دبلوماسيون وخبراء استراتيجيون لـ"الشبيبة": المبادرة المصرية تحريك لعملية السلام

الحدث الاثنين ٢٣/مايو/٢٠١٦ ٠٢:١٧ ص
دبلوماسيون وخبراء استراتيجيون لـ"الشبيبة":
المبادرة المصرية تحريك لعملية السلام

القاهرة- خالد البحيري

اتفق سياسيون ودبلوماسيين وخبراء استراتيجيون التقتهم "الشبيبة" على أهمية المبادرة التي أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من أجل تحريك عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدين أنها جاءت استجابة لعدة متغيرات إقليمية ودولية، فرضت بذل كافة المساعي من أجل تهدئة الوضع في منطق يتنازعها التطرف والإرهاب وتحيط بها التحديات من كافة الجهات.

ردود فعل إيجابية
وقالوا: إن احتمالات نجاح هذه المبادرة كبيرة للغاية، وقد ظهرت بشائر ذلك في رد الفعل الإيجابي، وزيارة جون كيري للقاهرة، وتصريحات بنيامين نتنياهو وكذلك رد فعل الفلسطينيين أنفسهم. وأضافوا أن مبادرة الرئيس السيسي، هي استثمار لنجاح مصر في استعادة السيطرة على ملفاتها الخارجية بعد أحداث الثالث من يوليو عام 2013، ونحاج الدبلوماسية المصرية في إعادة صياغة علاقاتها الخارجية على أساس من الندية والمنافع المشتركة، وليس التبعية.
وشددوا على أن الدور الأمريكي هنا مهم للغاية، ولا يمكن إنجاز هذا الملف دون دعم كامل من جانب واشنطن للقاهرة، ولذلك يتعين على أمريكا أن تقنع الجانب الإسرائيلي بأن هذه المفاوضات والمبادرة وما سينتج عنها من تسويات إنما هو لصالح إسرائيل قبل أن يكون للعرب.
وأوضحوا أنه يمكن قراءة هذه الدعوة في إطار جهود مصر من أجل تخفيف التوتر الدولي وتجفيف منابع الإرهاب وقطع الطريق على دعاة التطرف والعنف.

ذكاء المبادرة
وطالبوا أن تتفهم "حماس" وقيادتها حركة التاريخ وتعمل لصالح فلسطين وليس لصالح إقامة إمارة إسلامية في قطاع غزة.
وأكدوا أن ذكاء المبادرة تمثل في أن الرئيس تحدث إلى الشعب الفلسطيني والإسرائيلي وهذا أمر مهم سوف ينعكس بشكل إيجابيا على المبادرة، ومن ثم على أمريكا التقاط طرف الخيط مع مصر، والسعي نحو تحويل المبادرة لمفاوضات ومباحثات وسن القوانين على أرض الواقع.
في البداية يقول الدكتور مصطفى الفقي مساعد وزير الخارجية الأسبق: تمثل دعوة الرئيس السيسي لعملية لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، نقلة نوعية في سياستنا الإقليمية، وتعني الرغبة في استعادة الدور الريادي لمصر، باعتبارها صاحبة المواقف القومية في الصراع العربي الإسرائيلي، وهي أيضا صاحبة التضحيات الكبيرة، ولا نبالغ بالتعبير عن ذلك بأن "مصر هي القائدة في الحرب والرائدة في السلام".
وأضاف: تلقى الجميع المبادرة بكثير من الاهتمام نظرا لجديتها، وانطلاقها من مركز الثقل العربي وهي القاهرة، ولقيت ترحيبا على المستوى العربي والفلسطيني والإسرائيلي والدولي، وهذا يؤكد أن مصر قادرة على التواصل مع مختلف الأطراف، وأنها بدبلوماسيتها وقيادتها مركز ثقل إقليمي ودولي في المنطقة.
وأردف: لا شك أن الرئيس السيسي يدرك جيدا معاناة الشعب الفلسطيني، وبحكم الوعي يعلم جيدا أن للسلام ثمار التي يستفيد منها الجميع، كما أن الظرف التاريخي وتوغل الإرهاب في المنطقة، يدفع الجميع باتجاه تسويات عادلة وشاملة، تغلق الباب أمام مبررات الإرهاب التي تتخفى خلف القضايا القومية، أو الدوافع الدينية، ولذلك يمكن قراءة هذه الدعوة في إطار جهود مصر من اجل تخفيف التوتر الدولي وتجفيف منابع الإرهاب وقطع الطريق على دعاة التطرف والعنف.
واختتم بالقول: المبادرة المصرية هي خطوة ذكية ومحسوبة بعناية ولصالح جميع الأطراف وليس العرب وحدهم، ولا يعني هذا أننا نسعى لصالح طرف، فالسياسة تقوم على فن الممكن، والتنازل من كل الأطراف لصالح الكل، فلا يمكن لطرف أن يكسب كل شيء ويخرج الطرف الآخر "صفر اليدين"، والقرارات العظيمة والمصيرية في أغلبها مؤلمة والتاريخ خير شاهد على ذلك.

