت المخابرات الأمريكية قد حذرت بالفعل أن الارهابيين ربما يكونوا قادرين على عمل جوازات سفر تبدو كالأصلية تماما بأجهزة في حوزتهم).
وقد روج ترامب عشرات من نظريات المؤامرة، مع العديد من الإيحاءات العنصرية، وغالبا ما يصوغها في عبارات مثل " يقول البعض" أو "يعتقد كثير من الناس"، تماما إلى حد كبير على غرار ما يقوم به عند نفي ارتكابه للأخطاء زاعما أنه يقوم فقط بإعادة توجيه مشاركات من قبل آخرين من العنصريين البيض.
وقبل حادث اطلاق النار في أورلاندو، قال ميت رومني لوولف بليتزر مذيع سي ان ان أنه قلق بشأن العنصرية التي يروج لها ترامب. وبعد ساعات من حادث أورلاندو، غرد ترامب " أقدر التهنئات على أنني محقا فيما أقوله عن الإرهاب الإسلامي المتطرف".
والحقيقة أنه يستحق التهنئة ولكن على الموجة الجديدة من التطرف، فالعداء الذي يكيله ترامب ضد المسلمين سيجعل الأمر أكثر سهولة على الإرهابيين للقيام بتجنيد وإلهام مسلمين ساخطين. لقد حذر ترامب يوم الاثنين ان الإرهاب الذي حدث في أورلاندو سوف يزداد سوءا وسوءا" ويبدو أن هذا بالفعل صحيحا بسبب ترامب.

كاتب مقال رأي بصحيفة واشنطن بوست