مسقط - سعيد الهاشمي
تجسداً لمكانة المحكمة العليا في المنظومة القضائية، وبتكليف سامٍ من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه- رعى المفتي العام للسلطنة سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي أمس افتتاح مبنى المحكمة العليا، بحضور عدد من أصحاب المعالي وعدد من أصحاب الفضيلة والسعادة.
وأكد سماحة الشيخ الخليلي في كلمة له أن العدل ضرورة ملحة وأن المؤسسة القضائية يجب أن تكون متميزة بالعدل والإنصاف وبالتقوى والنزاهة والأخلاق العالية فإنها مسؤولية أمام الله سبحانه وتعالى قبل أن تكون مسؤولية أمام الخلق وهذا ما يدعو إلى العناية والتعاون من قبل الكل من أجل إيتاء ذوي الحقوق حقوقهم من غير حيف على أحد ولا محاباة لأحد ولأجل هذا كان التوجه السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى ترسيخ العدل والإنصاف بين الناس وإلى إيتاء هذه المؤسسة القضائية مكانتها التي تليق بها وأن يجد فيها الإنسان الأمن والطمأنينة وأن يجد فيها المظلوم العدل والإنصاف.
وأشار سماحته إلى مكانة العدل في الإسلام وكيف جاء الإسلام لتوطيد العدل الذي هو ضرورة بشرية ملحة فإن الله سبحانه وتعالى فطر البشر على الاجتماع فكل إنسان هو مدني بطبعه اجتماعي بفطرته لابد أن يتواصل مع بني جنسه ومن خلال هذا التواصل تتداخل الحياة بمصالحها ومشكلاتها وهنا يكون التدافع والتجاذب وقد يؤدي هذا إلى خصام كبير وإن الفصل بين الناس ضرورة ملحة من أجل إعطاء كل إنسان حقه وقد أكد الله سبحانه وتعالى في كتابه على العدل في أكثر من مرة وبين أنه لابد منه، مستشهدا بقوله تعالى " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل".
صرح حضاري جديد
وقال رئيس المحكمة العليا نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء د. إسحاق بن محمد البوسعيدي في كلمته: إنه من دواعي السرور والابتهاج أن نحتفل بافتتاح صرح حضاري جديد في بلادنا العزيزة حيث تتعانق قبب الإيمان ومآذن الرحمن بصروح العدل والإحسان، ليشكل جامع السلطان قابوس الأكبر مع مبنى المحكمة العليا والمجلس الأعلى للقضاء لوحة حضارية مشرقة للترابط الوثيق بين الدين والعدل والأصالة والقيم والأخلاق، فلا ظلم ولا ظلام في بلاد العدل والأمان.
وأضاف البوسعيدي: تتربع المحكمة العليا في أعلى الهرم القضائي بالدولة، وتتجلى مهمتها في مراقبة مدى سلامة تطبيق المحاكم للشريعة والقوانين، ومتابعة صحة الإجراءات والقرارات القضائية، كما أنها تساهم في تطوير التشريعات الوطنية، وهي بذلك تحتل مكانة عظيمة في المجتمعات، وتعد مكونا أساسيا من مكونات الحضارة الحديثة التي لا تقوم إلا على وجود نظام عدالة مستقل وفعال يصون حقوق الانسان ويسير الجميع اللجوء إليه، ويسهم في بسط الأمن وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي ويكفل حق التقاضي في إطار منظم ومحدد.
وبين رئيس المحكمة العليا نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء أن إنشاء هذا المعلم البارز جاء ليدلل على اهتمام المقام السامي بكل مكونات الحضارة في هذا البلد العزيز، ودليلا على ثقافة المجتمع العماني وتقدمه وعدالته ويعكس جلال وجمال وهيبة العمارة العمانية والمكانة العالية للقضاء في السلطنة، حيث يتكون من ستة طوابق يتضمن مكاتب لأصحاب الفضيلة القضاة وأخرى لأمانة المحكمة ومكاتب لإدارة الادعاء العام بالإضافة إلى قاعات للانتظار والمداولة والاجتماعات وأربع قاعات للنطق بالحكم وهي مزودة بالحواسيب والشاشات وكافة التجهيزات الرقمية المرتبطة مباشرة بمرافق المبنى والتي يمكن ربطها الكترونيًا للبث المباشر مع المعهد العالي للقضاء ليتاح للقضاة الوقوف على أداء المحكمة العليا وغيرها من المرافق التي تساعد على ضمان حسن سير العمل بالمحكمة العليا.
وفي ختام حديثه شكر كل من ساهم في إقامة هذا الصرح الشامخ، وخص بالشكر المنشآت السلطانية التابعة لشؤون البلاط السلطاني وشرطة عمان السلطانية.
مؤسسة قضائية متطورة
وقال وزير العدل معالي الشيخ عبد الملك بن عبد الله الخليلي في تصريح له: إن تشييد مبنى المحكمة العليا على هذا النمط المعماري الفخم يعكس مكانة وأهمية القضاء في فكر القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- الذي أولى القضاء العناية والاهتمام الكبيرين، وسخر له الإمكانات الموضوعية والمادية ليصبح اليوم منظومة قضائية مؤسسة ناجزة وفق الأنظمة القضائية المتطورة في الدول المتقدمة وذلك بفضل منظومة التشريعات القضائية والقوانين المرافقة.
اشتمل حفل الافتتاح على عرض مرئي عن القضاء العماني وعدد من القصائد الشعرية. وفي الختام قام سماحة الشيخ المفتي العام للسلطنة والحضور بجولة في أروقة المبنى.
والجدير بالذكر أن المبنى الجديد يقع في الغبرة مقابل جامع السلطان قابوس الأكبر، وتوجد في المبنى قاعتان للندوات تتوفر بهما كافة الوسائل والتجهيزات الالكترونية إلى جانب أجهزة الربط التلفزيوني والبث الخارجي ومكتبة تستوعب مساحتها حوالي عشرة آلاف كتاب وقاعات انتظار للمحامين والمراجعين ومساحات كبيرة لخدمة المتقاضين.