انقاذ الموقف
ويرى السفير نبيل بدر مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن بمبادرة الرئيس السيسي لإحياء عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، جاءت لإنقاذ الموقف وحل الازمة، وقال: ذكاء المبادرة تمثل في أن الرئيس تحدث إلى الشعب الفلسطيني والإسرائيلي وهذا أمر مهم سوف ينعكس بشكل إيجابيا على المبادرة.
وحث أمريكا على التقاط طرف الخيط مع مصر، والسعي نحو تحويل المبادرة لمفاوضات ومباحثات وسن القوانين على أرض الواقع.
وفي السياق قال اللواء أحمد عبد الحليم، أستاذ الاستراتيجية بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية: بدأت الدعوة إلى تحريك عملية السلام منذ مؤتمر القمة العربية في بيروت عام 2002، وقد أشار لها الرئيس السيسي في خطابه، لكن دعوة السيسي أكثر نضجا، وترتيبا، وملاءمة من حيث التوقيت والظروف الدولية والإقليمية الراهنة، ولذلك فور الإعلان عنها توالت ردود الفعل الدولية المؤيدة لها، وتجلى ذلك في إشادة عدة أطراف دولية من بينها الولايات المتحدة الأمريكية على لسان وزير خارجيتها جون كيري، الذي أشاد بالدعوة التي أطلقها الرئيس، إلى الفلسطينيين والإسرائيليين لإعادة إحياء عملية السلام، مثمناً الدور القيادي للرئيس وحرصه على المساهمة في التوصل لحل للقضية الفلسطينية، ومشيداً في هذا السياق بدور مصر التاريخي ومساهمتها في تحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط بوصفها دعامة رئيسية للسلام والأمن بالمنطقة.
وأضاف: العلاقات بين مصر وإسرائيل الآن تمكننا من إحراز تقدم في عملية السلام أكثر من أي وقت مضى، والدليل على ذلك أن اتفاقية كامب ديفيد غير مطبقة حرفيا، وكل أنواع القوات المصرية موجودة في سيناء، وهذا يعني إحساس إسرائيل بالأمن تجاه مصر، كما أن جميع الأطراف ذات الصلة أصبحت على يقين بأن التغيرات والتطورات في المنطقة تفرض حالة من الهدوء، وغلق الباب في وجه دعاة العنف والتطرف.
وتابع: يجب أن يعاد النظر في التوازنات الإقليمية مرة أخرى، مع مراعاة أن يكون الأمن لجميع الأطراف، فالصراعات والنزعات المسلحة تآكل ثمار التنمية، وتخلق فرصا مواتية وبيئة خصبة لنمو التطرف.
وأكد أن احتمالات نجاح هذه المبادرة كبيرة للغاية، وقد ظهرت بشائر ذلك في رد الفعل الإيجابي، وزيارة جون كيري للقاهرة، وتصريحات بنيامين نتنياهو وكذلك رد فعل الفلسطينيين أنفسهم.

