
ترتبط الشفافية إرتباطا وثيقا بالثقة في علاقة طردية بينهما فكلما زادت الشفافية زادت الثقة والعكس صحيح وهذا ينطبق على الافراد والمجتمعات والمؤسسات ويقصد بالشفافية الوضوح والصراحة والصدق ، فالشفافية مفهوم يستند على الوضوح والانفتاح في تداول المعلومات ونقلها واتخاذ القرارات، وتعتبر الشفافية من الركائز الأساسية للحوكمة الرشيدة والمساءلة، وقد نشأ هذا المفهوم منذ قرون عديدة في السياقين السياسي والاقتصادي، وتطور بشكل ملحوظ مع ثورة المعلومات ، وتهدف الشفافية إلى مكافحة الفساد وتعزيز الثقة العامة وتحسين جودة السياسات والقرارات عبر إشراك المواطنين وتمكينهم من الرقابة على الأداء العام.
أما على الصعيد المؤسسي، فتعرفها منظمة الشفافية الدولية بأنها: "صفة تميز الحكومات والشركات والمنظمات والأفراد، تقوم على مبدأ الانفتاح والإفصاح عن المعلومات، بما يشمل القواعد والخطط والإجراءات وآليات العمل"، و الشفافية عنصر أساسي في تحقيق مجموعة من الأهداف السياسية، من بينها مكافحة الفساد وضمان التمويل العادل للحملات الانتخابية وتعزيز الديمقراطية داخل المؤسسات السياسية والحد من الصراعات الدولية.
وفي مجال الأعمال، فتعتبر الشفافية وسيلة للحد من الاحتيال المؤسسي ومنع تسلل الجريمة المنظمة أو التدخلات ذات الطابع السياسي، إضافة إلى تقليل مخاطر الأزمات المالية، وتهدف الشفافية إلى أن تكون وسيلة لردع الممارسات الفاسدة، والحد من الإشاعات فعندما تكون جميع جوانب عملية اتخاذ القرار مرئية للعامة، يقل احتمال مرور الأنشطة غير المشروعة دون ملاحظة.
إضافة الى أن الشفافية تسعى إلى تعزيز الشمولية عبر إتاحة المعلومات للجميع، فتضمن أخذ تنوع وجهات النظر بعين الاعتبار، مما يؤدي إلى قرارات أكثر توازنا وعدالة ، كما تتحسن جودة القرارات نتيجة خضوع العملية لمراجعة أوسع ونقد بناء، بفضل مشاركة عدد أكبر من الأطراف في الاطلاع عليها وتقييمها.
وعكس الشفافية الغموض وعدم الوضوح والتي ينتج عنها الإشاعات وعدم مصداقية وفوضى في تفسير بعض القرارات والقوانيين من قبل جهات وهيئات وافراد ليس لهم علاقة بالموضوع تكون معلوماتهم او تفسيراتهم مبنية على قناعات شخصية وقد ظهر ذلك جليا قبل وبعد توقيع السلطنة لإتفاقية الشراكة الاقتصادية مع الهند مؤخرا فقد سبقها الكثير من التفسيرات وردود الافعال نتيجة لعدم وجود شفافية حيث كثر حولها القيل والقال عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وقد ضجت مجموعات الواتسب بالعديد من التعليقات والتفسيرات وردود الافعال الغير مستندة على مصادر رسمية الى أن جاء اللقاء الصحفي لمعالي وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار الذي ازاح بعض الغموض وكشف عن بعض الحقائق حولها،
من هنا نقول أنه حان الوقت ان تكون هناك شفافية ووضوح من قبل الجهات الرسمية في توضيح الحقائق للمجتمع فالنسبة لاتفاقية الشراكة مع الهند كان ينبغي ان يكون هناك مؤتمر صحفي حتى قبل توقيع الاتفاقية لشرح بنودها والمزايا التي يمكن ان تحصل عليها السلطنة من هذه الاتفاقية والرد على اسئلة واستفسارات الصحافة والمهتمين بالشأن الاقتصادي
جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه -دائما يؤكد على أهمية توضيح الحقائق للمواطنيين وكان اخرتوجيهاته في اللقاء الاخير مع رئيس واعضاء مجلس الدولة حيث أكد على أهمية التفاعل مع قضايا المجتمع والتحديات القائمة، وإيصال الرسائل الصحيحة المناسبة بشأن القضايا المطروحة في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وتوضيح الجهود المبذولة وما تحقق من منجزات ومكتسبات على المستوى الوطني ورفع مستوى الوعي المجتمعي.
ورغم أنه تم تعيين متحدث رسمي في اغلب الوحدات والمؤسسات الحكومية الا انه للاسف الشديد هولاء المتحدثين لم نسمع لهم صوت ولا ظهور عبر وسائل الاعلام المختلفة الا ما ندر وهذا يدعونا للتساؤل هل هذا ناتج بسبب عدم اعطاء صلاحيات لهم او بسبب شح المعلومات ام الخوف من ردود الافعال والتعليقات من قبل بعض من يتصيدون الاخطاء احيانا ؟؟ واخيرا نقول لابد من تعيين متحدث رسمي بإسم مجلس الوزراء يكون ملم بكافة السياسات والتوجهات ولديه القدرة على الرد على الأسئلة والاستفسارات وان يظهر على الاقل في الشهر مرة واحدة يتحدث عن أخر المستجدات والتوجهات والقرارات التي تصدر عن المجلس من هنا نستطيع كبح جماح الاشاعات والحد من نشرالاخبار المغلوطة وتأجيج الرأي العام بشأنها وسوف تزاد الثقة لدى المواطن بسبب المصداقية في توضيح الحقائق.