تأثير محدود لتحرير الوقود على أسعار السلع في السلطنة

مؤشر الأحد ١٢/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:٣٠ م
تأثير محدود لتحرير الوقود على أسعار السلع في السلطنة

مسقط – فريد قمر

بمجرد الإعلان عن نية تحرير أسعار الوقود في السلطنة، كثرت المخاوف عن احتمال ارتفاع الاسعار بشكل كبير وحصول تضخم بمعدلات ترهق المستهلكين، غير أن الأرقام الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تظهر أن تأثير ارتفاع اسعار الوقود مازال محدوداً على معظم السلع، إذ لم تصل معدلات التضخم في السلطنة إلى حدود المعدل العالمي بل بقيت منخفضة ضمن حدود مقبولة نسبياً.
فقد بلغ معدل التضخم حتى شهر مايو الفائت 1.14 في المئة، ويأتي ذلك كنتيجة طبيعية لتحسن اسعار النفط العالمية وتعافي العملات، بل يعتبر هذا المعدل أقل من التوقعات الكثيرة التي رافقت ارتفاع أسعار الوقود. وفي قراءة لآخر تقرير مفصل عن التضخم والذي يغطي الفترة الممتدة من شهر أبريل 2015 حتى شهر ابريل 2016 يظهر أن الأسعار الأساسية في السلطنة لم تتأثر، باستثناء القطاع الوحيد المرتبط مباشرة بأسعار الوقود وهو قطاع النقل، فيما شهد معظم القطاعات الأخرى إما معدلاً بسيطاً جداً من التضخم- أقل من المعدل الطبيعي السنوي- وإما تراجعاً في معدلات التضخم وتحديداً في مجموعات السلع الأساسية التي تتعلق بالمواد الغذائية.

القدرة الشرائية
ويعتبر التضخم أحد أهم المؤشرات الاقتصادية لقياس الأوضاع العامة في البلاد، وكسب ثقة المستهلك، وتستخدمه الحكومات حول العالم لقياس القدرة الشرائية لدى المستهلكين. لذلك تسـعى الـدول لتخفـــيض معدلات التضخم اوإبقائها ضمن معدلات مقبولة لا سيما أن الأسعار تنمو بشكل طبيعي كل عام. غير أن إبقاء النمو عند معدلات لا تتجاوز 3 في المئة سنوياً كحد أقصى، يساهم في تحقيـــق الاســـتقرار المـــالي والاقتصادي للبلاد.
وتستعرض أرقام أبريل (تقرير شهر مايو لم ينشر بعد) أبرز معدلات التضخم وحركة الأسعار في المحافظات المختلفة، وتركز على مجموعة سلعية تعتبر اساسية بالنسبة للمستهلكين كالاتصالات والمواد الغذائية والنقل والسكن والملابس.

أسعار النقل
وبحسب الأرقام فإن الرقم القياسي لأسعار المستهلكين ارتفع بنسبة 1.12 في المئة مقارنة مع الشهر نفسه من العام السابق بينما يتراوح المعدل الطبيعي العالمي بين 2 و3 في المئة، وكان السبب الأساسي لارتفاع مؤشر التضخم العام ارتفاع اسعار الوقود وبالتالي مؤشر النقل، الذي بلغ 3.97 في المئة كنتيجة طبيعية لتحرير أسعار الوقود. وتعتبر مجموعة النقل من أهم المؤشرات الرئيسية المكونة للمؤشر العام بحسب التقرير، إذ تمثل 19.2% من سلة المستهلك، وتتكون مجموعة النقل من شراء المركبات وتشغيل آليات النقل الشخصي فضلاً عن خدمات النقل.
لكن رغم ذلك الارتفاع الذي لا يعد بسيطاً، ساهمت الأرقام الإيجابية للمجموعات الأخرى في ضبط معدل التضخم، وبدلاً من أن تؤثر أسعار الوقود في زيادة التضخم في بقية المجموعات، ساهمت تلك المجموعات في ضبط معدل التضخم العام ما يعتبر مؤشراً إيجابياً للاتجاه العام للأسعار وقدرة الدولة على السيطرة على ارتفاع الأسعار من خلال الأجهزة الرقابية المختلفة.
وكان لافتاً أن مجموعة المواد الغذائية سجلت انخفاضاً في الأسعار بنسبة 0.01 في المئة. وفي حين ارتفعت مجموعة الخضروات بين ابريل 2015 وابريل 2016، انخفضت أسعار مجموعة الخبز والحبوب والفاكهة والحليب والبيض فضلاً عن الزيت واللحوم بنسب مختلفة.
أما في مجموع السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود، فارتفعت الأسعار بنسبة مقبولة عند 1 في المئة، رغم أن الارتفاع المتوقع كان ضعف هذه النسبة (بسبب ارتفاع اسعار الوقود)، غير أن التراجع في أسعار العقارات ومجموعة السكن أدى إلى تحقيق ضبط في الاسعار.
أما الاتصالات في السلطنة فانخفضت بنسبة طفيفة ايضاً بلغت 0.22 في المئة فيما انخفض اسعار مجموعة الثقافة والترفيه بنسبة 0.31 في المئة. بينما حافظت اسعار الملابس والأحذية على أسعارها مع ارتفاع بسيط يبلغ 0.22 في المئة.
وكذلك الأمر بالنسبة لمجموعة الأثاث والتجهيزات والمنزلية والصيانة التي ارتفعت بنسبة 0.26 في المئة فقط. وعند التدقيق في توزيع النسب على المحافظات يظهر أن ارتفاع أسعار هذه المجموعة كان في محافظتي مسقط والداخلية فقط، بينما سجلت الأسعار انخفاضاً متفاوتاً في كل من محافظات شمال الباطنة والظاهرة وظفار وشمال وجنوب الشرقية.
وبذلك، وبعد اشهر من تحرير اسعار الوقود يبدو جلياً أن التضخم في السلطنة ما زال مضبوطاً وأن المخاوف من تأثير ارتفاع اسعار الوقود على القدرة الشرائية للمستهلكين لم تكن في مكانها، لاسيما إذا حسبنا أن المعدل العام للتضخم ما زال أقل من المعدل العام لزيادة المداخيل الذي يعتبر حده الأدنى نحو 3 في المئة في السلطنة.