استعادة الريادة
وفي السياق قال السفير جمال الدين بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق وآخر مدير لإدارة إسرائيل بوزارة الخارجية المصرية: مبادرة الرئيس السيسي لتحريك عملية السلام مع إسرائيل بعد فترة ركود طويلة، هي استثمار لنجاح مصر في استعادة السيطرة على ملفاتها الخارجية بعد أحداث الثالث من يوليو عام 2013، ونحاج الدبلوماسية المصرية في إعادة صياغة علاقاتها الخارجية على أساس من الندية والمنافع المشتركة، وليس التبعية، وتمثل ذلك في زيارات الرئيس المتعددة لكافة الأطراف الدولية مثل الصين والهند وأمريكا وجنوب أفريقيا ودول الاتحاد الأوروبي.
وأردف: هنا يطفو تساؤل مهم على مسرح الأحداث: لماذا قبلت إسرائيل المبادرة المصرية ورفضت مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي؟
ولعل الجواب يتمثل فيما تحمله المبادرة المصرية من عوامل قوة ومؤشرات نجاح، أبرزها أنها تنطلق من طرف عربي له قوة مؤثرة على المسرح الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى ارتكازها على مبادرة السلام العربية التي أطلقتها القمة العربية في بيروت عام 2002 وتبني العرب إلى أطروحة ولي العهد السعودي آنذاك الملك عبد الله بن عبد العزيز عليه رحمة الله، وهو ما يعني أن العرب ودول الخليج هم طرف فاعل وأصيل في المبادرة التي أطلقها السيسي، الأمر الذي جعل نتنياهو يأتي مسرعا للتفاوض حولها، فهو يعلم أنه يفاوض العرب جميعا، وهذا يثبت وجهة النظر المصرية التي تبناها الرئيس الراحل أنور السادات ولم يفطن العرب لأهميتها إلا بعد أكثر من عقدين من الزمان.
وتابع: لدينا معضلتين يتوقف على أساسهما نجاح المبادرة، الأولى تتمثل في الجانب الإسرائيلي، فهم ليسوا جهة موحدة، هناك من يرى منهم أن إسرائيل قد حصلت على أكثر مما تستحق وبالتالي يمكن التفاوض مع العرب وإقرار السلام بالمنطقة، والعيش في أمان مع جيرانها وهؤلاء نطلق عليهم في العرف السياسي "الحمائم" ومن هؤلاء شيمون بيريز، لكن على الجانب الاخر هناك متشددون "صقور" يرون أن حدود إسرائيل يجب أن تصل إلى أبعد مما هو حاصل الآن بكثير، ولذلك الدولة الوحيدة في العالم التي ليس لها خريطة حتى الآن هي إسرائيل، فهم لا يعرفون أو لا يريدون ان يفصحوا عن نيتهم الحقيقة تجاه الحدود التي يجب أن تتوقف عنها دولتهم.
واستدرك: نتنياهو أدرك ذلك وتم تسريب أخبار عن أنه قادم إلى مصر بصحبة زعيم المعارضة الإسرائيلية ليعطي انطباعا بأنهم موحدون وقادرون على التفاوض، بل وإنجاز وإنزال ما تم الاتفاق عليه على أرض الواقع.
المعضلة الثانية هي أن الجبهة الفلسطينية ليست موحدة بالقدر الكافي فهناك سلطة شرعية معترف بها دوليا متمثلة في حركة فتح والرئيس محمود عباس أبو مازن، وهذه أعلنت عن تأييدها للمبادرة المصرية وثقتها الكاملة في القيادة الحاكمة، ومستعدة لتنفيذ ما تصل إلى المفاوضات.. إلا أن فصيلا فلسطينيا وهو حركة حماس لا تزال تتشبث بالسلطة في قطاع غزة، ويمكن أن يكون لها أراء وحسابات مختلفة عن الطرف الفلسطيني الآخر، ولذلك أتمنى أن تتفهم الحركة وقيادتها حركة التاريخ وتعمل لصالح فلسطين وليس لصالح إقامة إمارة إسلامية في قطاع غزة.
وأختتم كلامه بالقول: الدور الأمريكي هنا مهم للغاية، ولا يمكن إنجاز هذا الملف دون دعم كامل من جانب واشنطن للقاهرة، ولذلك يتعين على أمريكا أن تقنع الجانب الإسرائيلي بأن هذه المفاوضات والمبادرة وما سينتج عنها من تسويات إنما هو لصالح إسرائيل قبل أن يكون للعرب.

