الشيف الخفيف عيسى اللمكي

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٨/يونيو/٢٠١٦ ٢٠:٤٩ م
الشيف الخفيف عيسى اللمكي

عزيزة الحبسية
azizaalhabsi87@gmail.com

من أظرف وأخف البرامج الرمضانية على قلب المشاهد برنامج "عوافي" للشيف عيسى اللمكي، فمنذ أعوام صار عيسى اللمكى أيقونة رمضانية في تلفزيون سلطنة عمان وهو من الوجوه العمانية اللافتة جدا على الشاشة ليس فقط لانه يلتزم ببرنامج يومى طوال الشهر ليستقطب مشاهدين ومشاهدات ومتابعين لا يملون من الفرجة على أسلوبه الثري في الحديث عما يقدم من فنون الطهي فالشيف عيسى لا يعلم الطبخ ومقاديره وحسب وإنما يعلم فن الطبخ وأصوله وأبجدياته.
كنت أتساءل في الحقيقية قبل أن يبدأ التلفزيون العماني في إنتاج برنامج خاص (عن المطبخ) لماذا لا يظهر على تلفزيوننا المحلي برنامج متخصص في المطبخ؟ ولماذا نتحول الى مشاهدة الشيف رمزي في قتاة المستقبل اللبنانية أو نتابع أفنان الزياني في تلفزيون البحرين؟ لماذا لا يكون لنا برنامجنا الخاص؟..وعندما ظهر الشيف عيسى (العماني) لم يكن ظهوره بالنسبة لي ظهورا لشخص متخصص في إعداد موائد عالمية متنوعة بمهارة فائقة فقط وإنما كان ظهوره يعني لي الكثير، فهو يمثل ثقة شاب عماني في إمكانياته واستعداده اللامحدود لأن يتولى الريادة في مجاله وقدرته على تقديم نموذج يمكن أن يحاكى ويفخر به من قبل جيله دون حرج، ويعني لي قدرة عيسى اللمكي على تلمس أهمية ما يقدم للناس وللمجتمع بلا خجل ولا وجل.
ومن الامور التي تبعث على الارتياح كثيرا قدرة التلفزيون على استثمار شخص عماني كعيسى اللمكي وتقديمه للجمهور في حلقات رمضانية يومية قادرة على إقناع فئة من المشاهدين بتخصيص وقت للمتابعة والتعلم والاستمتاع والجلوس أمام الشاشة.
يبقى أن هذا استثمار إعلامي جيد على أكثر من صعيد أحدها تقديم وجه عماني ذي موهبة متميزة تقول إنها جزء من تحول فكري وثقافي واجتماعي يعيشه المجتمع العماني، فحتى وقت قريب كنا نرفض (كأسر) أن يقوم (الولد) باتخاذ مهنة الطبخ كمهنة يوجه بها مستقبله، وقس على ذلك نظرتنا لمهن أخرى كانت مرفوضة كالميكانيكي والكهربائي. ويمكن لهذه المهنة أن تعتبر وصمة اجتماعية لمن يمتهنونها، لذا فإن (عيسى اللمكي) كاستثمار وكحالة جديدة في المجتمع يجب ألا تبقى في إطار موسمي سنوي من خلال برنامج رمضاني ينتهي مع نهاية رمضان، ويجب ان يقدم وجه عيسى اللمكي كرافد ثقافي عماني نعرف به المائدة العمانية ونسوقها للعالم.
كثير من الشعوب يمكن التعرف اليها والى تاريخها وحضارتها من باب المطبخ.. وكثير من الشعوب قدمت نفسها وثقافتها للعالم من خلال أشهر مأكولاتها وألذ أطباقها، لأن المطبخ وجه يؤثر ويتأثر من خلال وسائل مختلفة كالتقاليد والدين والأسرة، وهذه النواحي هي ما يجعلنا مختلفين ومتميزين عن الآخرين. ويمكن للمرء أن يتعلم الكثير عن مجتمع معين وعن شعب ما وعن عاداته وبيئته التي يعيش فيها والتي تعكس كل المكونات المادية الاخرى للحياة من خلال طعامه ومائدته مع أهمية الطريقة التي يتم إعداده بها وطريقة العرض والتقديم حيث يرتبط الطعام بالهوية الثقافية وبالاستمرارية وبالأمن، ويمكن أن يعطي مؤشرا للتحقق من الصحة والاقتصاد والوضع الاجتماعي. وأعتقد بقوة أن عيسى اللمكي يمكن أن يمثل هذا الدور ببراعة.