الحرب تفقد رمضان اليمن مذاقه

الحدث الأربعاء ١٥/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:١٨ م
الحرب تفقد رمضان اليمن مذاقه

عدن - إبراهيم مجاهد
(الحرب والظلام وغلا الأسعار).. ثلاثي الأزمة المرعبة التي تعصف باليمنيين.. للعام الثاني على التوالي، يعيش المواطن اليمني شهر رمضان كما لو كان يستقبل كارثة ليس إلاّ.. فالأزمة الممتدة كالجحيم من رمضان إلى رمضان تزداد حدة في شهر الصيام حيث تزداد الأسعار ارتفاعا بشكل جنوني..
يقول مختصون أن الزيادة الجنونية في أسعار المواد الغذائية زادت من اتساع دائرة الفقر وحجم المعاناة في البلد الأشد فقراً أصلاً..
فمصادر الدخل لدى المجتمع في انعدام تام بسبب ما خلفه النزاع المسلح الذي تسبب في انتشار البطالة في أواسط المجتمع اليمني بشكل عام إضافة إلى من تم توقيفهم عن أعمالهم في القطاعات الثلاثة العام والمختلط والخاص أيضاً فهناك عشرات الآلاف من اليمنيين فقد مصدر دخلهم بسبب الحرب وثمة آخرين ممن تم توقيف رواتبهم وكل هذا رفع من حدة البطالة وجعلها تصل الى أعلى نسبة في العالم.
ويشير تقرير أممي الى أن هناك نقصا في إمدادات الغذاء والوقود والدواء، ما يجعل الأسعار باهظة. كما يواجه المستوردون صعوبات في الحصول على تسهيلات ائتمانية لاستيراد البضائع. ويأتي رمضان في ظل انقطاع تام للكهرباء في أغلب المحافظات اليمنية منذ نحو عام، والانعدام التام للخدمات الصحية والتعليمية والوظيفية وتوقف المصالح والمؤسسات المختلفة..

صيف رمضان قائض..
ويتزامن رمضان هذا العام مع فضل الصيف المتسم بطقسه الحار الأمر الذي ضاعف من معاناة السكان سيما في المناطق الساحلية أو المناطق ذات الحرارة المرتفعة والتي تشهد مواجهات مسلحة.
وبلغت درجات الحرارة أكثر من أربعين درجة مئوية في" عدن" أو" الحديدة"، وتسبب ارتفاع الحرارة في الحديدة بإصابات بأمراض جلدية.. ووفيات في عدد من المستشفيات؛ حيث أكد مصدر طبي بالمحافظة لـ "الشبيبة" أن شهري مايو وإبريل شهدت معدلات الوفيات في المستشفيات ارتفاعاً عن العام السابق، مؤكداً أنه يمكن القول أنه تم رصد ثلاث حالات وفاة في مستشفيات الحديدة كل يوم أي بمعدل "90" حالة شهرياً بسبب ارتفاع درجة الحرارة وانقطاع الكهرباء وغيرها من الأسباب المرضية.

الحرب والإرهاب..
الوضع الإنساني في تدهور مستمر والتحركات الوطنية والدولية لم تهتم كثيراً في كبح جماح التدهور في ظل تحذيرات محللين سياسيين من أن اليمن ما زال مهيئاً لتطورات أمنية وعسكرية خطيرة، حيث يواجه المواطن اليمني الموت بسيفين؛ سيف الفقر والمجاعة وسيف الحرب والإرهاب والجماعات المسلحة..
يجمع أغلب اليمنيين البسطاء أو ممن كانوا يحسبون على شريحة ذوي الدخل المتوسط قبل الحرب، أن الميزانية التي كانوا يخصصوها لاحتياجات رمضان لم تعد كافية. لذلك آثروا أن يكون مطبخ رمضان هو مطبخ شعبان ورحم الله أناس عرفوا قدر نفسهم..
الزيادة في الأسعار الغذائية ترهق كاهل المواطن اليمني من ذوي الدخل المحدود وتضاعف معاناته سيما وأن الميزانية الشحيحة للفرد لا تصمد أمام الأزمة المتفاقمة في البلاد مع انهيار الريال اليمني أمام سعر الدولار وانعدام مادة البنزين..

أسعار جنونية..
و شهدت أسعار المواد الغذائية وخاصة في السكر والقمح والأرز والألبان والزيوت والبقوليات واللحوم ارتفاعا بين 5 - 15%.
ومع حلول شهر رمضان تضاعفت أسعار الغاز المنزلي بالعاصمة صنعاء وعدن وغيرها من المحافظات اليمنية بزيادة 1200 ريال للأسطوانة الواحدة التي وصل سعرها إلى 4 آلاف ريال بعد أن كان سعرها 2800 ريال في ظل الأزمة. الأمر الذي يشير إلى أن زيادة الأسعار هي التي تتضاعف حيث أن سعر الاسطوانة الطبيعي 1200 ريال في 2014..
وتضاعفت الزيادة في سعر البنزين في العاصمة صنعاء بنسبة 100%، حيث وصل سعر الـ (20 لتر) إلى 8 آلاف ريال، بينما كان سعره منذ أسبوعين 4 آلاف ريال. في حين شهدت محافظة عدن أزمة خانقة في المشتقات النفطية. إلاّ أن هذه الأزمة لم تنته بعد إلاّ أنه بدأت تقل بشكل تدريجي بعد أن قامت الحكومة بضخ كميات كبيرة من البترول إلى المحطات.
انعدام المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها في السوق السوداء أثر بشكل فوري على أسعار المواد الغذائية الطازجة مثل الأسماك والخضروات واللحوم، التي تحتاج إلى نقل من مناطق بعيدة عن صنعاء وبعض المدن. الأمر الذي زاد من حدة الأزمة على المواطن اليمني البسيط الذي لم يعد يفكر إلاّ كيف سيعيش إلى يوم غد.
استمرار الزيادة في الأسعار قد تؤدي الى اتساع رقعة الفقر والجوع وارتفاع نسبة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ووفيات الأمهات. ويرى اقتصاديون أن غياب الرقابة الحكومية ومنع الاحتكار ساعد التجار على استغلال الأزمة بشكل مخيف..

*-*
المجاعة تمدد في اليمن
كشف تقرير حديث أصدرته "شبكة الإنذار المبكر" عن المجاعة عن استمرار مضطرد للأزمة الإنسانية في اليمن بسبب الحرب القائمة منذ أكثر من عام. وأكد التقرير أن أسعار المواد الغذائية لن تتوقف عن الارتفاع على الرغم من مستويات الأسعار المنخفضة السائدة في السوق العالمية بسبب استمرار التدهور الاقتصادي للبلاد والانخفاض المستمر للريال اليمني في السوق السوداء، ما يسبب زيادة في معدلات التضخم التي تقدر حاليا بأكثر من 30 بالمائة سنوياً.
ويرى مختصون أن معاناة المواطن اليمني في رمضان هذا العام تختلف جداً عن الأعوام السابقة، فالمعاناة باتت أشد حتى من العام السابق الذي كان يشهد حرباً رقعتها كانت أوسع مما هي عليه اليوم؛ حيث بلغ الفقر والعوز لدى شريحة كبيرة من اليمنيين إلى مستويات مخيفة وبات أرباب الأسر الذين لديهم عمل ما لا يستطيعون أن يوفروا الوجبة الكاملة لأبنائهم ولعوائلهم. ناهيك عن من فقدوا أعمالهم ومن هم بدون أعمال وغيرهم فهم في حالة فقر شديد.