تحرك إقليمي
وفي تعليق له على مبادرة الرئيس السيسي قال الدكتور عماد جاد في الشأن الفلسطيني والإسرائيلي، إن ما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي حول القضية الفلسطينية يشبه مبادرة الرئيس الراحل محمد أنور السادات لزيارة إسرائيل.
وأضاف أن كلمة الرئيس السيسي لها دلالتان، إحداهما أنه لأول مرة هناك تحرك مصري إقليمي قوي، وهو مؤشر لتماسك داخلي وعودة التحرك المصري الفاعل الخارجي، والدلالة الثانية، أن كلمات الرئيس يمكن ان تعادل مبادرة الرئيس السادات لزيارة إسرائيل، مشيرا إلى أن السيسي خاطب بصورة مباشرة للمجتمع الإسرائيلي.
وأوضح أن مبادرة الرئيس السيسي موجهة للحكومة والأحزاب والمجتمع الإسرائيلي، وبالتالي يمكن أن تعادل تأثير مبادرة السلام، مضيفا أن نتنياهو سيقبل كلمات الرئيس السيسي ولن يضع عليها أي شروط، في الوقت الذي تحفظت فيه حماس على المبادرة، مشيرا إلى أن نتنياهو قد يعلن أن الجانب الفلسطيني يرفض السلام، وذلك بعد تحفظها على المبادرة.
وعن إمكانية زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقاهرة، قال إن ذلك سيسعده، مشيرا إلى أن ذلك يعنى أن مصر تعود لدورها التاريخي، موضحا أن المردود السياسي للزيارة في الداخل سيكون قويا ولكنه سيعطي قوة لمصر.

-*-*
وفد فلسطيني إلى القاهرة لتفعيل ملف المصالحة
غزة - علاء المشهراوي
كشف القيادي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ورئيس وفدها للمصالحة عزام الأحمد النقاب عن أن وفداً برئاسته سيتوجه نهاية الشهر الجاري للقاهرة للقاء مسئولين مصرين بهدف تحريك ملف المصالحة ومناقشة دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتحريك عملية السلام مع إسرائيل.
واكد الأحمد في تصريح صحفي خاص إن حركته لم تحدد موعداً لزيارة الوفد للقاهرة حتى الآن نافياً أن تكون الزيارة خلال الشهر الحالي حسب ما أوردت بعض الوسائل الإعلامية. وترددت انباء مفادها بان المخابرات المصرية أبلغت وفد حركة الجهاد الإسلامي المتواجد بالقاهرة إرسالها دعوات لحركتي فتح وحماس نهاية هذا الشهر لزيارة العاصمة المصرية القاهرة ، للبدء بتنفيذ إتفاقي القاهرة والشاطيء للمصالحة ، والإعلان فوراً عن تشكيل حكومة وحدة وطنية وفتح معبر رفح البري.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال في كلمه له إن هناك فرصة حقيقية لإقامة سلام حقيقي وأمن واستقرار بين الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني، اذا ما كان هناك تجاوب حقيقي مع الجهود العربية والدولية للسلام.
وأبدى الرئيس المصري استعداد بلاده للعب دور الوسيط بين الفلسطينيين والاسرائيليين في هذا الصدد، معرباً عن أمله في وحدة الفصائل الفلسطينية، وتحقيق مصالحة حقيقية وسريعة.
وفي 23 أبريل 2014، وقعت حركتا "فتح" و"حماس" (أكبر فصيليْن على الساحة الفلسطينية) اتفاقاً للمصالحة نصّ على تشكيل حكومة وفاق، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن. الى ذلك رحب عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين زياد جرغون، بالدعوة المصرية لزيارة القاهرة، معتبراً هذه الدعوة تأكيد على دور مصر الهام في الشأن الفلسطيني وخاصة في ملف المصالحة الفلسطينية.
وطالب جرغون القيادة المصرية بدعوة كافة فصائل العمل الوطني وخاصة الموقعة على اتفاق وقف إطلاق النار بالقاهرة عام 2014، لوجوب مناقشة اتفاق التهدئة إلى جانب المصالحة في ظل عدم التزام دولة الاحتلال لما جرى الاتفاق عليه والمتمثل في فتح المعابر ورفع الحصار وإعادة اعمار قطاع غزة. وحمل القيادي في الجبهة الديمقراطية طرفي الانقسام في حركتي فتح وحماس تداعيات استمرار حالة الانقسام المدمر، مشدداً على ضرورة إنهاء الانقسام فوراً لمواجهة حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة ووزير حربه افيغدور ليبرمان وتبني إستراتيجية وطنية بديلة تضمن انتشال قطاع غزة من أزماته.وأضاف جرغون: الانقسام يشكل عاملاً مدمراً ومعطلاً للوصول إلى إجماع وطني حول خيار الانتفاضة باعتباره خياراً سياسياً وطنياً بديلا.