
بالحبر السري..
في علم تطوير الرياضة، لا تُقاس قوة المنتخبات بالنتائج الآنية فقط، بل بعمق القاعدة، واستدامة النظام، وعدالة الفرص. كرة القدم الحديثة لم تعد لعبة موهبة فحسب، بل منظومة علمية تبدأ من سن مبكرة، وتُدار بالأرقام، وتُقاس بالمخرجات على مدى سنوات.
ومن هذا المنطلق، فإن السؤال الحقيقي ليس: هل تستطيع الكرة العُمانية العودة؟
بل: هل نملك الشجاعة لتغيير النموذج؟
الإجابة، وبكل وضوح: نعم نستطيع..إذا عملنا علميًا لا انطباعيًا.
الحل يبدأ من القاعدة..لا من القمة..
المنتخبات القوية لا تُصنع في عام أو عامين، بل عبر برنامج وطني طويل المدى، يبدأ من الأعمار الصغيرة.
الحل الواقعي يكمن في:
اولا: بناء قاعدة كروية واسعة:
• إشراك ما بين 5,000 إلى 7,000 لاعب سنويًا
• في جميع الفئات العمرية من 7 إلى 16 سنة
• على مدار 8 سنوات متواصلة
هذا الرقم ليس ترفًا، بل الحد الأدنى لصناعة منافسة حقيقية تكشف الموهبة وتُصقلها.
ثانيا :فلترة علمية لا عاطفية:
من هذه القاعدة الواسعة يتم:
• اختيار أفضل 200 لاعب سنويًا
• إخضاعهم لبرنامج تطوير داخل مختبر علمي كروي
• بإشراف مختصين في:
• علم التدريب
• الفسيولوجيا
• التحليل الرقمي
• علم النفس الرياضي
وهنا تتحول الموهبة إلى مشروع لاعب دولي.
الدوري..هو المصنع الحقيقي
ثالثا: دوري أكاديميات طويل وقوي:
• إقامة دوري للفئات السنية للأكاديميات
• بنظام طويل شبيه بـ دوري جندال
• يلعب اللاعب:
• من 18 إلى 26 مباراة في الموسم
رابعا :دوري الفئات السنية للأندية:
• بنفس النظام التنافسي
• بنفس عدد المباريات
• بنفس الجدية الإعلامية والتنظيمية
لأن اللاعب لا يتطور بالتمرين فقط، بل بالمباراة التنافسية المستمرة.
النتيجة الطبيعية لهذا المسار:
• التأهل المنتظم إلى:
• كأس آسيا للناشئين
• كأس آسيا للشباب
• ثم:
• التأهل إلى كأس العالم للناشئين والشباب
• ومن ثم:
• منتخب أول قوي قادر على المنافسة خليجيًا، عربيًا، وآسيويًا
نماذج عالمية تؤكد أن الطريق صحيح:
• ألمانيا بعد إخفاق يورو 2000:
• أنشأت أكثر من 360 مركز تكوين
• فرضت أكاديميات إلزامية
• النتيجة: كأس العالم 2014
• بلجيكا:
• دولة صغيرة بعدد سكان أقل من عُمان
• ركزت على الأعمار من 6–12
• خرجت جيل: هازارد، دي بروين، لوكاكو
• تصدرت تصنيف الفيفا لسنوات
• اليابان:
• أكثر من 5000 أكاديمية مدرسية
• دوري فئات سنية قوي
• حضور دائم في كأس العالم
• آيسلندا:
• عدد سكان أقل من 400 ألف
• استثمرت في القاعدة والملاعب المغطاة
• تأهلت لكأس العالم وأقصت منتخبات عريقة
القاسم المشترك؟
قاعدة واسعة + منافسة + علم + صبر.
الدوري المحلي..القلب النابض:
لا يمكن فصل تطوير المنتخب عن:
• تقوية دوري جندال
• جماهيريًا
• فنيًا
• إعلاميًا بصورة إيجابية
الدوري القوي يصنع:
• لاعبًا واثقًا
• مدربًا أفضل
• منتخبًا أكثر جاهزية
المنتخبات..يجب أن تلعب طوال العام:
• استمرار لعب:
• المنتخب الأول
• الأولمبي
• الشباب
• الناشئين
• عبر:
• مباريات ودية دولية
• تنظيم بطولات مثل كأس الصداقة
• بمشاركة منتخبات عالمية ومدارس كروية مختلفة
الاحتكاك الدولي ليس رفاهية..بل ضرورة.
الخلاصة..
نعم، تستطيع الكرة العُمانية العودة إلى الواجهة..لكن ليس بالحلول السريعة، ولا بردود الفعل، ولا بالرهان على جيل واحد.
العودة تبدأ من الطفل، تمر بالمنافسة، تُدار بالعلم، وتُحصد بالصبر.
إذا امتلكنا الرؤية..والالتزام..والجرأة على التغيير..
فإن السؤال سيتحول من: هل نعود؟
إلى: ننافس بقوة..؟