وقود.. للتنفيس

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٥/يونيو/٢٠١٦ ٠١:١٣ ص
وقود.. للتنفيس

محمد بن سيف الرحبي
alrahby@gmail.com
www.facebook.com/msrahby

يلزمنا قليل من الصبر نهاية كل شهر، بعد أن عوّد، أو حاول أن يعوّد، المواطن نفسه على صبر آخر منتصف (كل شهر) أيضا، مع اقتراب الراتب من (النفاد)، كأنما يقول له جهاز السحب الآلي مثلما تقول له شركات الاتصالات «تعذر الحصول على المشترك المطلوب»!

صبرنا الجديد مستلزم مع الإعلان عن التسعيرة الجديدة للوقود، حيث رقم «البيسات» يتصاعد ومعه غضبنا، لأن التكيّف مع ضغط آخر على الرواتب يلزمه إيجاد البدائل: التخفيف من استخدامنا لسياراتنا، أو نفكر في دخل إضافي، أو الحكومة تزيد دخل موظفيها، بخاصة المتقاعدين (ولا أعني نفسي لأني ممتلك وظيفة) الذين تجمّدت رواتبهم، وليس بمقدورهم العمل، حيث وهن الجسد واشتعل العمر.. همّا!

بيدنا الاحتمالان الأول والثاني، والحكومة، للأسف، ليس بيدها الخيار الثالث، لأن مسألة التنويع الاقتصادي نتحدث عنها أربعين عاما، ولم يكن الإنجاز بمستوى المأمول/‏ المعوّل عليه، فباتت خزينة الدولة مرهونـة لأرقام أسعار النفط العالمية، فجاء الرهان على رفع الدعم عن الخدمات خيارا استراتيجيا، وبمساندة قوية من البنك الدولي، وكان سيبدو منطقيا ومطلوبا لو وجد ما يسانده ليتحمّل المواطن هذه الأعباء: البطاقات التموينية المدعومة لصغار الموظفين وذوي الدخل المحــــدود وغيرها من الفئات التي تحتاج إلى دعم الدولة، طالما أن دعم الخدمات إلى الأبد ليس لصالح الاقتصاد الوطني، ولا يحتاج الأمر إلى تنظير دائم للقول إن الدعم الحكومي المستهلك من قدرات البلاد الاقتصادية يذهب قليله إلى أصحاب الدخول القليلة، ويستفيد منه الآخرون، وما أكثرهم.. وما أوسع قدرتهم.
بموازاة التذمر تجاه هذا الرفع التدريجي لأسعار الوقود، والذي سيرتفع أكثر وفق المؤشرات الحالية، يفترض القيام بخطوات موازية تمنح الناس بريق أمل في أشياء تصب في خانة معيشتهم، فبقاء أصوات الغضب والتذمر لا يعني أنها وقتية وستذهب، بالضرورة، فحساب أسوأ الاحتمالات يجنب البلاد ما هو.. أسوأ.
يحتاج المواطــن أخبارا طيبة.. بعد أن أتعبته الأخـــبار من نوع الأغذية المغشوشة وضبطيات المطاعم والمخازن وغيرها من المنغصات التي تثقل حياته ماديا ونفسيا..
رفع أسعار الوقود تدريجيا قد لا يكون كل ما يرفع غضب الناس، لكنه عامل مهم، فحياتنا «تدربت» على استخدام السيارات الشخصية، إضافة إلى ارتباط غالبية الموظفين ببلدانهم الأصلية، مهما أقنعتهم مسقط بالمكوث فيها خلال أيام الدوام الرسمي، عزابا أو برفقة عائلاتهم، فهل رفع علاوة النقل سيكون إيجابيا، كونه يتلاقى مع حاجة المواطن، مع حصره في فئات متضررة، فلا يلامس هذا الدعم أكثر من نصف عدد السكان في السلطنة، كون نسبة الأجانب، وأغلبهم في سن العمل، تقترب من النصف، مستفيدة من كافة أشكال الدعم تقريبا.
هل سيبحث مجلس الشورى قضايا حساسة تمس (عصب) المواطن، قبل أن تنفجر (أعصاب) ستجد الوقود حتما، أم أن أصحاب السعادة الأعضاء لن يكتمل نصابهم القانوني كما حدث في جلسات إقرار قوانين.. قبل أيام؟!