مونتفيديو - (د ب أ): لا يزيد التعداد السكاني لأوروجواي كثيرا عن الثلاثة ملايين نسمة ولكن عشق هذا البلد الصغير لكرة القدم التي تمثل الرياضة الأبرز في أوروجواي جعل الثلاثة ملايين مواطن يرتدون عباءة المدرب ويفكرون ويناتقشون ويقترحون ويتدخلون في عمل المدير الفني لمنتخب بلادهم.
ولكن أوسكار تاباريز 69 عاما المدير الفني الحالي نجح في التغلب على هذه المشكلة مع عودته لتدريب الفريق قبل عشر سنوات وقدم مع السيليستي مسيرة يحسده عليها كثيرون.
وقاد تاباريز منتخب أوروجواي في ثلاث نسخ من بطولات كأس العالم كما قاده في خمس نسخ من بطولات كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا) بخلاف عمله من قبل في تدريب 12 ناديا في أمريكا وأوروبا ليكون صاحب رقم قياسي في أوروجواي وفي أماكن عديدة بالعالم لعدد الفرق التي تولى تدريبها.
ولم تشهد المسيرة الناجحة لتاباريز أي أسرار حيث اعتمد المدرب الكبير دائما على العمل الجاد والبراجماتية (المذهب العملي) والقدرة على تشكيل مجموعات بشرية وإقناع اللاعبين بالإخلاص والالتزام في عملهم والتضحية من أجل الفريق رغم الصعوبات وأوجه القصور التي تعاني منها بنية كرة القدم في أوروجواي.
ومن المقومات التي اعتمد عليها تاباريز أيضا "التعامل مع المعاناة" و"عدم السقوط عندما يتقدم المنافس عليك" وهو ما ساعد فريقه على أن يتسم بالكفاح الشديد في الملعب حتى الثانية الأخيرة وعدم الاستسلام في أي وقت.
ورغم تدخل الجماهير ووسائل الإعلام بشكل سافر من قبل في عمل المدربين وارتداء عباءة الخبراء الفنيين، واجه تاباريو هذه المشكلة بواقعية وصبر منذ عودته لتدريب الفريق في 2006 حيث قدم مشروعا أطلق عليه "المؤسسية في إدارة المنتخبات الوطنية وتدريب اللاعبين" وأصر على تطبيق هذا المشروع على جميع المنتخبات بداية من الناشئين (تحت 15 عاما) .
وبعد عقود طويلة لم يحقق فيها منتخب أوروجواي أي نتائج جيدة على الساحة العالمية، أعاد تاباريز الفريق إلى الأضواء وبؤرة الاهتمام العالمي.
وكان منتخب أوروجواي فاز بالميدالية الذهبية لكرة القدم في دورتي الألعاب الأولمبيتين 1924 و1928 كما فاز منتخب أوروجواي بلقبي كأس العالم 1930 و.1950
وبعد إخفاقات عديدة على مدار عقود، أعاد تاباريز الفريق إلى المكانة التي يستحقها من خلال الفوز بالمركز الرابع في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا ليكون أول مركز متقدم للفريق في البطولات العالمية منذ مونديال 1970 بالمكسيك.
كما قاد تاباريز الفريق للفوز بلقب كوبا أمريكا 2010 بالأرجنتين كما أصبح الفريق حاليا في المركز التاسع بالتصنيف العالمي الصادر عن الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) وهو إنجاز رائع في ظل الفارق الهائل الذي يفصل وضع الكرة في أوروجواي عنه في بلدان أخرى مثل ألمانيا التي يبلغ عدد ممارسي اللعبة فيها والمسجلين بالاتحاد الألماني للعبة ثلاثة أمثال تعداد سكان أوروجواي كما يوجد فارق هائل بين ممارسي اللعبة في أوروجواي ونظرائهم في كل من البرازيل والأرجنتين.
وقال تاباريز : "في كرة القدم أيضا، هناك عالم أول وعالم ثالث" في إشارة إلى أن بلده ليست بين القوى الكروية العملاقة في العالم وأن هذا هو السبب في أن منتخب أوروجواي عانى أحيانا من أجل العودة لمكانته الطبيعية.
وبغض النظر عن نتائج الفريق في كوبا أمريكا 2016 التي تنطلق فعالياتها في الولايات المتحدة يوم الجمعة المقبل، سيواصل تاباريز مشروعه مع الفريق حتى كأس العالم 2018 بروسيا.
والحقيقة أن التحدي الحقيقي لأوروجواي سيكون في القدرة على استكمال هذا المشروع والعمل المثمر الذي قدمه تاباريز مع الفريق.